شرطتكـــــــــــــم هـــى صنيعـــــــــــكم!

0 47

كتب: آدَمْ أجْـــــــــــــرَىْ

.

ثمة قاعدة تقول أن أية شرطة تناسب مجتمعها على وجه الخصوص، هى مرآته التى تريه حاله إن صلح تصلح، وإن فسد فسدت معه. يجب ألا نتوقع شرطة دنماركية فى بلد حالته طالها كل خراب، شرطتكم صنيعكم ومرآتكم التى تريكم واقعكم ومثالبها هى مما كسبت أيديكم. الموظف -عسكرياً كان أم مدنياً- عندما يأتى إليك كمشغّل، يكون دافعه إما الرغبة فى ممارسة مهنة أحبها، أو مضطراً واقعاً تحت ضغط معيشى وإجتماعى يثقله، وفى الحالتين يتطلع إلى حل مشاكله بعمله وراتبه المقابل لخدمته كى يخطو خطوة إلى الأمام. الحكومة تقدم لموظفها -للشرطة تحديداً- راتباً صغيراً جداً وتتوقع منها الإستماته فى حفظ الأمن والموت أثناء أداء واجبها إن إستدعى الأمر. الإختلال موجود حتى بين من توظفهم الحكومة، العاملون فى بعض المؤسسات يحصلون على رواتب عالية، وإن قورنت واجباتهم بمهام بعض أفراد الشرطة بنفس المؤهلات تجدون الفرق شاسعاً..

وللذين يقولون أنها مؤسسة كيزانية، ورغم عدم وجود مؤسسة خالية منهم حالياً سنعود بهم إلى أيام ثورة ديسمبر ٢٠١٨م، عندما إختار البشير هذه المؤسسة كى يفتى فيها بقتل المتظاهرين، لكنها -أى الشرطة- أعلنت عن دعمها للانتقال السلمي للسلطة ودعت أفرادها إلى عدم التعرض للمتظاهرين، والأمين العام لحزب المؤتمر السودانى أعلن وقتذاك أن الجيش والشرطة، لطبيعة التركيبة الاجتماعية لهما، يعتبران أقرب للمجموعات الاجتماعية الداعمة للثورة. هذه المواقف نسيت والصوت الذى أخذ يعلوا يقول أنه جهاز كيزانى، متناسياً مضمون الإحتجاج الذى أصله هو الفقر والضيق المعيشى مثل ما يعانى منهما الشعب. إن الأفضل لصناع القرار النظر فى أصل الجمر بدلاً عن التّلهِى باللهب. ما يهيئ الجو للفساد الحكومة قبل المواطن، والمؤسسة قبل الموظف، وإضطرار أى فرد إلى العمل براتب صغير ليس من حسن حظ المُشغِّل، لأنه يبنى لنفسه مشكلة قبل أن تتراكم مشاكل الموظف. الشكوى من وجود موظفين فسدة مربطها هنا والتذمر من الفساد سببه أيضاً ينبع من هنا، قبل إقدامهم على أية مخالفة، مظلومون من الوظيفة ظلماً بيّنَاً -بقاؤهم فيها إضطرار- وإذ الثورة طبيعتها تجاوز القشور والمضى إلى الجذور فإن معالجة مثل هذه الأوضاع أبجديات، ناهيكم عن جهاز هو يد عمل لا غنى لها عنها. وإذ الأمن والسلامة خدمتان بنفس أهمية القمح، أو مقدمان عليه، نقف مع الأصوات المنادية بإصلاح أحوال هؤلاء الأفراد -كأولوية- بقرار يضعف راتب الشرطى أضعافاً مضعفة، يرفعه إلى المستوى الذى يمكنه من إعالة أسرته ويغنيه عن التفكير فى أى مصدر آخر. أو على الأقل وعداً صادقاً محدداً بآجال تُقَوّمُ فيها الأمور. بعدئذ فإن أى موظف يستعصى على التقويم يستحق تصنيفه كوزاً..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.