مارثون بين ست مدن

0 82

كتب: طلحة جبريل موسى

.

كان أسبوعاً ماراثونياً. بدأ من الرباط ثم الدارالبيضاء ومنها إلى العيون وعودة إلى الدار البيضاء ثم مكناس وليلة في فاس بعدها نهار كامل في الدارالبيضاء ، ومنها إلى القنيطرة وعودة إلى الرباط.
طوال الأسبوع كان على الاستيقاظ باكراً في حدود السادسة صباحاً، استعداداً ليوم طويل، يبدأ الصباح مع “وجبة إفطار” بئيسة تتكون في الغالب من بيضة، وكوب عصير كيف ما اتفق، وكأس شاي أسود، هي “بعض أشياء ” توحي لك انك تناولت فطوراً.
في الليل أمام الحاسوب أو القراءة في ثلاثة كتب:” ما بعد مبارك وزمانه” و “مؤنس الملك ” و “خواطر الترحال” التي كتبها الطيب صالح.
عادة ما يكون السفر والعودة من محطة أكدال في الرباط . سائقو سيارات الأجرة في محطة أكدال يفترضون أن جميع ركاب القطارات تكون وجهتهم إما “حي الرياض” أو “القامرة”.
لا أعرف لماذا تكون قطارات هذا الأيام مكتظة ملء سعتها بمسافرين يجرون حقائبهم. يتدافع المسافرون ويتشاجرون بعض الأحيان في صعودهم وهبوطهم من عربات القطارات.
أحياناً لا يكون في عربات القطار مرقد عنزة.لذلك أسافر واقفاً مثل كثيرين . مع التعب والعياء أنام واقفاً أيضاً.
في العيون كان الدرس الافتتاحي عن “أسباب إنحسار الإعلام ..والصحافة الإستقصائية “. الإصغاء كان السمة البارزة سواء من طرف الطالبات والطلاب أو من الحضور.
طرحت أسئلة جريئة وملفتة.
في مكناس كان لدي موعد مع طلابي للخروج إلى “درس الشارع ” الذي اخترت له شعاراً يقول ” درس الشارع ..التعليم للجميع” (street class.. education for all). كان الدرس في حديقة “لاقورا”، وعلى الرغم من الأجواء الماطرة وزمهرير الشتاء، كان تجاوب الطلاب رائعاً.
في فاس ركضت فوق الرصيف ، وكان الوقت عصراً في يوم ماطر، للحاق بالقطار الذي كان على وشك التحرك .
يقال إنه قطار سريع ، لكنه يقف في جميع المحطات بدءاً من ” الأسياد” : سيدي قاسم وسيدي سليمان وسيدي يحي الغرب. لا أدري لماذا حرص من يقطنون هذه البلدة أن تحتكر بلدتهم مفردة “الغرب” في حين أن جميع هذه المحطات هي في الغرب.
توقف القطار في جميع المحطات حتى اعتقدت انه سيغادر سكته ويغشى بعض القرى والمداشر.
في بعض الأحيان يكون هناك ركاب يتحدثون عبر هواتفهم المحمولة بصوت مرتفع، يقولون الكثير من خصوصياتهم دون أن ينتبهوا الى ذلك.
كان أحدهم يجلس إلى جانبي.يتحدث بصوت مرتفع عن وجبة “العشاء”.
من الواضح أنه كان يتحدث مع زوجته.
في كل مرة يتذكر شيئا يجري مكالمة عن مكونات العشاء ويدخل في تفاصيل التفاصيل.
ترى من الذي حشرني في هذه القطارات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.