قريباً .. موسم الهجرة جنوباً
كتب: طلحة جبريل
تفيد توقعات يعتد بها أن حركة الهجرة في العالم بعد إنحسار هذه الغمة، ستكون مغايرة تماماً لحركة الهجرة قبل أن يصبح العالم برمته “خلف الجدران” تفادياً لفيروس لعين.
كانت حركة الهجرة من قبل في اتجاهين.
عبر البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا ، سواء من إفريقيا أو منطقة الشرق الأوسط، حتى تحول هذا البحر إلى أكبر “مقبرة” في التاريخ.
و بشأن هذه الظاهرة من أجمل ما قرأت عن هجرة الشبان الأفارقة نحو أوروبا، تعليق فليبي غونثاليث الزعيم الاشتراكي الاستثنائي الذي تولى رئاسة الحكومة الاسبانية عبر صناديق الاقتراع من عام 1982 وحتى عام 1996، قال غونثاليث”إذا كنت مواطنا إفريقياً وعمري عشرين سنة ووجدت نفسي في وضعية مهاجر، وإذا حدث وأن أعادوني وكان لي حظ النجاة من الغرق، فإنني سأحاول العودة مجدداً بعد شهر”.
مسار الهجرة الثانية كان في أميركا اللاتينية من دول الجوار الأميركي و”جمهوريات الموز”، حيث هاجر كثيرون نحو”أرض الأحلام ” لكن في معظم الأحيان ظلوا يطاردون هذه الأحلام دون جدوى.
في الماضي كان تعبير “الفرار الى الغرب” من التعابير الشائعة قبل إنهيار الكتلة الشرقية،وتحطيم جدار برلين في عام 1989.
كان معتاداً ايامئذٍ أن يستغل أحد مواطني “شرق أوروبا” فرصة وجوده في إحدى عواصم أوروبا الغربية، فيقرر طلب اللجوء السياسي وتتناقل وكالات الأنباء الخبر، وتقول ان فلاناً” فرإلى الغرب”.
كان التعبير ايحائياً، إذ أن الفرار لا يتم إلا من مكان إقامة إجبارية.. سجن أو معتقل مثلاً. ظل الإعلام في أوروبا يتعمد الإيحاء بأن لا حريات في الكتلة الشرقية، والى حد كبير كان ذلك صحيحاً.
ثم جاء زمن أصبح فيه “الفرار الى الغرب” شأناً عربياً تماماً. سياسيون وناشطون وعلماء وخريجون وعاطلون يصطفون أمام أبواب السفارات الأجنبية في العواصم العربية للحصول على تأشيرات تحت أي مبرر. بل ان كثيرين يحاولون “الفرار الى الغرب”، حتى بدون تأشيرة.
أطلعت على دراسة ملفتة عن الهجرة عبر المتوسط تبين إن الجانب الإقتصادي يأتي في المقدمة ، وفي الأخير الاعتبارات السياسية ، مثل التضييق أو الشعور بعدم الأمان.
ما يلفت الإنتباه أن عدد المهاجرين الذين يبحثون عن”التعليم” محدود جداً.
في أواخر حقبة الثمانينيات أدت ثلاث عوامل الى حركة هجرة نشيطة تسارعت وتيرتها. كانت هذه العوامل هي الأوضاع السياسية (حروب أهلية و انقلابات وصدامات مسلحة لانتزاع السلطة) وتدهور الأوضاع الإقتصادية، وجاذبية النمط الاستهلاكي في أوروبا.
أختم لأقول إن هجرة ما بعد كورونا، سيكون سببها البحث عن بيئة سليمة، لذلك لا نستبعد أن يعود أوربيون كثر إلى القارة الأفريقية، ولا أعرف ماذا سنطلق عليهم هذه المرة.