إستقـــلال جبـــال النوبـــة_فن الممكن!

0 64
كتب: آدَمْ أجْـــــــــــــرَىْ
.
ثمة قطاع معتبر من جمهور جبال النوبة لديه قناعة أن إستقلال إقليمهم سيضع حداً لصدامه الدهرى مع شبه الدولة السودانية. ذلك أنه واظب على معاركة جيوش متنوعة قوامها سودانيون شركاء نظم مختلفة: ترك، مهدية وإنجليز كما أن تطاحنه مع الجيش السودانى يعد واحداً من أعنف وأطول مواجهاته. القاعدة المستنبطة هنا تفيد بأن الإسلاموعروبية بإمكانها التحالف مع الشيطان ضد جبال النوبة، وقد حدث حتى فى الصراع الأخير، ظهر مجاهدون أجانب فى ساحتها، أحضرت لها قوة إيرانية، العراقيون شاركوا فى معارك تلشى، الدين شكل حضورا وصب الزيت فى ساحات المعارك. بذلك ومع الأخذ فى الإعتبار مسائل الهوية والثقافة، يكون الإقليم قد بنى ما يكفيه من الحجج للترافع بها فى مسألة الإستقلال. نؤكد أن الدولة السودانية ببنيتها الحالية غير مناسبة لبقائه فيها ما لم تحدث تحولات جذرية. ودونكم الحق الأممى الواضح فى هذا الشأن. لكن بمراجعة ملابسات قرار سياسيى جبال النوبة بالإتجاه رفع السلاح عام ١٩٨٦م -مجرد ملاحظة- تزامن مع المحاولة الانقلابية الشهيرة التى قادها الأب فيليب عباس غبوش، شارك فيها قادة كثر ضمنهم: دانيال كودى، خميس جلاب، يونس أبوصدر منزول، كانوا يسعون إلى إجراء تصحيحات فى شكل الدولة، لكنهم فشلوا فسلكوا طريقهم للوصول إلى يوسف كوة الذى أرسل إلى جون قرنق -قبل شهور- لمهمة أساسية وهى التأكد من صحة ما جاء فى منفستو الحركة الشعبية وأنها بالفعل وحدوية، ذلك أن مبدأ جبال النوبة هو البقاء والمشاركة فى حكم السودان مشاركة حقيقية. حتى الحركة الشعبية كان التيار الانفصالى موجوداً، وهو الذى أوقع المفاصلة الكبرى عام ١٩٩١م. وفى هذا التحول الزلزالى إختارت جبال النوبة كفة الوحدويين بل كانت أساسها، تفادت تماماً السعى إلى إجراء أى تفاهم مع رياك مشار لتوسعة أرضية الإنفصال. بسبب هذا الموقف ضرب عليها الحصار من جهتين -جنوباً بواسطة الإنفصاليين الجنوبيين، وشمالاً بواسطة الدولة الإسلاموعروبية، وحلت بها الكوارث. نؤكد مرة ثانية أن جبال النوبة – وأى إقليم- ستكون فى حالة أفضل إن تخلصت من كوابح هذه الدولة. التحدى الذى يواجهه أصحاب أطروحة الإستقلال هو الكيفية التى سيحققونه بها فى منصة حركة قائمة على الوحدة وما زالت متمسكة بها رغم وقوع إنقسام الدولة. الجنوبيون فرغوا من بناء قضيتهم الإنفصالية منذ حرب أنانيا-ون، شكلوا جيشاً عاركوا به المركز، صادموا الوحدويين منهم، عقدوا إتفاق سلام مع المركز مرروا بها ممارسة حق تقرير المصير فى ما عرف بإتفاقية السلام من الداخل، أقبلوا عائدين إلى نفس الحركة الشعبية عندما لاحت فى الأفق إمكانية الإتفاق على ما يريدونه، أخيراً وُضِعت صناديق الإقتراع والشعب حسم الأمر. أصحاب هذا المبدأ فى الجنوب فعلوا الكثير، وأصحاب نفس المبدأ فى جبال النوبة لم يفعلوا شيئاً، لم يستقلوا بأنفسهم فى تنظيم سياسى، إنما يواصلون العمل فى منصة حزب يربط ممارسة تقرير مصير كل الأقاليم السودانية بالتراجع عن علمانية الدولة. هذا يجعل عملياً رهانهم مرتبطاً بحماقة المركز، برفضه العلمانية وتمسكه بالدولة الإسلاموعروبية. أو سيكون عليهم إنتظار جولة ثانية تأتى بعد الفترة الانتقالية، عشية وصول نواب جبال النوبة إلى برلمانهم الأقليمى، وإصدارهم قرارات مؤيدة لإجهاض الوحدة، ساعية إلى الإستقلال. عندئذ سيكونون النواة الأولى لبناء هذه القضية وسيجد المنادون بالإستقلال منبراً وكياناً سياسياً يلتفون حولهما!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.