المفتي الفاضي يصبح “قاضي”

0 43

كتب: جعفر عباس

.

قبل سنوات كاد د. عزت عطية رئيس قسم الحديث في الازهر أن يخرب بيتي وذلك عندما أفتى بأن رضاع الموظف من زميلته في العمل خمس رضعات مشبعة ضروري كي يكون وجودهما في مكان العمل سويا جائزا دون ان يكون الشيطان ثالثهما، وكتبت وقتها مقالا تناقلته صحف مصرية الكترونية سألت فيه عزت بيه هذا: هل ارضع من زميلتي أمام زملائي الآخرين ام نذهب انا وهي الى مكان معزول؟ فتساءلت أم الجعافر بدورها: بتسأل ليه يا قليل الحياء؟ فقلت لها: لا حياء في الدين، فصاحت: عزت عطية ذات نفسه قليل حياء. والمهم انها لم تخلعني كزوج، ولكن سؤالها ذاك “خلعني” باللهجة السودانية.

ثم جاء الدور على د. سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن في الأزهر الذي قال ان كل طلاق حدث في مصر كأن لم يكن وباطل، لأن المصري يقول لمن يريد طلاقها: أنت طالئ وليس طالق ويقول طلأتك بالثلاثة، وسألته هل حج المصري مقبول وهو يعلن النية: نويت “الحق”؟ ولكنه تجاهل سؤالي.
وعندما غزا الجراد مصر قبل سنوات اجتمعت لجنة الفتوى بالأزهر، وناشدت المواطنين المصريين الإسهام في القضاء على الجراد باصطياده و… أكله.. والجراد يؤكل في كثير من البلدان وهو غني بالبروتين والدهون ومن المستحسن أكله مقرمشا بعد قليه بالزيت (لأن الشواء المباشر لا يترك فيه شيئا يمكن أكله) وطعمه أفضل من طعم الضفادع التي أوصانا مأمون حميدة بأكلها، ولكن الجراد الذي يصول ويجول في مختلف أنحاء إفريقيا ضار بالصحة لأنه سام، لتعرضه للرش بمختلف أنواع المبيدات حتى صار يتمتع بحصانة ضد معظمها. ومن يأكل الجراد يأكل معه بالضرورة بعضا من السموم التي يحملها.
ولم يسبق لي أكل الجراد رغم أنني أكلت أشياء أكثر “قرفا” منه، ورأيته معروضا محمرا ومقرمشا في كوستي وسوق أبو جهل في الأبيض، ما استوقفني فيما صدر عن شيوخ الأزهر هو أنهم افترضوا ان اكل الناس للجراد كفيل بالقضاء عليه، ولكن هب أن الجراد الذي هاجم مصر كان بكامل صحته وقواه العقلية ولياقته البدنية: كيف يمكن أن يسهم أكله في مكافحته؟ بعبارة أخرى لماذا لم يناشد الأزهر المواطنين السعي لقتل أكبر كمية ممكنة من الجراد و… بس.. دون حثهم على أكله مقليا أو بالبشاميل! ولكن حتى مثل هذه المناشدة ستكون بلا طائل. ففي كثير من الدول تفشل أسلحة الجو والدبابات والمدفعية في مكافحة الجراد رغم استخدامها المقاتلات وطائرات النقل وقذائف الهاون والمورتر في القصف! وقد شهدت خلال رحلة عمري أكثر من عشر غزوات جراد، كان نصيب الفرد الواحد من بني البشر منها نحو مليون جرادة، فسرب الجراد الواحد يكون أكثر كثافة وسمكا من السحب الركامية ويتألف من نحو بضعة مليارات من تلك الحشرات العجيبة… يعني لو قام كل آدمي يتعرض بلده لغزو الجراد بأكل عدد منه، فإنه في أفضل الأحوال لن يتمكن من أكل أكثر من 100 واحدة.. بعبارة أخرى سيبقى من نصيب الفرد من الجراد نحو 900 ألف على أقل تقدير.. وطبعا ما من عاقل سيقوم بتخزين الجراد في الثلاجة.. ثم إن أكل الجراد لا يليق بكل الناس: هل يعقل مثلا أن تقوم ندى القلعة او كمال ترباس بأكل جراد محمر؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.