مرحباً بقانونٍ مكافحةِ العنصرية بين السود_ والسود. (٢/١)
كتب: آدَمْ أَجْــــــــــــــرَىْ
عجباً_ وثورة ديسمبر ٢٠١٨م من حيث الزخم وقوة الصمود؛ جعلت من نفسها حدث العصر، والفضاء كان متاحاً لها كى تكون مفصلية إقليمياً وعالمياً_لو إصطحبت معها تغييرات مفاهيمية راديكالية تضع حداً لأهم ما عانى منه الشعب والأمم المحيطة ذات الأحوال الشبيهة_ لكن أتت ثمارها نيئة وتطلعاتها متواضعة؛ لا تتجاوز تفكيك التمكين، ترميم الإقتصاد، تقوية الإستقرار بمعاهدات سلام، ثم إنتخابات تتمخض عنها حكومة تصارع الأنواء، تبقى الجميع فى مكانه المعتاد _على حافة الجحيم.
فى هذه الحالة، فإن الفرنسية قد قضت على منافس آخر كى تبقى فى الصدارة، لا البلشفية إرتقت إلى مكانتها، ولا ثورة الملح للمهاتما غاندى، ولا ثورات السودان الثلاث مجتمعة. والسبب ليس مرتبطاً بحجم الكتلة الجماهيرية المشاركة، ولا بقوة إسقاط الديكتاتورية، إنما بنوع الإستثمار الذى يسود عقبها.
مازالت الفرنسية محافظة على مكانتها المتمثلة بالحسم الثورى وفرض ارادة الشعب بالتخلص الفورى من الطغاة. وإبرازها جملة من القضايا التشريعية والفلسفية والفكرية، التى تحولت فيما بعد إلى قاعدة للإنطلاقة الأوربية العظمى. وقتذاك وجدت أفكار الفلاسفة المعاصرون _أمثال: مونتسيكو، فولتير، وجان جاك روسو_ طريقها إلى التبنى وإختبار التطبيق، ومن التداعيات الدولية لإرتجاجاتها؛ تشكلت قضية مكافحة الرق والعنصرية؛ بخطوة متمثلة مؤتمر فيينا عام ١٨١٥م، منها بدأت أكبر حرب ضدها، غطت بحر قرنين كاملين، أنجزت الكثير، وبقى القليل المحرج الذى يجهض أية نشوة لإعلان الإنتصار.
لكنها كانت فى الأساس قضية متعلقة بالعلاقة بين بيض وسود.
من تأثيرات الثورة السودانية _ بالنظر إلى قوة إعلام العصر_ فإن تقنياتها وكل ما إرتبط بالفعل الميدانى، أخذ فى الإنتشار عالمياً. أما قيمها الفكرية فإنها تكاد لا يكون لها وجوداُ، لم يحدث إختراق يذكر، ليس فيها ما يصلح لتصديرها إلى العالم المتلهف للتعلم _إرهاب الثورة_ فشل فى تحقيق أى ردع للعنصرية – رغم أن محاربتها كانت واحدة من القوى الدافعة للكثير من الثوار إبان مصارعتهم النظام البائد، وقطاع لايستهان به يرى أن مشاركته _كان تأجيجاً لنار الحرب ضد العنصرية وتداعياتها السلبية، وقد رفعوا شعارات مكافحتها، قبل أن تقع الإنتكاسة عند محاولات الإجلاس على بعض كراسى الحكم_ والنزاعات التى حدثت حولها أعتبرت أنها كانت حول مغانم.
أخيراً ومع عودة لهجتها، واشتداد أوارها، وتوظيف الأعداء لها كسلاح لإعادة توليد الإستقطاب الإثنى _خلخلة الثورة وتفكيكها، من أجل عودتهم إلى المشهد_ الآن فقط تبين جدية مخاطرها. وهى السياق الذى يمكن من خلاله قرآءة مسودة قانون القضاء على كافة اشكال التمييز العنصرى_ التى قدمها حزب المؤتمر السودانى_ ولا نملك إلا الترحيب بها طالما أن بعض قادة الثورة أخذوا ينتبهون إلى خطورة تراكم واجباتهم المنزلية.
نرحب بها حتى إن أتت منقوصة، لم يدرج فيه التحيز ضد النساء كشكل من أشكال العنصرية.
نرحب بالمسودة، حتى إن إقترحت معاقبة الجانى بالسجن، وأسقطت حق المجنى عليه فى الحصول على تعويض مادى يدفعه الجانى.
نرحب بها حتى إن لم يرد فيها نص يجرد أى عنصرى من أهليته لشغل أية وظيفة فى الدولة _حتى إن كان خفيراً.