تأملات صحافي أمام البحر

0 67

كتب: طلحة جبريل 

.

البحر هو البحر. في الرباط أو العيون تتلاطم أمواجه، حتى لتخال أن تلك الأمواج تتقافز طرباً ونشوة.
تحلق طيور النورس وتزقزق بأصواتها المرتفعة في المدينتين، إذ إنه طائر صاخب، يتغذى من الأسماك، وبعض الموسوعات تفيد بأنه ينظف الشواطئ لأنه يتغذى من بقايا وفضلات ترمى على الشواطئ. طائر يتغير ريشه تبعاً لعمره، لكن يطغى عليه اللون الأبيض.
كانت وجهتي في الرباط”المتحف الوطني للفوتوغرافيا” في برج”غوتنبورغ” بحي المحيط . يحتضن المتحف هذه الأيام معرض” نظرة على الفتوغرافيا المغربية المعاصرة”.ليست لغتي ولكنها لغة “مؤسسة المتاحف”.
لا توجد صور كثيرة في المعرض، لذلك لم تستغرق الجولة وقتاً طويلاً.
رحت أتأمل البحر وأمواجه التي تقفز أو تلك التي تتكسر على صخور الشاطئ . كان هناك عشاق يتهامسون في يوم خريفي الطقس، لكنه ليس ماطراً.
في العيون ذهبت إلى شاطئ البحر رفقة كل من محمد وافد وتقي الله أبو حازم .
يتميز وافد بذكاء اجتماعي وروح مرحة ويشيع الابتسامة والتفاؤل حيثما حل .الجولة معه لها مذاق إذ عادة ما يمشي على مهل ويتحرك بهدوء.
درس الشاب تقي الله الصحافة واختار أن يطلق مؤسسة تعليمية لتدريس الصحافة في العيون ، لذلك بدا لي بأنه يعرف كيف يقتنص الفرص الثمينة والمناسبات الخصبة فيوظف الوقت لتحقيق طموحاته.
قبل أن نصل إلى شاطئ البحر توقفنا على الطريق لنتفرج على كثبان الرمال الزاحفة، ويطلق عليها باللهجة الحسانية، اسم “الأغراد”، لأول مرة أشاهد رمالاً لا تزحف بل تهرول.مشهد بديع.
أزدحم شاطئ العيون بقوارب صيد الأسماك التي تحجب أمواج البحر،السمك في كل مكان وأسراب طيور النورس تسرح وتمرح كما شاءت.معظم أسماك العيون تذهب إلى أوروبا كما أفاد بذلك بحارة في الميناء .
عندما كنت أزور العيون منذ عقود مضت، كانت المعلومة المتداولة أن سكان المدينة لا يأكلون الأسماك، لكن لاحظت هذا المرة أن مطاعم الأسماك انتشرت في معظم شوارع المدينة.
لا أدري هل تغيرت عادات الأكل، أم أن التغيرات الديمغرافية التي عرفتها هي التي خلقت رواجاً للسمك في المدينة.
نعم في المدينتين البحر هو البحر نفسه، لكن هواة الصيد بالصنارة في شاطئ الرباط يمضون وقتاً طويلاً لتفتح سمكة واحدة فمها..ويكون ذلك سبباً لمغادرتها البحر، أما في العيون فإن الأسماك التي يجمعها البحارة في أي قارب يوازي عددها ذرات كثبان الرمال .
في بحر العيون وفي بحر الرباط رحت أتأمل الأفق البعيد قلت في دواخلي أنت لست طارق بن زياد وراءك بحر وأمامك أندلس . أنت مجرد صحافي.. يتأمل .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.