جعفر، والحسن: ماهية الخلاف حول الخلافة؟

0 43

كتب: صلاح شعيب

.

يبدو أن بيت الميرغني بحاجة إلى الوحدة قبل أن يسعى أبناؤه للم شمل الاتحاديين أولاً، ثم الختميين ثانياً. وكذلك السعي بإجراء آخر يدمج تياري الحزب في منظومة سياسية جديدة تعيد الاعتبار لتاريخية الحزب، وشريفه الهندي. وذلك حلم كثير من أصدقائنا من نخبة الاتحاديين، وعامتهم. ولكن هذا الشقاق الميرغنوي اتضح من خلال هذا الأسبوع وحده، وأربكنا جميعاً. فاجتماع قاعة الصداقة الذي جمع فصائل الحزب “الحكومية”، وأخرى، لتوحيدها، وشارك فيه جعفر، كذب حقيقته الحسن في اليوم الثاني. وفي اليوم الثالث بدا لنا بعد تأمل أن ما بين النجلين تحديات يحتاجان للجلوس لمواجهتها حتى إذا اتفقا جاز لهما محاولة تعميق قدرة البيت التاريخي في دعوة الإخوة الاتحاديين لكلمة سواء.
اجتماع الصداقة الاتحادية الجديدة سمعنا الكثير عمن ورائه. فتارة يقال لنا إن شخصية نافذة تابعة إلى البشير – مثل طه الحسين – كانت العقل المدبر خلف كواليس المؤتمر. وتارة نسمع أن أحمد بلال هو كلمة السر، كما قال بيان الحسن، وهناك أحد اللايفجية قد أنبأنا بغير تأكيد بأن حفيد علي دينار، وجلال الدقير يقفان خلفه. وأشار اللايفجي إلى أنه من المحال أن يظهرا في المنصة نسبة لأنهما شوهدا، وهما يدفعان عربة البشير المعطوبة في أيامه الأخيرة.
ولكن للحقيقة، والتاريخ، شاهدنا فقط إشراقة. وهي من هي. فالست اختفت بعد سقوط البشير حتى شوهدت مع الحلو، ومناوي، تطلب وداً سياسياً معهما. والملاحظ أن سياسيينا الذكور هم الذين كلما “انضربوا” في المركز ذهبوا يستعينون بمن يحمل السلاح، أو طلبوا دعم قبائلهم. واعتقد أن قرنق فهم اللعبة حينذاك، وتلميذه عبد العزيز نجيب أيضاً، ويعرف أن إشراقة لا يخونها الذكاء الأنثوي المركزي أيضاً في طلب النجدة المسلحة متى ما فقدت وزارة، أو منارة.
وهذا الاجتماع الاتحادي – والذي كاد حمدوك يتورط في حضوره وفقاً لمصدر – عُرف أن الصحاف بلال وراؤه ما أثار غضب الحسن فهاجم المجتمعين، والمجتمعات، لعدم أهليتهم لعقد الوحدة الاتحادية. ولكن وجد العذر لشقيقه بأنه مغرر به. فقال مستشار البشير الذي أقالته الثورة: “وفعلا وقع مولانا جعفر في الفخ المنصوب بخبث ودهاء”.
إن تنافس جعفر والحسن بعضهما بعضاً قادهما ليكونا معا مستشارين للبشير. فالأول ظهر للأمة السودانية لأول مرة في هذا المنصب. والثاني كذلك. وقد رأيناه قبل أسبوع من سقوط البشير في القصر يؤكد “أنهم” لن يسمحوا للشباب الغض مس شعرة واحدة من رأس البشير، أو صدره.
فالنجلان خلقا ليقودان لا أن ينقادان، من جهة أخرى. ولذلك فإن وظيفة المستشار أفضل لهما بحكم التربية النفسية. فالمستشار المتسيد على بعض الناس، وليس كلهم، لا يستشير، وإنما يُستشار. أي أن البشير هو الذي كان يطلب عونهما في التفكير له في أمهات الشؤون العامة. ولكن الحقيقة أن النجلين لا خبرة لهما البتة في شؤون الحياة السودانية تسوغا لهما احتراف الاستشارية الرئاسية.
فلا جعفر، ولا الحسن، ساهما في نشاط ثانوي، أو جامعي معتبر. ولا شوهدا في نادي التاكا، أو ميدان عقرب، أو لعبا الكمكان مع الحرفاء والكيشة، ولم يدخلا إستاد الخرطوم قط ليشجعا التحرير البحراوي مثلاً، ولا رقصا يوم عرسهما في السباتة على أنغام ابن كسلا حتى: التاج مكي. ولابد أنكِ لم تتصوري أنهما حضرا يوما ما افتتاح معرض تشكيلي، أو قدما، او تداخلا بتعليق، في ندوة بنادي الدبيبة، أو كتبا في صحيفة المدرسة، أو تطوعا في المجتمع المدني، أو شوهدا في رحلة لأبناء الحي في فتيح العقليين.
باختصار فإن النجلين الفاخرين أُعدا بعيداً عن عيون السحارين، والفتوات، والفتيات الصيادات، ليحكما وكفى. ولم لا ما دام البروفيسورات، والدكاترة، المتخصصين في الانثربولوجي والديالكتيك الفلسفي، يجلسون في اجتماع المكتب السياسي ليستمعوا لهما، وهما يشرحان لهم قضايا البلد المنكوب أهلها. وعندئذ تغدوا حل مشكلة الحرب في النيل الأبيض في قمة أجندتهما، وأن الأصل في سيداو الإباحة.
كلنا مع وحدة الاتحاديين لأن في ذلك مصلحة للبلد. ولكون هناك الكثير من الاتحاديين الأخيار الذي جمعنا معهم عمل مشترك، فالمصلحة الأكبر أن تتلاقى خطاهم حتى يخلقوا حزبا جديداً يقوم على إرث المناضلين من أبناء الحركة الاتحادية الذين لعبوا دورا إيجابيا في الدعوة لبناء السودان الحديث، والدفاع عن قيم الديموقراطية.
إننا نأمل أن ينبثق حزب اتحادي جديد، وبفكر جديد، من ركام هذا التشتت المؤسف للتيارات الاتحادية، والذي ساهم فيه النظام السابق، وعمقه الانتهازيون الذين اختطفوا الحزب بمسميات عديدة للمتاجرة بها. واعتقد أن الذين اجتمعوا في قاعة الصداقة لا يمثلون النخبة الاتحادية المناضلة في كل العقود الثلاثة الاخيرة. بل إن جعفر، والحسن، نفسهما لن يكونا أبداً واجهة مشرفة لتوحيد الفصائل الاتحادية التي قدمت تضحيات كبرى في مراكمة النضال من أجل الوصول لمرحلة ثورة ديسمبر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.