جبريل .. ماذا يريد ؟!

0 64
كتب: د. عمر القراي
.
(وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) صدق الله العظيم
نقلت وسائط التواصل الاجتماعي، تصريحات للسيد جبريل ابراهيم وزير المالية، تعليقاً على إخلاء منزل السيد علي عثمان محمد طه، نائب الرئيس المخلوع بالقوة الجبرية. ومما قال السيد جبريل : إن ما حدث لأسرة علي عثمان طه لا يتناسب مع ما عرف عن اخلاق السودانيين من شهامة وكرم . وقد وصف ما حدث لأسرة علي عثمان، بأنه انتقام وعار في جبين لجنة تفكيك التمكين. والتي زعم أنها دكت كل القيم، وتجاوزت الخطوط الحمراء. وقال إن الخلاف السياسي يجب ألا يصل لمرحلة طرد الخصوم من البيوت وتشريد أطفالهم (وسائل التواصل الاجتماعي).
لقد تجاوز السيد جبريل القضية الأساسية، وحاول أن يشغل الناس بإجراءات عادية، تحدث لكل ساكن أنذر بالإخلاء ولم ينفذ. القضية هي: هل البيت ملك للسيد علي عثمان أم هو ملك للدولة ؟! فإن كان قد اغتصب دون وجه حق، فمن واجب اللجنة أن تعيده، كما تعيد غيره من الأموال والعقارات، التي نهبها النافذون في حكومة الاخوان المسلمين البائدة.
لقد ذكرت لجنة التفكيك أن تكلفة المنزل وهي 6 مليون دولار دفعت بواسطة جهاز الأمن . وكان السيد علي عثمان قد صرح من قبل، إبان توليه منصب نائب رئيس الجمهورية، أنه لا يملك غير مرتبه وهو مع جميع البدلات لا يتجاوز عشرة ألف جنيه سوداني!! فهل وفر من هذا المرتب مبلغ 6 مليون دولار ليشيد به هذه الفيلا ؟! وما دام السيد علي عثمان يدعي أن البيت حقه، وقد اشتراه بحر ماله، فليخرج الأوراق التي تثبت أنه اشتراه، ومصدر المال الذي دفع منه هذا المبلغ، حتى يلغي هذا الإجراء بصورة قانونية.
والسيد جبريل يرى أنه ليس من أخلاق الشعب السوداني أن تُطرد الأسر، ويشرد الأطفال، وتُخلي المنازل بالقوة. ويعتبر ذلك تعدي على القيم، وتجاوز للخطوط الحمراء !! ولكننا لم نسمع له حساً حين أحالت حكومة الإنقاذ آلاف الموظفين للصالح العام، وطردتهم من بيوت الحكومة، وألقت بأمتعتهم في قارعة الطريق .
أين كان السيد جبريل، حين قام زميله في الحزب، محمد الحسن الامين بفصل 6 ألف عامل من السكة حديد في عطبرة في يوم واحد!! وأخليت بيوتهم في نفس اليوم، الذي استلموا فيه خطابات الفصل، ورمي متاعهم في الطريق، وظلت بعض الاسر في الشارع لعدة أيام حتى دبرت أمرها ؟!
ولم نسمع لإعتراض منه أو من أي من الإسلاميين، حين فصلوا عشرات الاستاذة من جامعة الخرطوم ، وأخلوهم من منازلهم الحكومية في بري في يوم واحد، ورموا بعفشهم في الشارع ، وتجمع المواطنون وهتفوا إعتراضاً، ففرقتهم الشرطة !!
لماذا لم يصدر السيد جبريل بياناً ،حين طرد طلاب جامعة بخت الرضا من داخلياتهم .وحين جاءوا ليشتكوا في الخرطوم، منعوا بواسطة جهاز الأمن والشرطة من دخول الخرطوم. وحين أرادوا أن يؤجروا بصاً ليرجعوا للدويم، منعوا من ذلك أيضاً !! وتركوا في العراء مع حقائبهم ، دون أكل أو شرب ليوم كامل، حتى قام الشيخ الياقوت، جزاه الله خيراً، بإيوائهم في مسيدة بالقرب من جبل أولياء.
