فى حضرة على المك وسوق العناقريب بالموردة (10)

0 235

بقلم: عبدالعزيز عطية

حاول يخفى نفسه

وهل يخفى القمر فى سماه

كان الوقت ضحى والسوق يعج بالرواد يوم الجمعة ؛ فيما جلست الحاجة الجاز بت عوض الكريم فى وضع لمساتها الأخير لجلسة القهوة بصحبة على المك فى وسط السوق وقد تحلق رهط من الأصدقاء حولها وبعض من زبائنها يتوافدون عليها وقد وزعت إهتمامها بينهم بالتساوي؛ بينما على المك متوهط فى طرف العنقريب بحضوره العذب و بهائه يشع نورا يتسرب بين نفاج الحضور وظلال الأغصان المتدلية وعناق قامة الاصدقاء العابرين كانه شمسا بين ركام سحاب ممطر على خصر الصباح الذى يسرى بدعاش الارض المبتله لتوها برزاز حبات الطل تتساقط من هامة الشجرة لترسم دائرة من حولها كانها عِقُد فى جيد حسناء …

حبس على المك اصوات الاصدقاء من حوله وهو يتذكر بعض ابيات من الشعر الذى يحفظه بكثرة وهو بصحبة الادباء وظرفاء الموردة وأمدرمان فى ضيافة الحاجة الجاز؛ فيما تسرب من الراديو دكان العجلاتى برنامج من حقيبة الفن؛ وهو يتحين الصمت والوقار والسمع لمقدم البرنامج وفاتحة فاكهة البرنامج اليوم؛ والشاعر أبوالسيد؛ سيد عبدالعزيز وأولاد الموردة …..

حاول يخفي نفسه

وهل يخفى القمر في سماه

أبداً لا وطبعاً لا

شفناه شفناه

رهف السمع أكثر بنشوة الإستمتاع بين اللحن والكلمات ودفء غناء أولاد الموردة وقوة ووضوح الحروف واللحن معا …

حاول يخفي نفســــه وغير إتجاه

سطع النور في أفقه وكل إنسان رآه

خلنا البدر أشــــرق كامل في علاه

وخلنا الزهر فتــــح من أنفاس شذاه

جذاب حسنه رايع لادن خلقه مايع

رقص البان مشيه تحب تنظر وشيه

عيونك تختشيــــه من قوة ضياهو

ومن شـــــــدة حياهو

وظل على المك يردد المقطع الاخير فى نشوة …

” من شدة حياهو”

مرة إذا نظرتــــــه ونظرة إليك رناه

قلبك ينشرح لــــه وترتاح لي لقاه

دون تشعر تحبــه وتلهج .. بى ثناه

أرتدَ على المك الى الوراء يطلب الاسترخاء فى رهف السمع المثقل بالطرب وروعة الوصف والموصوف

مرة تقول كبــدري ومرة تقول كزهري

مرة تسمي شعري ومرة تسمي سحري

تغلب فيه أسمــــا وبرضو تشوفه أسمى

كل وصــف تــراه أقل من مستواه

مترفع عظيم عالي بعيد مــداه

ملأ العين جمالــه الزاهي رشح نداه

يلألــي والكواكب تتناثر حداه

فيه الحسن أودع ماملكت يداه

مفــــــــــــــــــرح وشوفته تفرح

بتلقاك باسم كالزهر المنسق

في زمن المواســـــم

تشوف في مقلتيه حياء ودلال و تيه

واللحظ البيجــرح زاد وجدى المبرح

أنا من دون أصـــــرح

لي قلب إصطفــاه وهسه هناك معاه

آه … آه لو تفيد مجروح؛ تلك اللحظات وعلى المك غارق فى النشوة؛ يترنح بين قامته السامقة بكل وقار؛ تتنازعه الكلمات والرسم بالكلمات

مترفع عظيم عالي بعيد مــداه

ملأ العين جمالــه الزاهي رشح نداه

يلألــي والكواكب تتناثر حداه

فيه الحسن أودع ماملكت يداه

واجترح على المك تلك الكمات القوية فى النص والمعنى وهى أشد ومضة من أشعار شعراء بداية العهد العباسي فى بغداد والموصل ايضا جرير والأعشى ومن شايعهم ..

حاول يخفي نفسه

وهل يخفى القمر في سماه

أبداً لا وطبعاً لا

شفناه شفناه

وأستحضر على المك كلمات الشاعر الكبير المتنبى فى قصيدته المشهورة فى الغزل النادر لابوالطيب المتنبى

وإطراقُ طرف العينَ ليسّ بنافعِ

أذا كان طرفّ القلب ليسّ بمطرق

او هكذا قال …

كبر العيان على حتى أنه صار اليقين من العيان توهما …..

وهل يخفى القمر فى سماه

الله روعة الشاعر سيد عبدالعزيز

ذكرت الحاجة الجاز بت عوض الكريم أن ملهمة القصيدة بت من بنات فريق الموردة الجوه؛ حاولت أخفاء نفسها عن نظرات سيد عبدالعزيز الذى الحّ فى متابعتها لايام عديده حتى يفوز بنظرة عابرة بين أزقة الفريق وقد حاول مرات عديده السهر وسط البيوت حتى وقت متأخر من الليل؛ وبعض الاحيان لما الصباح يشرق؛ وختمت الحاجة حديثها عن قصة الشاعر بإبتسامة تحمل كثيرا من الحنين الى الماضى الذى كان يرفرف بالجمال والعشق العذرى فى ربوع أمدرمان والموردة

ولنا عودة فى حضرة على المك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.