العملية السياسية تخطو للأمام رغم العراقيل
كتب: بابكر فيصل
شهد الأسبوع الماضي تطورات كبيرة مرتبطة بالعملية السياسية التي تأسست على الاتفاق بين المدنيين والعسكريين وتبلورت في الاتفاق السياسي الإطاري الموقع بين الطرفين في الخامس من ديسمبر 2022، والذي سيفضى إلى الوصول لاتفاق نهائي يحكم الفترة الإنتقالية ويؤدي لخروج الجيش من السياسة وتكوين حكومة مدنية بالكامل.
وقد تمثلت أبرز تلك التطورات في الزيارة المشتركة التي قام بها ستة من المبعوثين الدوليين للخرطوم، يمثلون الولايات المتحدة الأميركية، المملكة المتحدة، النرويج، فرنسا، المانيا، والاتحاد الأوروبي، حيث عقدوا سلسلة من اللقاءات كان أبرزها اجتماعهم بالقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري وممثلين عن لجان المقاومة والمجتمع المدني إلى جانب المكون العسكري.
في أعقاب الاجتماعات أصدر المبعوثون بياناً أكدوا فيه دعمهم الكامل للإتفاق الإطاري بوصفه (أفضل أساس لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، ووضع ترتيبات دستورية لفترة انتقالية تتوج بالانتخابات)، كما أعربوا عن رفضهم المطلق لمحاولات خلق (العمليات السياسية الموازية) التي تهدف لتقويض الإتفاق الإطاري.
ومن ناحية أخرى، فقد استمر انعقاد مجموعات العمل لمناقشة القضايا الخمس التي أشار لها الاتفاق الإطاري حيث بدأت يوم الأحد الماضي جلسات مؤتمر خارطة الطريق للاستقرار السياسي والأمني والتنمية المستدامة بشرق السودان بمشاركة واسعة من أصحاب المصلحة، وذلك بعد أن عقدت مجموعات العمل حول قضيتي تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، واتفاق جوبا للسلام.
كذلك استمر النقاش بين كتلة الموقعين على الإتفاق الإطاري وثلاثة من التنظيمات التي لم توقع عليه، وهي حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان (جناح مناوي)، واللتان تمت المناقشة معهما باعتبارهما أطرافاً في اتفاق جوبا للسلام فضلاً عن طرف من الحزب الاتحادي الأصل الذي تم اعتباره ضمن قوى الانتقال، حيث تم الاتفاق على توقيع إعلان سياسي يستند إلى مرجعية الإتفاق الإطاري.
وفي هذا الخصوص فقد استمرت الحملات الإعلامية المضللة التي هدفت لتصوير النقاش مع هذه التنظيمات وكأنه حوار مع كتلة تطلق على نفسها اسم “الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية”، وهي حملات تهدف للتشويش على الموقف المبدئي لتحالف الحرية والتغيير الذي ظل يؤكد أن أطراف الاتفاق الإطاري قد تم تحديدهم سلفاً ولا مجال لإضافة أي أطراف أخرى تسعى لتحطيم الاتفاق عبر إغراقه بعشرات الأجسام.
وكذلك لا تزال القوى المضادة للثورة تواصل جهودها الهادفة لإفشال الاتفاق وإجهاض الإنتقال حيث استمر تكوين وهيكلة المليشيات القبلية متزامناً مع نشاط واضح لقيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول في الولايات بهدف إعادة تنظيم عضويتهم والتنسيق مع بقية القوى المضادة للثورة وحشدهم لتحقيق هدفهم المنشود والمتمثل في الدعوة للانتخابات المبكرة في حال تعثر جهود إعاقة الوصول للاتفاق النهائي.
أمام هذه الفرص الكبيرة المتاحة للوصول للاتفاق النهائي، وفي مقابل المهددات التي تواجهه، تقع على عاتق القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، وتحالف الحرية والتغيير على وجه الخصوص أعباء ومسؤوليات ينبغي القيام بها آخذين في الإعتبار الدور الحاسم الذي يلعبه عامل الوقت في استغلال هذه الفرص المتاحة.
لا بد من الإسراع في إكمال الورش ومجموعات العمل المتبقية في أقرب وقت، بالإضافة لمضاعفة الجهود المبذولة لحشد أكبر قوى داعمة للاتفاق والاستمرار في تعزيز قنوات الحوار المفتوحة مع مختلف قوى الثورة بما في ذلك لجان المقاومة بهدف تكامل الأدوار وقفل الأبواب أمام مخططات القوى المضادة للثورة.
وكذلك ينبغي مواصلة العمل السياسي والإعلامي و الدبلوماسي المستمر بهدف إبطال كل الحجج التي يسوِّق لها فلول النظام البائد حول عدم شمول الاتفاق الإطاري واقتصاره على قوى محدودة، وهي الحجة التي تهدف إلى إجهاض الاتفاق عبر ضم لافتات حزبية ومدنية مصنوعة تخدم أهداف القوى المضادة للثورة.
لا شك أن الأسبوعين القادمين سيكونان حاسمين في مسار العملية السياسية، حيث يتوقع حدوث اتخاذ خطوات تعبد الطريق لتوقيع الاتفاق النهائي والشروع في عملية اختيار رئيس الوزراء ورأس الدولة (المجلس السيادي) تمهيدا لتشكيل الحكومة الانتقالية الثالثة التي ستحمل عبء تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الاتفاق السياسي حتى تصل البلاد للانتخابات العامة التي تؤسس للشرعية الدستورية ولعملية التحول المدني الديمقراطي.