نفس الملامح والشبه

0 53
كتب: كمال كرار
.
تقفيل كباري وبومبان وإغلاق شوارع..وعربات مدرعة تسد مداخل القصر الجمهوري والقيادة والطرقات المتفرعة عنهما ..كل تلك المناظر التي شهدناها بالأمس تعكس صورة (مقلوبة) عنوانها الدولة البوليسية..وهي نفس الملامح والشبه لدولة الإنقاذ المخلوعة ..
ولن نسأل عن لماذا تخاف حكومة ما بعد الثورة من صوت الجماهير ومواكبهم ومطالبهم العادلة،ولماذا ينطلق البومبان ويضرب الثوار بالعصي المكهربة،وهم فقط يمارسون حقهم الطبيعي في التعبير عن رأيهم ..وتسير مواكبهم إلي مجلس الوزراء (الذي هو ليس عند حسن ظنهم الآن) لتقديم مذكرة مطلبية ..ولكن لا يقابلهم رئيس الوزراء ولا أي وزير أو غفير ..بل تقابلهم القوات والمليشيات الأمنية ..
وهؤلاء الذين قمعوا بالأمس هم الذين خرجوا ضد النظام البائد،وصنعوا الثورة التي جاءت بالحكومة الإنتقالية،فانطبق قول الشاعر (علمته الرماية فلما اشتد ساعده رماني)..
ولماذا يكون القمع سيد الموقف في زمن ما بعد الثورة ؟ ومن الذي يصدر الأوامر ؟ هذه الأسئلة إجاباتها معروفة ولكنها تلخيص لجملة واحدة تقول إن الطريق إلي الدولة المدنية لا زال طويلاً ..
بالأمس كانت ذكري 6 أبريل ..واعتصام القيادة ..وذروة الفعل الثوري …وكان الثوار بالأمس في الشارع ينالون نصيبهم من القمع ..فأين كانت حكومة الثورة ؟ كانت مجتمعة لإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل ..يا للإنشغال الثوري ..ويا للإحساس الفائق بهموم الشعب ..والمطحون بالغلاء وانعدام الخدمات ..والبطالة ..
وعندما كان الإجتماع مدوراً ..كان المئات من الناس يسقطون في الجنينة بين قتيل وجريح ..ولكن ؟
ولكن أولويات المرحلة (كما وضعتها الأجندة الداخلية والخارجية) لا بعد أن تكون بعيدة من مطالب الثورة ..ودوننا ما يحدث :
يتعطل التحقيق في مجزرة القيادة إلي يوم القيامة العصر ..وحتي إن خرج إلي العلن تقيد الجريمة ضد مجهول ..
يتعطل قيام المجلس التشريعي إلي يوم القيامة العصر حتي لا يشوش علي برامج الإنبطاح السياسي والاقتصادي
يتعطل قانون النقابات حتي يجرد العمال من سلاحهم المشروع ضد الإستغلال والظلم والإضطهاد
والأزمات والمعاناة التي يعيشها الناس هي أيضاً أداة تصنع عمداً لإلهاء الناس عن مطالب الثورة،ولشغلهم بقضايا المعيشة اليومية..
وفي غمرة كل هذا يصرف المال الكثير علي تعزيز المنظومة الأمنية،ويموت الناس بسبب نقص الأدوية ورداءة المؤسسات الصحية..
والتعليم حكر علي أبناء وبنات الأغنياء طالما يتقلص القبول العام لحساب القبول الخاص ..والمالية التي دفعت التعويضات للأمريكان لا تدفع للجامعات نفقاتها الضرورية ..
وموازنة الدولة نفسها يمولها الفقراء ..ولكنها تخصص لشراء المدافع والبنادق التي تقتل هؤلاء الفقراء ..
قيل في المثل السوداني (الفايت الحدود واسوه)..ومن يضحك أخيرا يضحك طويلا
وأي كوز مالو ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.