الحركات المسلحة وثورة ديسمبر
1 . بعد ثورة ديسمبر وقّعت بعض الحركات في الجبهة الثورية اتفاق (جوبا) مع اللجنة الأمنية ، والتي تحولت لمحاصصات ومسارات تهدد وحدة البلاد كما هو الحال في الشرق والشمال الرافض للمسارات ، وتنسف الأمن بالسماح بتعدد الجيوش مع مليشيات الدعم السريع السريع التي أدت للمزيد من تدهور الأمن في دارفور وبقية المدن من خلال تكرار حالات انتهاك حق الحياة ، بدلا من الاسراع في الترتيبات الأمنية بحل كل جيوش الحركات والدعم السريع وقيام الجيش القومي المهني الموحد .
2 . كما تراجعت الحركات الموقعة علي اتفاق جوبا مع قوي “الهبوط الناعم” في “قوي الحرية والتغيير” عن المواثيق التي وقعت عليها مثل: “إعلان نداء السودان لإعادة هيكلة الدولة السودانية”، “إعلان الحرية والتغيير”، وشاركوا في مجلس الشراكة ، والحكومة التي انبثقت عنها التي سارت في سياسات النظام البائد في :
– تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، ورفع الدعم عن التعليم والصحة وتحسين البيئة وتمكين المرأة والشباب، والخضوع لشروط الصندوق البنك الدوليين في تخفيض العملة وتحرير الأسعار ورفع الدعم عن التعليم والصحة والدواء ، والكهرباء والمحروقات والخبز ، حتى اصبحت الحياة جحيما لا يطاق بديلا لتوصيات المؤتمر الاقتصادي التي رفضها رئيس الوزراء حمدوك .
– الابقاء علي القوانين المقيدة للحريات مثل : قانون النقابات 2010 ” قانون المنشأة” الذي اجازه مجلس الوزراء (قانون 2021) الذي يهدد وحدة واستقلالية الحركة النقابية ، وعدم اجازة القانون الديمقراطي للنقابات (2020) المتوافق عليه ، الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية ، كما ابقت علي القانون الجنائي 1991 الذي حوي كل القوانين المقيدة للحريات مثل: قوانين سبتمير ، ليس ذلك فحسب بل وصل الاستهتار والتآمر علي الثورة باصدار مشروع قانون الأمن للنظام البائد الذي رفضته قوي الثورة .
اضافة لعدم تسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية ، والخرق المستمر” للوثيقة الدستورية” وآخرها التعديل لتضمين بنود سلام جوبا الذي من حق المجلس التشريعي الذي يعدل الدستور بثلثي الأعضاء، واستباق المؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم ، بتعيين مناوي حاكما لدارفور حتى دون انتظار تكوين الأقاليم !!والقمع في مواجهة حركة الاحتجاجات والاعتصامات والمواكب السلمية والنهوض الجماهيري الواسع لتحقيق مطالب المواطنين في زيادة الأجور وتوفير خدمات التعليم والصحة وتفكيك سيطرة رموز النظام البائد من المحليات ، وتحقيق مطالب وشعارات ثورة ديسمبر كما عبرت المليونيات التي نفذتها الجماهير لتصحيح مسار الثورة وتحقيق أهدافها.
– السير في سياسة الحلول الجزئية للنظام البائد في السلام الجزئي القائم علي المحاصصات الذي يعيد إنتاج الحرب ويفتت وحدة البلاد ، بدلا من الحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة ويخلق السلام المستدام والديمقراطية والعدالة والتنمية المتوازنة ، اضافة لهيمنة المكون العسكري علي ملف السلام الذي من مهام مجلس الوزراء ، وتكوين مجلس السلام بدلا من مفوضية السلام المنصوص عليها في “الوثيقة الدستورية”، ووقع اتفاقا مع الجبهة الثورية عطل بموجبه تكوين التشريعي ، وهذا خرق آخر “للوثيقة الدستورية”، اضافة للتدخل الدولي الكثيف في عملية السلام ، بدلا من المؤتمر الجامع للسلام في الخرطوم الذي يشترك فيه اصحاب المصلحة والحركات والمتضررون في المعسكرات وكل القوي السياسية والمدنية في مناطق الحروب ، رغم اتفاق جوبا استمرت الحرب في دارفور كما حدث في الجنينة.
كانت النتيجة كما أشرنا سابقا التوقيع غلي اتفاق جوبا الجزئي الذي لم يشمل حركات عبد الواحد والحلو . الخ ، ووجد معارضة واسعة..
اضافة للانقلاب علي الوثيقة الدستورية بجعل بنود اتفاق جوبا تعلو عليها ، وتكوين مجلس الشركاء ، واستباق المؤتمر الدستوري في تكوين الأقاليم وغير ذلك .
