تحـــــــــرر الهامــــــش من الأمـــــــة ضـــــــرورة – (٣/٢)

0 87
كتب: آدَمْ أجْــــــــــــــرَىْ
.
قضايا المجتمعات الرعوية شائكة مهملة، تشتد تأزما وتستحق من أصحابها مواقف تصعيدية. إنها قطاع يوفر للدولة ملايين الدولارات، بإمكانه توفير المزيد إن أدخلت تكنولوجيا اللحوم والجلود والالبان. فضلا عن آلاف فرص العمل والإستثمار. وإن كان لدى الدولة أدنى إهتمام به، فإن مشكلات على شاكلة الإستقرار والتعليم والصحة لن يكون لها وجود لدى مجتمع يمتلك كل هذه الثروة.
إن كانت الإستثمارات – حلما بعيد المنال_ فإن المهددات الحقيقية لهذه الثروة تكمن فى إنصراف الدولة عن شأنها، وإضطرار الملاك إلى المحافظة على نفس تقاليد عملهم القديمة، بإبقاء الماشية فى حالة حركة مستمرة لمطاردة الماء والكلأ الآخذين فى النضوب صيفاً، ثم المسارعة فى مغادرة أرض الوحل والمستنقعات بالاتجاه صوب القيزان خريفاً.
تلك طريقتهم لإبقاء الأبقار حية، فتحدث إحتكاكات مع ملاك أراضى يعبرون بها، فضلاً عن مشاكل تقع بين الرعاة أنفسهم.
السودان كانت أكثر تنظيماً وتحضراً، ثم أخذت فى الإنزلاق إلى الإنحطاط فيما الأمم تمضى إلى الأمام، وفى قطاع الرعى يرى ذلك أكثر وضوحاً، حيث كان التنسيق بين المجتمعات الزراعية والرعوية محكماً. يبقى البريد نشطاً بين النظار وقادة الرعاة – تستخدم فيها الدواب والدراجات الهوائية واللوارى – يخبرون الفلاحين أن وقت المسير قد حان ويستوضحون ما إن كان الحصاد قد جمع.
النظار يتولون تقييم الموقف أو يطلبون منهم الانتظار قليلاً، أو يتجه إلى حث المزارعين على الاسراع. وإن صعب الموقف يتم تمرير الماشية فى المنطقة الحرجة داخل صندوق يشكله نفير مكون من مختلف الاطراف.
تبقى العلاقات جيدة فيها تبادل الهدايا – بعض الرعاة لديهم أصدقاء لابد من الإلتقاء بهم قبل العبور- هكذا كانت تدار الأمور قبل وقوع الفتن القبلية التى زرعها حزب الأمة خلال فترته القصيرة فى الحكم. وقتذاك عندما عاد الصادق المهدى من مقابلة جون قرنق وأطلق عبارته الشهيرة – توجد أوهام كثيرة – فإن التوصية التى تلقاها من وزير دفاعه لمجابهة الموقف، هو القيام بتسليح القبائل الرعوية المتنقلة كى تقف حائط صد أمام الجيش الشعبى. بعيدو النظر – على رأسهم دكتور تيسير- بذلوا جهوداً مقدرة لإثناء حكومته عن ذلك، الوزير برمة ناصر دافع عن خطوته فى الوقت الذى يربط فيه قوله بالعمل.
من هنا بدأ الخراب، أفسدت المزارع، تباعدت المسافات الاجتماعية، ذهب الآباء وعمت حالة – دستوبيا – معوقة لأى تطور، نشأ فيها جيل غير مكترث.
الآن فإن أطراف النزاع الأساسيين فى حالة هدنة طويلة الأمد، والنبتة الخبيثة التى أتى بها حزب الأمة مستمرة فى حصد الأرواح.
(نواصل….)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.