ما جدوى موكب 30 يونيو؟
كتب: جعفر عباس
.
المواكب الجماهيرية ضرورية للتعبير عن الراي وإيصال صوت الجماهير للحكام، وسيظل الثلاثين من يونيو من كل عام مخلدا في الذاكرة السودانية الجمعية لأنه ارتبط بحدثين كبيرين: الأول يوم استولى الغربان وبوم الشؤم على السلطة في عام 1989، والثاني يوم خرج الملايين في عام 2019 وأجهضوا محاولة الجنرالات سرقة ثورة ديسمبر، ونتج عن ذلك تشكيل الحكومة بتركيبتها الحالية، وعقب ذلك خرجت مواكب مليونية كثيرة رافعة شعارات الثورة في كل مرة؛ وتنزيل تلك الشعارات على الأرض هو واجب الحكومة، ولكن الحكومة تتعامل مع المواكب بمنطق “الكلب ينبح والجمل ماشي”
وأهم الشعارات التي ظلت مرفوعة في كل المواكب هي الاقتصاص للشهداء وتحسين الأحوال المعيشية، ولكن الى يوم الناس هذا لم يتم فتح ملف مجزرة القيادة العامة مع ان من ارتكبها هو نفس الزول الجالس في القصر اليوم، ومؤشر الغلاء في صعود صاروخي يوميا، وما هو أخطر من كل ذلك هو انعدام الأمن في البلاد، وحتى عاصمتها صارت غابة كثيرة الوحوش، في غياب شبه تام للسلطات الأمنية، ثم فوجئنا مؤخرا بقرار من الجنرال بأمر البشير والبرهان حميدتي بتشكيل قوة مشتركة من الجيش والدعم السريع والشرطة لحفظ الأمن في دارفور والعاصمة، وهو أمر يعكس فوضى القرارات الحكومية فحفظ الأمن في أي مكان ليس مهمة الجيش إلا في ظل قانون الطوارئ، ووجود قوات الدعم السريع في مدينة ما مثير للهلع وليس للإحساس بالأمان
المهم ان حكاية ان يخرج مئات الآلاف الى الشوارع المرة تلو الأخرى للمطالبة بهذا الأمر او ذاك لعدة ساعات ثم يفرنقعوا لن يأتي عليها بمريسة تام زين، لأن “أضان الحكومة أضان حامل”، إما لأنها عاجزة عن تحقيق شعارات وأهداف الثورة أو لأنها بتكوينها الحالي غير راغبة في ذلك، وعليه لا جدوى لموكب 30 يونيو 2021 ما لم يكن له ما بعده، وأهم “ما بعده” استرداد قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) من المجموعة الصغيرة التي اختطفته واستفادت من أن الوثيقة الدستورية تجعل من قحت الشريك الأكبر حصة في الحكم، فصار لقادة قحت الحصة الأكبر في كراسي الحكم عن غير جدارة او استحقاق.
بلغة الكشتينة لازم “إعادة الشك والتقسيم وانتزاع الجوكر” من يد قيادة قحت الحالية، وبلادنا تجلس حاليا فوق برميل بارود، وهناك جهات كثيرة تحاول تفجير ذلك البرميل، وعليه فنحن بحاجة الى حكومة تنفيذية قوية، ومنفعلة ومتفاعلة مع رغبات الشعب، وتضع في صدر أولوياتها توفير الأمن للمواطن في ماله ودمه وعرضه وقوت يومه، وبالتالي لابد من خلق كيان متماسك لقوى الثورة يمارس الضغط والتأثير اليومي المتواصل على الحكومة لإحداث التغيير فيها وفي سياساتها وصولا الى تغيير حقيقي قامت من أجله الثورة، أما أن تبقى الآلاف في الشوارع كل بضعة أسابيع ثم تختفي، فإنه يجعل الحكومة تقول: قولوا ما تريدون ونحن نفعل ما نريد، ولم تنجح حتى اليوم إلا في تطبيق شعار واحد للثورة هو: “الجوع، الجوع ولا الكيزان”