عادي ولا VIP؟

0 88

كتب: كمال كرار

.

قرأت إعلانًا عن حفل غنائي لفنان سعر التذكرة عادي ١٠٠٠ جنبه وVIP ٣ ألف جنيه..

وهذا التقسيم الذي يصنف الناس إلى نوعين مهمين وغير مهمين نابع من فكر برجوازي لعين، عززته سياسات البنك الدولي التي صارت مرجعية لحكومة ما بعد الثورة.

ولا يقتصر التقسيم على حفلات الغناء، بل صار الرغيف نوعين أحدهما أبيض من القمح وغالي الثمن للناس المهمين، ورغيف أسود أو رمادي يصلح لاستهلاك الحيوان خصص للناس العاديين.

والتقسيم يمضي إلى ما لا نهاية ليس في الغذاء فحسب بل في مواقع السكن الجغرافية فالناس العاديين أو قل غير المهمين لا بد أن يسكنوا في ضواحي المدن بلا نور أو موية، وهم الذين تغشاهم الكشات يوميًا، وهم المتهمون بإثارة القلاقل والثورات، والسجون والحراسات تمتلئ بالناس العاديين والناس المهمين في مأمن من كل هذا حتى ولو باعوا خط هيثرو أو سرقوا مشروع الجزيرة أو خصصوا تصدير الذهب لشركة مغمورة.

وقرارات الحكومة في صالح هؤلاء المهمين وليذهب العاديون في ستين داهية.

وللمفارقة، أن الناس العاديين وهم الفقراء، هم الذين يكدحون ويشتغلون زراعة وصناعة وتعدين ورعي وطق صمغ وستات شاي ودرداقين درداقات ولكن جهدهم وعرقهم يسرقه الناس المهمين.. والقانون في صف المهم، والصندوق الدولي يهتم بالمهم، والبنوك تسلف الناس المهمين، والأراضي تخصص لهم، والاستثمارات تمنح لهم.

وأبواب الوزارات مفتوحة للمهمين ومغلقة أمام العاديين، ولجان المقاومة إن طلبت مقابلة وزير. فسيرد عليها يوم القيامة العصر، ولكن مقابلات المهمين بسرعة البرق.

وكل ما يقال عن اقتصاد الصدمة والجراحة المؤلمة والكلفة الاجتماعية وغيرها من مصطلحات عملاء البنك الدولي يقصد بها سحق الفقراء إلى ما لا نهاية، ويسميها الصندوق تهيئة البيئة الملائمة لرجال الأعمال وهم المهمين والـVIP.

إذن سيغمي الفنان وفي الصف الأمامي المهمون والمهمات وأمامهم موائد العشاء الفاخرة وفي الصفوف الخلفية مكان الغبار والكتاحة سيقف الناس العاديين والما مهمين وبينهم وبين أولئك أسوار شائكة تفصلهم باعتبارهم مناظر مؤذية تفسد وجباتهم الفاخرة وصفقاتهم المنتظرة..

وللمفارقة أيضًا فالثورات يشعلها الناس العاديين وينط فيها الـ VIP بهدف سرقتها..

أي VIP دوسوهو دوس..

وأي كوز مالو؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.