– التفريط في السيادة الوطنية وربط البلاد بالاحلاف العسكرية الخارجية ، لنهب اراضي ومياه وثروات البلاد الزراعية والمعدنية ، والسيطرة علي الموانئ ، والاتفاقيات لقيام قواعد عسكرية بحرية لروسيا وأمريكا ، والتفريط في أراضي البلاد المحتلة (الفشقة، حلايب ، شلاتين. الخ) ، وزج السودان في الحروب الخارجية (اليمن ، ليبيا.الخ) ، مما يهدد أمن البلاد ، بدلا من التوازن في علاقاتنا الخارجية لمصلحة شعب السودان ، والخضوع للابتزاز الأمريكي بالرفع من قائمة الدول الراعية للارهاب مقابل التطبيع مع اسرائيل الذي من مهام الحكومة المنتخبة القادمة ، وإلغاء قانون مقاطعة اسرائيل 1958 الذي أجازه برلمان منتخب، ودفع مبلغ 335 مليون دولار عن جرائم إرهابية ارتكبها النظام البائد شعب السودان غير مسؤول عنها ، وهو يعاني المعيشة الضنكا جراء الارتفاع المستمر في الأسعار ، والنقص في الوقود والخبز والدواء والعجز عن طباعة الكتاب المدرسي … الخ ، فضلا عن المراوغة وعدم الشفافية في التطبيع ، باعتبار ذلك استمرار في اسلوب النظام البائد القائم علي الأكاذيب وخرق العهود والمواثيق ، والخضوع للاملاءات الخارجية ، مثل فصل البشير للجنوب مقابل وعد برفع السودان من قائمة الإرهاب ، …الخ ، تم فصل الجنوب وظل السودان في قائمة الإرهاب .
3 . كما اصبحت الحركات جزءا من المركز الطبقي الحاكم الذي يعبر عن مصالح الرأسمالية الطفيلية بعد أن نراجعت تلك الحركات عن شعاراتها وبرامجها ضد التهميش والغبن وظلامات قبائلها ، نتيجة للتفاوت في التنمية والتهميش الاثني والثقافي واللغوي الذي عمقة الاستعمار ، وبعد ذلك الانظمة (المدنية والعسكرية) التي حكمت بعد الاستقلال وسارت في طريق التنمية الرأسمالية التي عمقت التفاوت في الثروة ، والتفاوت بين اقاليم السودان المختلفة ، والاستعلاء الثقافي والعرقي والديني مثل : نظام الجبهة القومية الاسلامية بعد انقلاب يونيو 1989 الذي قام بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية للقبائل غير العربية في دارفور والجنوب وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق والشرق ، وكانت النتيجة انفصال الجنوب ، وقرار المحكمة الجنائية الدولية بتقديم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية..
وبعد وصولها للسلطة اهملت تلك الحركات تنمية مناطقها بتوفير خدمات التعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وتوفير الخدمات البيطرية ، وازالة التفاوت التنموي والاضطهاد الثقافي اللغوي والعرقي والديني ، وكانت تلك خطوة متقدمة في الصراع السياسي.
علما بأن تلك الحركات دارفور تحرير وجيش السودان ” مناوي” العدل والمساواة ” جبريل”، جبهة الشرق … الخ مع فقد وقعت اتفاقات مع النظام البائد (اتفاق ابوجا ، الدوحة، الشرق) ، ولكنها تحولت لمحاصصات ومشاركة في السلطة ، وفشلت في تحقيق التنمية وازالة التهميش في مناطقها . وفشلت تلك الاتفاقات واصبحت حبرا علي ورق.
4 . خلاصة الأمر ،بعد ثورة ديسمبر ، تم التوقيع علي اتفاق (جوبا) مع اللجنة الأمنية ، وتحولت لمحاصصات ومسارات مهددة لوحدة البلاد من خلال ظهور النزعات الانفصالية كما هو جاري حاليا في الشمال والشرق بدعم خارجي ومن الفلول الذي سار الاتفاق علي نهجهم في الحلول الجزئية الذي أدي لانفصال الجنوب ، ولم يتم السير في تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها لترقية مناطقها وتوفر لها خدمات: التعليم، الصحة المياه، الكهرباء، وتفجير الفائض الاقتصادي الكامن فيها لنقلها من حالة البؤس والشقاء الي حالة معيشية واقتصادية واجتماعية ارقي . والنظرة الشاملة للتطور المتوازن للسودان ككل ، والتي تتطلب الرؤية الشاملة غض النظر عن قبائلهم أواديانهم أو ثقافاتهم . وحتي علي مستوى الاقليم المعين لم يتم الاخذ في الاعتبار مصالح كل القبائل والمجموعات السكانية التي تقطن هذا الاقليم، لااستعلاء مجموعة قبلية معينة تعيد انتاج الازمة علي مستوى الاقليم المعين، مما ادي لتجدد النزاعات ورفض الاتفاقيات الجزئية التي تحولت لمحاصصات ومناصب بعبد عن هموم ومشاكل جماهير تلك المناطق.