مع بدء البرهان جولته العربية: فرص متساوية للعودة للمسار السياسي او كارثة الحرب الاهلية الشاملة

0 75

تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات
– مثل خروج البرهان من الخرطوم، فرصة جديدة لوقف الحرب عبر خيار الحل السياسي، واستعادة مسار الانتقال السياسي مرة أخرى , وذلك بعد مساهمة أطراف إقليمية ودولية في خروجه من القيادة العامة عبر التنسيق مع قيادة الدعم السريع التي تحاصرها من بداية الصراع في ابريل .وتفيد المعلومات المتوفرة لدينا ان تصور متكاملا لاتفاق وقف اطلاق النار متوفر لدى اطراف منتدى جدة , سيوقع عليه طرفا الصراع , كمدخل للحوار والحل السياسي , يقطع الطريق أمام الإسلاميين وعناصر النظام القديم للعودة مرة أخرى للسلطة .
– سيطرة الدعم السريع علي المواقع الاستراتيجية في عاصمة البلاد , واقتراب قواته من حسم مواقع الجيش الرئيسة , دفع البرهان للاستجابة لمجهودات اطراف مبادرات الحل السياسي , وفض شراكته وتنسيقه مع الإسلاميين وكتائبهم الجهادية , خصوصا بعد فشلهم في تعويض النقص الذي يعاني منه الجيش في جنود المشاة , ومحاولتهم عزل القيادة الأولى للجيش من إدارة المعركة وجهاز الدولة , الامر الذي دفعه لتقبل عرض عملية سياسية جديدة تتواجد بها القوي السياسية السودانية ما عدا المؤتمر الوطني , واستشعارا بخطورة الوضع ، بدأت منصات الإسلاميين وواجهات حزب المؤتمر الوطني المحلول حملة خطاب تخويني ضد البرهان, ورفضهم المسبق لأي اتفاق أو عملية سياسية أطرافها قوات الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي .
– في الوقت الذي يستعيد فيه البرهان مهامه كرئيس المجلس السيادي , ويؤكد علي تواجده كقائد عام للجيش من خلال زياراته الميدانية لحاميات الجيش في الولايات الشمالية في طريقه للعاصمة الإدارية الجديدة بورتسودان , تواصل قوات الدعم السريع هجومها علي مواقع الجيش في المهندسين بأمدرمان و ما تبقي من منطقة الشجرة ” الأجزاء الغربية ” من سلاح المدرعات بهدف تشديد الخناق علي الجيش ودفعه لتأييد ودعم توجه قائده العام بعيدا عن مخططات الإسلاميين واجتهادهم لتشكيل رأي عام رافض لاي تسوية سياسية مع الدعم السريع داخل الجيش وحواضنه الاجتماعية .
– هجوم قوات الدعم السريع علي قواعد الجيش العسكرية في الخرطوم يتزامن مع محاولاتها بسط السيطرة على حامية نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور عبر التفاوض مع المجموعات المقاتلة داخلها , ذات المنهج تتبعه الان في الضعين , عاصمة ولاية شرق دارفور وحاضنته الاجتماعية , وتشير المعطيات الى قرب اعلان سيطرة الدعم السريع عليهما خلال الساعات القادمة , لتكون عمليا دارفور في قبضته الكاملة , باستثناء ولاية شمال دارفور بعاصمتها التاريخية الفاشر , التي تمثل الثقل الاجتماعي للحركات المسلحة التي ينتسب غالبية عناصرها لقبيلة الزغاوة .
الخلاصة:
• من الواضح من الحركة الميدانية ان الدعم السريع يتعامل مع خروج البرهان، دون استسلام الحركات الإسلامية وميليشياتها التي تستمر في القتال والحشد والاستنفار في كل الولايات، باعتباره تراجعا تكتيكيا، ولهذا لن يتوقف عن محاولة حسم بقية مواقع الجيش في ولايات الخرطوم ، والتامين الكامل لدارفور ، حتى يفرض شروطه التفاوضية على قيادة الجيش وحاضنته الإسلامية من موقع القوة .
• المتغيرات في السودان أعادت الروح لخيار الحل السياسي، وجهود وقف القتال، على الرغم من وجود تحديات عديدة، أهمها قوى النظام القديم ، وخلافات القوي السياسية المدنية بشقي الحرية والتغيير والتيار الجذري ممثلا بالشيوعي والبعث الذي يختلف مع الجميع ، وكذا تضارب مصالح ورؤى القوى الإقليمية .
• في تقديرنا ان السودان ، بهذه المتغيرات يقف اليوم امام الفرصة الأخيرة للحوار السلمي ووقف الحرب الكارثية ، لان البدائل ستكون حربا أهلية شاملة لا منتصر فيها ولا مخرج سوى كارثة تقسيمية للبلد ، مع ترجيح لبداية حملات من التطهير العرقي ، نظرا للهجرات الجماعية من الأطراف نحو المدن وللتداخل الكبير بين القوميات والاثنيات الذي حصل في السنوات الثلاثين الماضية ، خصوصا في الولايات الشمالية بما فيها العاصمة ، الشرق – بوتسودان وكسلا والقضارف – وكذا في شمال كردفان والنيل الأزرق وجبال النوبة ، واذا ما دخلت البلاد هذا المسار ، فان حربا أهلية لن تقل في ماسيها وكوارثها عن الذي حصل في رواندا .
• عربيا وتحديدا دول الجوار، ولمصلحة الامن القومي ، لا خيار سوى دعم منبر جدة لوقف الحرب بالرعاية السعودية والأمريكية ، والمسار السياسي في اديس ابابا بدعم من الاتحاد الافريقي ومنظمة الايغاد ، بما يعني توحيد كل منابر الوساطة والحد من التنافس الإقليمي الضار .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.