والسيد جبريل يريد أن يستعطف الناس، ليرحموا على عثمان محمد طه. وعلي عثمان هو من قتل أبناء الشعب السوداني، وهو صاحب عبارة Shoot to kill وهو صاحب كتائب الظل، التي قتلت المتظاهرين ، وارتكبت الفظائع في فض الاعتصام . وهو صاحب عبارة أعدمنا 28 ضابط في يوم واحد!! فهل كانت لهم أمهات وأطفال ؟ لقد قامت حكومة النظام البائد، وعلي عثمان على قمتها بحرق قرى بأكملها في دارفور. ورحلت الملايين الذين مازالوا بين معسكرات اللجوء والنزوح ألم يكن لهم أطفال ؟! وحكومة الإنقاذ بقيادة علي عثمان، هي المتهمة باغتيال السيد خليل ابراهيم ، وترك أبنائه يتامى وليس إبعادهم عن عقار!!
وحكومة النظام البائد وعلي عثمان في قمتها، قامت بالقاء البراميل المشتعلة على النساء والأطفال، في جبال النوبة. وحين فروا الى الكهوف في قمم الجبال، قذفتهم بالمواد الخانقة، حتى يخرجوا من جحورهم، فتلقي عليهم البراميل الملتهبة!! كم من الأطفال أحرقوا في هذا “الهولوكوست” الذي دبره علي عثمان؟! والآن جرحت مشاعر السيد جبريل، لحزن أبناء علي عثمان لأنهم ابعدوا من بيتهم، ولم يحزنه ما جرى لأبناء جبال النوبة، وابناء دارفور، والنيل الأزرق؟!
لقد أقامت حكومة علي عثمان السدود، ورحلت المناصير، فصار الأطفال يركبون المراكب للمدرسة حتى غرق العشرات منهم ، ولم نسمع صوتاً واحداً بين اللإسلاميين يستنكر ذلك، ما عدا الشاعرة روضة الحاج، والتي بدلاً من إدانة حكومة تنظيمها أدانت نهر النيل الذي ابتلع الأبرياء !! أليس علي عثمان هو من دبر محاولة إغتيال حسني مبارك ،ثم لما فشلت قام بتقتيل كل من شارك فيها ليخفي آثار جريمته، كما قال الترابي رحمه الله؟
ماذا يريد السيد جبريل؟! يريد أن يترك القصر الذي بني بأموال الشعب لأسرة علي عثمان، لأننا شعب كريم . ولعله أيضاً يريد أن نترك للسيدة حرم الرئيس المخلوع كل أموالها ، حتى لا نحرم أبنائها من التعليم الجيد، لأننا شعب كريم !! ولماذا لا نعفي عوض الجاز ونافع وغيرهم، ونترك لهم قصورهم التي بنوها مما نهبوا من أموال الشعب، حتى لا نحرم أطفالهم الابرياء ، من هذه المباني لأننا شعب كريم؟! ولماذا لا نحل لجنة التمكين، ونلغيها، ونوقف عملها، لأنها تروع الأطفال، وتتجاوز الخطوط الحمراء، وتحزن السيد جبريل ؟!
ولعل طرد أسرة علي عثمان من القصر، ورجوعها لبيتها الحقيقي، أخف أثراً عليها من إعتقاله، فلماذا لا نطلق سراحه حتى لا يحزن أولاده الأبرياء ؟! ولماذا لا نطلق سراح كل معتقلي النظام البائد من السجن حتى لا تتأذى أسرهم ؟! هذا هو الإمتداد الطبيعي لما يريده السيد جبريل . فهل السيد جبريل مع حكومة الثورة التي يمثلها في منصب وزير المالية، أم أنه مع الاخوان المسلمين، ويسخر فقط من حكومة الثورة ويستهزئ بها ؟! ولو كان السيد جبريل رجل صادق، وصاحب مبادئ، لقدم استقالته من هذه الحكومة، التي تعذب إخوانه المسلمين بالقائهم في السجن، ومصادرة أموالهم وبيوتهم. ولطلب منها أن تعتقله مع إخوانه، في كوبر !! فكيف يكون هو وزيراً وإخوانه يُشرد أبناؤهم وتُصادر بيوتهم ويوضعون في غياهب السجون؟!
متى يصحو السيد رئيس الوزراء من غفوته، وينهض من كبوته، ويواجه قضايا الوطن بعزم الثوار. متى يقيل السيد وزير المالية، لأنه يهاجم الحكومة التي يعمل فيها، ويرفض الاستجابة لقراراتها، ويدافع عن أعداء الثورة من الإخوان المسلمين، الذين اطاح بهم الشعب، ويسعى لحماية فسادهم، من موقعه الحساس، الذي ما كان له أن يناله، لولا المحاصصات الحزبية الرذيلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.