حكومة الشراكة تتحمل مسؤولية الأزمة ..

0 76
.

1

جاءت مواكب 30 يونيو 2021 حلقة جديدة في سلسلة طويلة خاضنها جماهير الثورة منذ انفجار الثورة ومقاومة القمع الوحشي وتقديم مئات الشهداء ، وملحمة اعتصام القيادة العامة ، والتصدي للانقلاب الدموي للجنة الأمنية في مجزرة فض الاعتصام بموكب 30 يونيو 2019 ، واستمرار المليونيات لتحقيق أهداف الثورة، والاعتصامات والاحتجاجات السلمية والاضرابات والمذكرات لتحسين المعيشة والخدمات والعدالة والقصاص للشهداء ، وتحقيق أهداف الثورة.

لقد كانت مواكب 30 يونيو الأخيرة موجة ثانية لاسترداد الثورة ، واجهتها سلطة شراكة الدم بالقمع الوحشي بالرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع ، مما أدي لاعتقالات جرحي ، فحسب بيان تنسيقة لجان المقاومة بتاريخ: 2/7 ، بلغ عدد الحرجي (76) ، وأكثر من(200) معتقل. فالحلول الأمنية استمرار لتهج النظام البائد وتؤدي لذهاب ريح الحكومة..

رغم الضجة وهلع السلطة من خلال خطابات رئيس الورزاء حمدوك ومبادرته ، وتهويل إعلام السلطة خروج “الفلول” لضرب السلطة في مقتل ،الا أنهم ولو الادبار، وتمكن الثوار من السيطرة علي الشارع، وهزموا “الفلول” بعد أن تفرق جمعهم وتشتت شملهم ، وهم الذين كان هدفهم تخريب المواكب وتبرير القمع ، فتناقضهم مع شراكة الدم ثانوي ، حول من يستمر في الحكم ويواصل في نفس السياسات القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية، والحلول الجزئية التي تهدد وحدة البلاد، فضلا عن استمرار التمكين، ووجودهم في مفاصل الدولة والسلطة. كما تجسد هلع السلطة في استخدام أساليب النظام البائد في حجب المواقع الالكترونية بتوجيه من النائب العام ، واعتقال الصحفيين ومراسلي القنوات الفضائية (بيان شبكة الصحفيين : 1 يوليو 2021).

– كشفت الأحداث خطل دعاية بعض الكتاب والمثقفين ونشطاء المنظمات لحكومة الشراكة الضيزي التي اختطفت الثورة تلك الدعاية غير الموضوعية التي اشارت لفشل حراك 30 يونيو ، والحديث غير المؤسس أن حمدوك أخرج السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ،علما بأن ثورة الشعب السوداني هي التي أخرجت السودان من أثقال قائمة الارهاب والتي اشادت بها كل القوي الوطنية والديمقراطية في العالم ، لكن حمدوك والحق يقال ساهم في تقزيم الثورة بخضوعه لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين من مواقع التبعية لا السيادة ، وللابتزاز من ترامب ونتنياهو بالرفع من قائمة الارهاب مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني ، ودفع التعويضات عن جرائم ارهابية ليس مسؤولا عنها شعب السودان، رغم ذلك تدهورت الاوضاع المعيشية.

اضافة لعدم الشفافية وتمليك شعبنا الحقائق في ملف اعفاء الديون ، فرغم ترحيبنا بالاعفاء من ثقل الديون لنتفرغ للتنمية، الا أن الاعفاء لم يتم حتى الآن، رغم الخطوات في الوصول لنقطة الاعفاء ، فالاعفاء رهين بتنفيذ الشروط القاسية في تخفيض العملة وسحب الدعم عن السلع والتعليم والصحة ، والخصخصة ، والشراكة بين القطاع العام والخاص في مشاريع البنية التحتية، أي تكون الحصيلة بعد ثلاث سنوات مدة الإعفاء ، بعد المزيد من الدمار والفقر، وخضوع البلاد للسيطرة الأجنبية، ونهب موارده وثرواته، هذا فضلا عن أن انضمام السودان لمبادرة “هيبك” ليست جديدة فقد شرع فيها النظام البائد منذ العام 2017 ، وبدأ في تنفيذ شروط صندوق النقد في رفع الدعم وتخفيض الجنية ، لكن ثورة ديسمبر اسقطت رأس النظام ( للمزيد من التفاصيل راجع د. سبنا إمام ،الهيبك بين مثالية إعفاء الديون وتحديات التطبيق)، وجاء حمدوك ليستمر فيها ، بعد أن رفض توصيات المؤتمر الاقتصادي التي كانت نتاج جهد جماعي لقوي ثورة ديسمبر، كانت يمكن أن تخرج البلاد من الأزمة، بالتالي فان حكومة حمدوك هي التي تتحمل المسؤولية الجسيمة في تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية. اضافة لوجود خيارات مثل تجربة البرازيل في عهد لولا سيلفا الذي رفض الخضوع لشروط الصندوق والبنك الدوليين ، وتوجه للداخل في دعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي، وطور قطاع السياحة وصناعة السيارات والأسلحة، ووفر فرص عمل ل 20 مليون من الشباب ، وسدد ديونه البالغة 250 مليار دولار، وكذلك تجربة ماليزيا وكوبا وفيتنام التي رفضت شروط الصندوق والخصخصة، وعبرت للافضل.

