جيش واحد .. وطن واحد

0 99
كتب: منعم سليمان
.
الأنباء القادِّمة من الجبهة الشرقيّة تفيد أنّ القوّات الإثيوبية الغازيّة تُجمِّع صفوفها في الجهة الأخرى؛ وتحشد الحشود مدججة بالأسلحة الثقيلة والمدفعية؛ لمعاودة غزوها وإعادة احتلالها للأراضي السودانيّة التي استردّها جيشنا الوطني ببسالة وتضحيات جنوده.
إنّ بلادنا تعيش خطراً بالغاً يستهدف سيادتها وأرضها وإنسانها ومواردها، ما يتطلب وقوف الجميع يداً واحدة لمواجهته وصده والحيلولة دون وقوعه، فالحفاظ على وحدة البلاد وترابها وشعبها من أوجب واجبات المواطن الصالح.
إنّها معركة من أجل أمن البلاد وسيادتها وسلامة مواطنيها، وليست لصالح طرف ثالث كما يُردّد بعض السُذّج من ساسة الساعة الخامسة والعشرين، وكما ردد المُخادِّع رئيس وزراء حكومة جيش الغُزاة، في إشارته المُسيئة أن جيشنا إنّما يُحارب لصالح مصر؛ ويا لها من إشارة استفزازيِّة مُهينة تقدح في كرامتنا وتستهين بنا وبحقنا في الحفاظ على أرضنا وسيادة بلادنا.
وليس السودان من يحارب بالوكالة نيابة عن مصر أو أي دولة أخرى، فالحقيقة التي يخشى مواجهتها رئيس جيش الاحتلال هي أن بلاده تحتل أراضٍ سودانية وأن اعتداءات جيشه ومليشياته المُتكررة على بلادنا لم تتوقف، وقد فقدنا خلالها أرواحاً كثيرة وعزيزة، وأن هذه الأراضي التي نبذل من أجلها الغالي والنفيس ليست مصريِّة وتلك الدماء التي سالت والأرواح أزهقت من أجلها ليست مصريّة، بل سودانيّة خالصة، فكيف نحارب من أجل أحد وقواتنا لم تحتل ولم تبدأ بالحرب والغدر؟ ثم من هو صاحب الأرض؛ ومن الغازي والمحتل والمُعتدي الأثيم؟ ووفقاً لهذا المنطق البائس، إن كان هناك من يُحارب بأجندات خارجية؛ فلا شك إنّها القوات الإثيوبية المُحتلة التي بدأت الاعتداءات، والبادئ أظلم!
أما قول رئيس قوات الاحتلال أن مناطق الفشقة والمناطق الحدودية الأخرى ستكون مساحات للتكامل تعكس روح الأشقاء والعلاقات التاريخية، فهذا لعمري استفزاز ليس بعده استفزاز، بل هو تطاول كريه وخِداع واضح؛ القصد منه كسب الوقت لترسيخ الاحتلال؛ وجعله واقعاً على الأرض، ومثل هذا المُقترح الخبيث لا يقبل به إلاّ من يفتقد إلى الحميّة الوطنية ومن يرتع من مراتع الخِنى والخيانة، فلا حلّ إلاّ بترسيم الحدود بين البلدين، بالكيفية القانونية المُتعارف دوليًا، وبعد ذلك فلنتحدث حديث التكامل والعلاقات التاريخية، فحسن الجوار والتكامل والعلاقات التاريخية – يا رئيس وزراء الاحتلال – تتنافى مع الغزو والاحتلال، وكم من أرض لنا تم إحتلالها بإسم التكامل والعلاقات التاريخية، ولن نُلدغ من ذات الجحر مرتين!
إنّ الأوضاع الحاليّة تتطلب وحدة جميع المكونات، مدنيّة وعسكريّة، من أجل دعم قواتنا المسلحة،و قوات الدعم السريع، وقوات حركة العدل والمساواة، والجيش الشعبي لتحرير السودان- شمال، وقوات تحرير السودان- الجبهة الثورية وكل القوات الموقعة على اتفاقية السلام، وربما هي سانحة وطنية ثمينة؛ جاءت في أوانها الوطني قبل الزمني، لتوحيد هذه القوات وإندماجها وخلق جيش وطني، بعقيدة قتالية قومية موحدة، من أجل الحفاظ على سيادة البلاد واستقرارها ووحدتها وأمنها القومي.
وهذه مناسبة نحيي فيها الدكتور جبريل ابراهيم، قائد حركة العدل والمساواة، وهو يتجه شرقًا نحو جبهة القتال ويُعلن من هناك جاهزيّة قواته للانخراط مع القوات المسلحة في معركة الدفاع عن الوطن، وهو موقف وطني مُحترم ومسؤول؛ يُحسب للرجل في ميزانه الوطني، وهو والحق يُقال رجل وقور ومحترم على الصعيد الشخصي، ويُمكنني القول، ومن خلال معرفة لصيقة به، وقد تجاورنا طويلاً وتحاورنا كثيراً، وبيننا خُبز وعيش وماء وود، إبان غُربتنا القسريِّة السابقة – لا أعادها الله- إنّه ومهما اختلفت مع الرجل ومع أفكاره السياسيِّة – وأنا أختلف معه وسأظل- لا تملك غير احترامه وتقديره، فرط تهذيبه ودماثة خلقه وعفّة لسانه وتقبله للاختلاف والحوار الهادئ البنّاء، وليته يواصل على هذا النهج الوطني لا ذاك (الوطني) الذي أضاع البلاد وفرط في سيادتها وأذل شعبها، وجعلها مستباحة لكل محتل ومعتدي أثيم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.