“عيد ميلاد أمريكا.. “

0 69
.

حتى العام 1776 أي قبل 245 سنة لم تكن أمريكا في الخارطة الكونية؛ بدأت دويلات صغيرة ثم أدركت أن مصلحتها في اتحادها فأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية واختارت نقطة البداية والانطلاقة بذكاء.. هو الذي جعل منها في النهاية أقوى دولة في العالم رغم حداثة سنها..

أمريكا اختارت أن تبدأ ب(دولة القانون) .. فقد أدركت أن القانون ليس مجرد نصوص وكتالوج تعليمات.. بل هو أسلوب حياة يجعلها أكثر قيمة وعائداً مادياً قبل المعنوي.. فالقانون أنجح استثمار..
كتبت دستورها في العام 1787 من سبع مواد فقط، وطوال عمر أمريكا لم تلغِ حكومة الدستور بدعوى كتابة دستور أفضل، بل ظل يتطور مع الزمن وحركة المجتمع فتضاف مواد وتعدل أخرى إلى أن بلغ مجمل المواد المعدلة 27 .. ولا يزال الدستور يحمل بطاقة ميلاده الأصلية الأولى..

نحن في السودان، ورغم أنف التجارب الإنسانية، ومنذ استقلالنا في يناير 1956 ظللنا نبدل الدساتير كما ندل ملابسنا، كل حكومة أو نظام يدخل القصر الجمهوري يكنب في (البيان رقم) عبارة ثابتة (تعطيل العمل بالدستور).. رغم أن النظام الذي يكتب الدستور عادة هو آول من ينتهكه.

في بلادنا القانون خلق للضعفاء، أما الأقوياء فهم ليسو بحاجة له طالما في يدهم أن ينتزعوا حقهم وحقوق غيرهم دون أن يطرف لهم جفن..
ولأننا لا نؤمن بأن القانون هو أغلى وأثمن استثمار، فقد كنب على جبين أمتنا أن تعيش هذا الفقر المدقع (والماء فوق ظهورها محمول) نملك كل الموارد ولا نمتلكها.. فنتسول العالم إحساناً لدرجة أن فرحتنا بمليون دولار صدقة من فرحنا بعشرة ملايين من عرق جبيننا..

صديقنا الدكتور النور حمد بعد سنوات طويلة في العيش بين ظهراني المجتمع الأمريكي وصف أمريكا فقال أنها (معجزة الإدارة) ..ويقصد إنها دولة تحسن إدارة مواردها البشرية قبل المادية، ولهذا تصدرت العالم.. ولو كانت الدول تبعث يوم القيامة لدخلت أمريكا الجنة بما قدمته للبشرية من مخترعات جعلت الحياة أفضل و أكرم..

الكرة الأرضية مثل القطار؛ على كل دولة أن تدفع ثمن التذكرة وتشارك في تمويل رحلة القطار فلماذا نرضى أن نكون دولة تتسلق سلم العربة الخلفية حتى لا تدفع ثمن الرحلة.. وتعيش على عرق جبين الأمم الأخرى..

يجب بناء دولة السودان الحديثة على النهج ذاته الذي جعل أمريكا سيدة العالم.. دولة القانون، وحسن الإدارة..
هل صعب علينا ذلك؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.