– تجاوزت لجنة التمكين صلاحياتها وتحولت لجهاز قمغ واعتقال ، فلجنة التمكين لا تقوم بالإعتقال وانما تقوم بابلاغ النيابة التي تقوم بدورها باجراء التحقيقات اللازمة، اضافة لخرق “الوثيقة الدستورية” بقمع المواكب والتجمعات السلمية واستخدام العنف المفرط ، واعتقال الثوار الذين جاءت شراكة الدم علي أكتافهم ودماء الشهداء. كما عكست الصور للجرحي العنف المفرط من تصويب معظم رصاص القناصة والقنابل في الراس ( بيان مقاومة ودنوباوي 30 يونيو 2021).

– كشف اعلاميون من قناة ” الزول” تم اعتقالهم بعد اطلاق سراحهم قوات ترتدي الزي المدني وتعتقل المواطنين وتستخدم بكاسي بيضاء ، كما كان من أشكال القمع حلاقة شعر الشباب كما وضحت الصور، مما يعيدنا لمربع النظام البائد في القمع الوحشي والصرف الكبير علي الأمن والدفاع واجهزة القمع علي حساب معيشة المواطنين ، وارهاقها برفع الأسعار لتمويل أدوات القمع.

وجد القمع الوحشي استنكارا واسعا مع المطالبة بمحاسبة ومحاكمة من أمروا باطلاق الرصاص الحي والمطاطي، وخرق الدستور في قمع التجمعات والمظاهرات السلمية.

2

– كشفت الأحداث ايضا خطل حديث الحكومة عن تحسين الأوضاع المعيشية ، فقد استمرت الزيادات في أسعار المحروقات، وارتفع سعر لتر البنزين من 290 جنية الي 320 جنية، وارتفع سعر الجازولين من 285 الي 305 جنية ، مما يؤدي لارتفاع بقية السلع والنقل والخدمات والمزيد من معاناة الناس.اضافة لخطورة ترك تسعيرة النفط للشركات، باعتبار ذلك تدمير لقطاع الدولة في النفط وتفريط في الأمن الإقتصادي والسياسي والاجتماعي وترك سلعة حيوية لتقلبات السوق ، علما بأنها تؤدي لزيادة في كل السلع والخدمات وتدميرالإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي..

– كما استمر الانفلات الأمني لجيوش الحركات ، كما في احتلال قوة من الحركات ً، مقر الاتحاد العام للطلاب السودانيين جنوب قاعة الصداقة، مما يهدد الأمن الداخلي وأمن المواطن، مما أدي لاخلائه بواسطة القوات الخاصة وقوات الشرطة.مما يتطلب الاسراع في الترتيبات الأمنية وحل جيوش الحركات والدعم السريع قيام الجيش القومي المهني الموحد.

– استمرت الفوضي في شرق السودان كما في تهديد محمد الأمين ترك رئيس مجلس نظارات البجا بإغلاق الطريق القومي في كافة مناطق شرق السودان إذا لم تقم الحكومة بحل لجنة إزالة التمكين والإفراج عن المتظاهرين، وذلك استمرار للسيولة الأمنية والتهاون مع “الفلول” في شرق السودان. بعد أن القت الشرطة القبض علي منسوبي ترك في مظاهرات 30 يونيو مع “الفلول” ، والتهديد بسحب الاعتراف من الحكومة المركزية والتلويح بإعلان حكومة وسلطة خاصة في إقليم شرق السودان، مما يشكل خطراً مباشراً على وحدة السودان، وتعميق الصراع القبلي بين الهدندوة والبني عامر، ودور التدخل الخارجي في ذلك، اضافة للتوترات في شرق السودان الأسبوع الماضي على إثر اشتباكات اندلعت بين قوات الدعم السريع وشرطة التعدين وبعض المحسوبين على مجلس نظارات البجا في أحد مناجم الذهب بولاية البحر الأحمر، ما أدى إلى إصابة سبعة من القوات الحكومية والمتظاهرين الذين رفضوا العمل في تنفيذ مشروعات تنقيب جديدة.

– استمرت المقاومة الجماهيرية لتدهور الاوضاع المعيشية ، كما في الوقفة الاحتجاجية السلمية لأساتذة الجامعات المزمع تنفيذها الاثنين 5 يوليو ، وتسليم المذكرة المطلبية لتحسين أوضاع الأساتذة، والدخول في اضراب حال عدم الاستجابة لمطالبهم..

