تعليقات مهمة لمؤسسة دولية عن اتفاقيات سلام جوبا
كتب: الحاج ورّاق
.
• رغم أن اتفاقيات سلام جوبا بين السلطة الانتقالية وعدد من حركات الكفاح المسلح لم تشمل فصيلين رئيسيين (الحركة الشعبية قيادة الحلو، حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد)، إلا أنها مع ذلك تستحق الإحتفاء باعتبارها خطوة مهمة لتحقيق السلام الشامل في البلاد.
• واعتمدت الاتفاقات على نهج المسارات المتعددة: مسار دارفور، ومسار المنطقتين (النيل الأزرق – كردفان)، إضافة لمسارات (الشمال، الوسط، الشرق)، مما أدى إلى تعقيد الاتفاقات وارباكها وحشوها بكثير من العموميات والتكرار.
• وهذا جوهر ما توصلت إليه دراسة المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات المعنونة (اتفاق السلام في السودان ملخص وتحليل).
• وأوردت الدراسة (… تتسم جميع الاتفاقات الموقعة أواخر أغسطس 2020 بالتعقيد الشديد، ولاسيما بسبب طريقة ترابطها فيما بينها. وهذا أمر متوقع بسبب طول نصوصها والصعوبات التي تنشأ بالضرورة عند إدارة عملية التفاوض المعقدة. ولكن هناك مستوى إضافي من التعقيد مرده أن كل اتفاق ثنائي له آثار على مستوى البلاد ككل. ولقد حاول محرروالاتفاقات توحيد الأحكام المتعلقة بمجالات معينة في نفس الأقسام في بعض الاتفاقات الفردية، ولكن هذا لم يتم بشكل منهجي، مما يجعل قراءة الإتفاق وفهمه أكثر صعوبة. على سبيل المثال:.. على صعيد العملية الدستورية، تتوزع الأحكام ذات الصلة في جميع أقسام الوثيقة بدلاً من تركيزها في قسم واحد..).
• وتورد ان الاتفاقات تفترض (في الجوهر أن السودان سيتخذ نظاماً اتحادياً. هناك قدر كبير من التفاصيل بشأن آلية عمل هذا الاتحاد في أجزاء البلاد التي يغطيها إتفاق النيل الأزرق وكردفان وإتفاق دارفور. بالإضافة إلى ذلك، يفترض هذان الاتفاقان أن الترتيبات الواردة فيهما نهائية في جوهرها، وأن الدولة بأكملها ستطبق نظاما اتحاديا وهذا، إن صح، يعني أنه لم يبق شيء يذكر للتفاوض بشأنه في مفاوضات الدستور المزمعة. في الوقت نفسه، تعطي الاتفاقات أهمية إضافية للعملية الدستورية، وذلك بشكل أساسي من خلال تحديد تفاصيل إضافية حول كيفية تنظيمها. وبالتحديد، تنص الاتفاقات على ضرورة عقد مؤتمر حول نظام الحكم، سيوفر بلا شك مزيداً من التفاصيل بشأن كيفية بناء الاتحاد في المستقبل..).
• وتضيف (..النيل الأزرق وكردفان يحصلان على حكم ذاتي واسع على الفور، بينما يجب أن تنتظر دارفور حتى أبريل 2021 لتصبح إقليماً… لم يطلق على النيل الأزرق وكردفان اسم “إقليم” على الرغم من أنهما منحتاً سلطات أكبر بكثير من إقليم دارفور )عندما يظهر إلى حيز الوجود).
(..ورغم أن الاتفاقات تنص بوضوح على أن الدولة بأكملها ستتأسس على شكل اتحاد فيدرالي، لم يتم وضع ترتيبات محددة بشأن أجزاء السودان التي لم تشملها الاتفاقات… من المحتمل جدا أن يسفر هذا الجهد في المحصلة النهائية عن أنه سيكون هناك مستويات عدة من اللامساواة في البلد، وهو أمر ممكن بالتأكيد ولكنه سيضيف مستويات أخرى من التعقيد إلى وضع معقد بالأصل…).
• وعن علاقة الدين بالدولة تورد المؤسسة الدولية ان المادة 1.7 (تنص على: ” الفصل التام بين المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة لضمان عدم استغلال الدين في السياسة ووقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان وكريم المعتقدات على أن يضمن ذلك في دستور البلاد وقوانينها”. من الواضح أن هذه الصياغة ستخضع للتفسير: إذا كانت الدولة والمؤسسات الدينية مستقلتان عن بعضهما، فهل تستطيع الدولة أن تتبنى ديناً رسميًا؟ وأيضا، هل يمكن تفسير هذه الصياغة بأن المؤسسات الدينية (مفتي الدولة) مثلاً يجب أن تستمر في العمل ولكن ينبغي منحها الاستقلال الإداري والمالي الكامل عن مؤسسات الدولة؟ من الواضح على أية حال أن الصياغة لا تمنع مسؤولي الدولة من استلهام الدين عند وضع سياسة الدولة، وهذا قد لا يكون مقبولاً من الأطراف..).
• وتورد عن نصوص الاتفاقات حول المساواة (..يشدد اتفاق النيل الأزرق وكردفان تشديدا كبيراً على المساواة… وبالمقابل، لا يتضمن اتفاق دارفور أي إشارة إلى مشاركة النساء. والسؤال بالتالي هو هل صياغة اتفاق القضايا القومية واضحة وكافية للتطبيق على دارفور، وبالتحديد على الإقليم المزمع إنشاؤه هناك في عام 2021..).
• ربما تساعد الثقة بين الأطراف الموقعة على اتفاقات جوبا في تذليل مشكلة تعقيد وارتباك النصوص، كما هناك فرصة لاستدراك ذلك سواء في مصفوفات التنفيذ، أو عبر الاتفاقات اللاحقة المتوقعة في شرق السودان أو مع فصيلي الحلو وعبد الواحد.
لكن في المقابل ربما تعبر جهات موقعة على الاتفاقات عن عدم رضاها عن توزيع أنصبة السلطة التفصيلى اللاحق باستغلال عدم احكام صياغات الاتفاقات بما يؤدي إلى إعادة التفاوض من جديد أو لإنهيار بعض أجزاء الاتفاقات.