مرحباً بقانونِ مكافحةِ العنصريةِ بين السود_ والسود. (2/2)

0 110
كتب: آدَمْ أَجْــــــــــــــرَىْ
إخترنا هذا العنوان تورية لإنتفاء أسباب صمود مثل هذه العنصرية المؤسسية المتجذرة، وسط شعوب يصنفها العالم فى خانة نفس السلالة، ثقافاتها الأصلية شديدة التقارب مع ثراء وتنوع وإنفتاح مكنتها من العيش فى نفس البقعة بالحد الأدنى من الاحتكاك؛ قبل دخول عوامل خارجية قلبت الموازين رأساً على عقب.
تجارة الرقيق هى المسؤولة عن كل هذا الخراب، ورغم أن معظم السودانيين شمالاً جنوباً، شرقاً وغرباً عملوا فيها _أبحثوا عن قبيلة لم تُدمج أسيراً أو تمتلك رقيقاً لن تجدوها_ إلا أنه فى وسط السودان، ولأسباب متعلقة بالصراع حول السلطة والمحافظة على مكتسبات الساسة _الدينيين_ الذين بنوا تطلعاتهم على نقاء عرقى متوهم صدقته العامة. والحاجة إلى إستدامة إمتيازات طائفية _قادتها هم النسخة المحلية لأمراء الإقطاع_ إقتضت الحاجة ممارسة التحطيم وتأسيس نظم طبقية قائمة على العرق واللون والدين والجغرافيا. الحقيقة التى تخفى، أن تجارة الرقيق كانت مرتبطة بحلقة أخرى هى صيد الرقيق حيث ينفذ المحليون غارات على قبائل الجوار، يحصلون منها على أفراد يدمجونهم فى قبائلهم لبناء القوة؛ أو يبيعونهم للتجار، وبذلك فإن جميعهم كانوا شركاء. إنتهت تلك الحقبة؛ التى كانت فيها هذه الممارسة من أهم شروط البقاء. تجاوزتها الأغلبية، تبرأ منها أحفاد الصائدين المحليين والتجار الأوربيون القدامى_أدانوها ويكاد لا أحد يتباهى بها_ لكن بعض الأوساط الإجتماعية الفاشلة ترى فى عار الرق _صيداً وتملكاً وتجارةً _إمتيازاً ومجداً يفاخر به، وكأنها هى من أسسته وأبدعت فيه وحدها. ذلك لأنها متغربة عن حاضرها، غير قادرة على تقديم شيئ ذى قيمة. وبعقلية الإقطاع تسعى إلى الإستئثار بكل شيئ حتى الذى لا تعرف عنه أى شيئ. لديها المصلحة فى توسعة رقعة العبودية كى تضم أيضاً شركاء الأمس، منها تلك العائلات القوية التى لم تتعرض لها البتة، من هنا تأتى ردود الأفعال القاتلة، والحروب الطاحنة التى لا يمكن أن تكون إلا من فعل الأحرار.
ولأنها عنصرية مرتبطة بأطماع إقطاعية، تخلق ثقوباً فى قاع قارب يبحر بالجميع، فقد سهلت ترجمة نعوتها إلى سياسات، وإستهدافات بإفقار، وإجهاض طموحات، وجعل المؤسسات الحكومية مرتعاً للخبائث، وتأجيج حروب بعقيدة قتالية دينية عرقية، والإقدام على إرتكاب سلسلة إبادات جماعية حطت سمعة السودان وعمدتها لتصدر قائمة أتفه دول العالم قبل تتدخل ثورة ديسمبر لإنقاذها.
المتضررون من العنصرية أكثرية مطلقة_هم قلب الثورة، أنجزوها ولن تُخذِّلهم عثرة، بإمكانهم تناسى كل شيئ والإتجاه إلى تشكيل جبهة سياسية موجهة ضد هذه القلة _التى لن تكون عقوبة السجن فى حقها كافية_ وإذ نرحب بمسودة هذا القانون، نعلم يقيناً أنها ليست لحماية هذه الأكثرية ذات القاعدة الشعبية الضاربة التى إعتادت على تلقى هذه النعوت وتجاوزها؛ تفادياً لإنزال المزيد من الفساد على حالة فاسدة أصلاً، بل لأنها فيها تقويماً لعنصريين جهلة، وحماية لهم من ردود أفعال؛ قد لا يكونون قادرين على مجابهتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.