كابلى .. الذى لا يغيب !

0 78

كتب: زهير السراج

.

الفنان الكبير الراحل عبد الكريم الكابلي

.

* ليس مثل كابلى من يموت، ولو غاب عن دنيا الأحياء، فقد كان وسيظل أمةً بل كونا قائما بذاته، تتلألا فى سمائه النجوم وتخبو، وتعلو الشهب وتسقط، ويبقى خالدا كالخلود.

* يقول الكاتب والقصصى الكبير (عمار سيد احمد شليعة): “ليست المرة الاولى التي تحمل فيها الاخبار رحيل (عبد الكريم عبد العزيز الكابلي)، ولكنها بالطبع الاخيرة، غير انه سيظل خالدا في ذاكرة الفن والادب السوداني والاقليمي والعالمي، وفى قلوب الكثيرين، جيلا بعد جيل”

* “غنى الكابلى للوطن وربوعه حين غنى لمروى من اشعاره ..
فيك يا مروى شفت كل جديد.

وغنى لكسلا من اشعارتوفيق صالح جبريل ..
نضر الله وجه ذاك الساقى
انه بالرحيق حل وثاقى
ﻓﺘﺮﺍﺀﻯ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻣﺰﺩﻭﺝ ﺍﻻﺷﺮﺍق”.

* “كتب ولحن لابو عركى البخيث جبل مرة ..
مرسال الشوق يا الكلك ذوق،
أغشى الحبان فى كل مكان،
قول ليهم شفنا جبل مرة”.

*”غنى لثورة اكتوبر 1964 ولجامعة الخرطوم ..
هبت الخرطوم فى جنح الدجى،
وإلتقينا فى طريق الجامعة”.

* “غنى للمرأة …
أى صوت زار فى الأمس خيالى
طاف بالقلب وغنى للكمال
وأذاع الطهر فى دنيا الجمال
واشاع النور فى سود الليالى”.

* “وغنى لاسيا وافريقيا …
عندما اعزف يا قلبى الاناشيد القديمة
ويطل الفجر فى قلبى على اجنح غيمة”.

* “كان اول مطرب سودانى يغنى الاوبريت،
غنى اوبريت السودان للشريف زين العابدين،
وغنى من اشعاره اوبريت مروى..
فيك يا مروى شفت كل جديد.

وغنى اوبريت المولد، رائعة الشاعر محمد المهدى المجذوب، وفى احدى رحلاته الى بيروت وزيارته للجامعة الامريكية اعجبوا بها وطلبوا منه ان تكون ضمن مقرراتها…
صلى يا ربى على المدثرِ،
وتجاوز عن ذنوبى واغفرِ،
واعنى يا إلهى بمتاب أكبرِ،
فزمانى ولع بالمنكرِ”.

* “غنى بالفصحى كما لم يغنِ أحد،
غنى لصديق مدثر …
يا ضنين الوعد أهديتك حب
من فؤاد يبعث الحب نديا،
إن يكن حسنك مجهول المدى
فخيال الشعر يرتاد الثريا،
كلما اخفيته بالقلب تنبئ عنه عيناك
ولا يخفى عليا
أنا إن شئت فمن اعماق قلبى
أرسل الألحان شلالا رويا”.

* “غنى للشاعر المصرى على محمود طه ..
كيلوباترا أى حلم من لياليك الحسان،
طاف بالموج فغنى وتغنى الشاطئان،
وهفا كل فؤاد وشدا كل لسان.

* وغنى لامير الشعراء احمد شوقى ..
صدَّاح يا ملك الكنار** ويا أمير البلبل،
قد فزت منك بمعبدِ** ورزقت قرب الموصلى.

* وجارى كوكب الشرق وغنى لابى فرَّاس الحمدانى ..

اراك عصى الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهىٌّ عليك ولا أمرُ
أنا مشتاقٌ وعندى لوعةٌ
ولكن مثلى لا يذاع له سرُ.

وهى القصيدة العصماء التى تستعصى قراءتها على الكثيرين من قراء الشعر العربى، لكنه اجادها اجادة تامة، ووثق لها بالعود فى أداء فريد محفوظ بمكتبات المهتمين.

* كان يحفظ اشعار المتنبئ معجبا بها وغنى له ..

مالنا كلنا جوِ يا رسولُ* أنا أهوى وقلبك المتبولُ،
كلما عاد من بعثت إليها* غار منى وخان فيما يقولُ، أفسدت بيننا الامانات* وخانت قلوبهن العقولُ.

* غنى للفيتورى ..
فى حضرة من أهوى
عبثت بى الاشواق،
وحدقت بلا وجه
ورقصت بلا ساق.

* غنى كل ضروب الشعر العربى مثل الموشحات .. كللى يا سحب تيجان الربى بالحلى
واجعلى سوارها منعطف الجدولِ،

والتى جارى فيها الفنان السورى الكبير صباح فخرى، وهى لابن سناء المُلك المصرى.

* غنى الكابلى بالدراجية من اشعاره واشعار الاخرين اعذب الاغانى، وكان كاتبا ومحدثا جذابا، وكان يجيد العربية الفصحى والانجليزية الاصيلة والدارجة القحة، وحين هاجر الى المملكة العربية السعودية هاجر ليكتب كتابه الادب الشعبى فى السودان الذى لم يكتمل.

* لكابلى محاضرات بالانجليزية عن الفن السودانى والموسيقى السودانية سجلها منذ زمن بعيد بامريكا وكانت توزع فى السودان عن طريق الكاسيت، ولكنه ذكر انها لم تعجبه.

* وكان رياضيا مطبوعا يحب كل الفرق الرياضية في الخرطوم، ولكنه كان مريخيا اصيلا وغنى للمريخ من كلماته .. سكر سكر** وحات عينيَّ سكر

* عاش سنينه الاخيرة صابرا على المرض ممزقا بالحنين لوطنه امه وابيه وان كان بين أبنائه واصهاره بأمريكا، ليظل الوطن دافئا بين ضلوع الغائبين عنه، المنتظرين لأكفان تعيدهم إليه.

* كابلى الشعر الصادق والفن الصادق، المعاصر ابدا والحاضر دوما، الذى لا تنحنى سنابله للمناجل ولا يطويه النسيان، ولا يغيب ابدا وانت تغيب !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.