3

أشرنا سايقا أن حكومة الشراكة بشقيها العسكري والمدني تتحمل مسؤولية الأزمة العميقة التي تمر بها البلاد ، فقد كان من اهداف ثورة ديسمبر تحسين الأوضاع المعيشية ، كما جاء في ميثاق إعلان الحرية والتغيير الذي أشار الي وقف التدهور الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين ، والتزام الدولة بدورها في دعم الصحة والتعليم والاسكان وحماية البئية. الخ، وحتى الوثيقة الدستورية “المعيبة” أشارت الي ايقاف التدهور الاقتصادي ، ودعم الدولة للصحة والتعليم والاسكان مع ضمان حماية البيئة ومستقبل الأجيال.

لكن واقع الحال يشير الي الانحراف عن ذلك ، فقد تدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية بعد الخضوع لاملاءات الصندوق والبنك الدوليين رفع الدعم والزيادة المستمرة في المحروقات والتخفيض الكبير في قيمة الجنية السوداني والتعويم والغاء الدولار الجمركي. ، وانتهاك السيادة الوطنية بالسماح بقاعدة بحرية لأمريكا، اضافة للقاعدة الروسية، والتدخل الدولي الفظيع في الشؤون الداخلية من قبل الترويكا والاتحاد الاوربي، ومصر والامارات والسعودية، والتهاون في نهب ثروات البلاد.، مما يؤدي لتكرارثورات شعب السودان كما في انتفاضة أبريل 1985 ، وثورة ديسمبر 2018.

الحديث عن زيادة أجور العاملين لمواجهة ارتفاع تكلفة المعيشة نتيجة للانفلات الكبير في التضخم والارتفاع الحاد في أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية كافة، ما تسبب في فجوة بين الدخول والمصروفات لغالبية العاملين بالدولة، الا أن السوق ستمتص الزيادة مباشرة بسبب لجوء التجار فورا لمضاعفة الأسعار بمجرد الإعلان عن الزيادة في الرواتب ، مما يتطلب تركيز الأسعار والرقابة علي الأسواق ، ودعم السلع الأساسية والوقود والدواء والتعليم والصحة.

كما أن إعلان تغيير العملة يؤدي لتنبيه الرأسمالية الطفيلية وغيرها التي تبلغ اموالها خارج البنوك 95% ، فيمكن أن تتخلص منها بتحويلها لعملات صعية وشراء أراضي وعقارات ، مما يرقع سعر الدولار والذي من المتوقع ان يصل الي 1000 جنية ( الراكوبة 4 يوليو 2021).

فبدلا من التوجه الداخلي والاستفادة من الدعم الخارجي في إطار الخطة لدعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي ودعم الصادر وقطاع النقل، ومحاسبة رموز النظام البائد واستعادة الأموال المنهوبة، وضم شركات الأمن والجيش والدعم السريع والاتصالات والمحاصيل النقدية والذهب والبترول لولاية المالية ، وسيطرة البنك المركزي علي النقد الأجنبي، ووقف تجارة العملة، وتركيز الأسعار. الخ ، اتجهت الحكومة لاستجداء المعونات الخارجية لتقع في قبضة المؤسسات الرأسمالية العالمية التي تفرض إملاءاتها، وتخضع البلاد للمزيد من التبعية والديون الخارجية التي تجاوزت 60 مليار دولار، اضافة لاجازة قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص 2021 الذي يؤدي الي الاستمرار في سياسة النظام البائد في الخصخصة ونهب القطاع العام ، والمشاركة في مشاريع البنية التحتية الضارة بسيادة البلاد واقتصادها واجازة قانون الاستثمار 2021 وقانون التعدين ، لمواصلة سياسة النظام البائد في نهب اراضي وثروات البلاد، والتهاون مع فلول النظام البائد في تخريب الاقتصاد من خلال تهريب الذهب والوقود والدقيق والعملة ، وتجارة السوق الأسود وتجارة البشر، ورفع سعر الدولار ، ورجوعهم للسلطة من باب الحركات المسلحة، اضافة لمواكبهم المسلحة كما في الزحف الأخضر ، واشعال الفتن القبلية في غرب وشرق السودان وجنوب كردفان من خلال مليشياتهم ، ورموزهم في السلطة ، واستمرار التمكين وسيطرتهم علي مفاصل الدولة، وما مثال الفتنة القبلية للناظر ترك عضو المؤتمر الوطني المحلول الا مثال علي استمرارهم في الفتنة القبلية بدعم خارجي لفصل شرق السودان..

لقد ضعفت القوي الشرائية للمواطن من خلال الارتفاع المستمر في الأسعار، حتى اصبحت الحياة لا تطاق، مما يؤدي للانفجار المستمر للحركة الجماهيرية واستمرار تراكمها حتى اسقاط حكومة الشراكة ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف ومهام الفترة الانتقالية ، فاسقاط الحكومة لا يعني اسقاط الفترة الانتقالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.