هذا … أو (حرب الشوارع)!!

0 67

بقلم : محمد عبد القادر

أحداث مؤسفة شهدتها مناطق كافوري وسوبا ومقر هيئة العمليات شرق مطار الخرطوم أمس، لا أجد مبرراً لمحاولة منسوبين يتبعون لهيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات نيل حقوقهم باستخدام السلاح على الرغم من وجود قضية حقيقية تتطلب التعامل معها بالحكمة و(التي هي أحسن) .
بالأمس حبست أصوات الذخيرة الصادرة من مباني جهاز الأمن والمخابرات أنفاس الخرطوم، روعت المواطنين وجعلت من العاصمة ساحة حربية تسيطر على أجوائها أصوات وزخات الرصاص قبل أن تغلق الشوارع وتتوقف الحركة تماماً، وتنتشر الشائعات التي ضاعفت من خوف المواطنين.
ما حدث من منسوبي هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات أمس يعد أكبر وأخطر التحديات التي تواجه الأمن بالخرطوم وبلادنا قاطبة في أعقاب التغيير الذي حدث، فهو اختبار لمناعة الأجهزة الأمنية في التصدي لمثل هذه الظواهر ولا أعني بقوة السلاح بالطبع ولكني أشير إلى العافية التي انتظرناها كثيراً في العلاقة بين المكونات العسكرية وقلنا إنها الضامن الأساسي للتحول الديمقراطي ونجاح الفترة الانتقالية.
ما حدث امتحان لكفاءة الأجهزة العسكرية والأمنية في التعامل مع المخاطر الناجمة عن الترتيبات الخاصة بهيكلة الأجهزة في مرحلة ما بعد الثورة، وتمحيص لكفاءة قرني استشعارها في التحسب لأي تباطؤ في إجراء المعالجات اللازمة.
بالأمس كان الفريق شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة شفافاً وهو يشير إلى وجود قصور في التعامل مع ملف هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات بجهاز الأمن.
الشاهد أن هذه الأحداث ما كان لها أن تقع لو أحسنت الجهات المعنية توفيق أوضاع 10 آلاف من أفراد العمليات اختاروا التقاعد ورفضوا دمجهم في الجيش والدعم السريع بصورة مرضية ومجزية.
هذه قوات نوعية كانت تمثل عصب الجهاز ومكمن قوته، كيف يتركوا أوضاعها نهباً (للطناش والإهمال) وكيف تتقاصر حساسية الأمنيين عن إدراك وتفادي اللحظة التي شهدتها الخرطوم أمس.
المتضررون عملوا 12 عاماً في العمليات ومكافحة الإرهاب وحماية الحدود وحينما اختاروا المغادرة اعترضوا على ما تم تقديمه لهم من مبالغ زهيدة وحدث ما حدث، لم ينزع سلاحهم أو يمنحوا حقوقهم كاملة وهذا تقصير يستوجب المراجعة والمحاسبة.
بالضرورة لا يمنح كل ما تقدم أحداً الحق في حمل السلاح ضد الدولة أو إعلان التمرد عليها، هذا خطأ يستوجب التعامل معه بما يلزم من حكمة توصد أبواب العنف وتعصم العلاقة بين أطراف المكون العسكري من أية هزات أو مواجهات تفضي إلى ما لا يحمد عقباه.
لا أعتقد أنه من المصلحة في هذه المرحلة التصدي للسلاح بالسلاح ، الأجدى أن يتقدم العقلاء لنزع فتيل الأزمة بما يلزم من حلول تحافظ على أمن البلد وتغلق الباب أمام أية محاولة لزعزعة استقرار المواطنين، القضية قضية حقوق، عدم التعامل معها في سياقها الطبيعي سيجعلها مدعاة لتسويق أجندة أخرى بدأت تطل برأسها.
على القيادات السياسية والأمنية إدراك أنه لم يعد هنالك موضع في جسد العلاقة بينهما لفتنة جديدة، ما قال رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك أمس هو عين العقل(الموقف الراهن يثبت الحاجة لتأكيد الشراكة الحالية مع العسكريين والدفع بها للأمام لتحقيق الأهداف العليا.. نجدد ثقتنا في القوات المسلحة والقوات النظامية وقدرتها على السيطرة على الموقف).
على الأطراف جميعاً النأي عن استثمار الأحداث في تحقيق أجندة خاصة، هنالك نداءات تحريض، ومحاولات كذلك لتفصيل جرائم على مقاس الأزمة بهدف تصفية حسابات سياسية تستثمر الحدث لتحقيق مكاسب تكتيكية في صراع مكشوف ومعروف يرتبط بأشخاص متنفذين في مسرح الفعل السياسي.
أيما تعاطي مع ما حدث بعيداً عن استصحاب حساسية العلاقة بين المكونات العسكرية والأمنية سيفضي إلى (حرب شوارع) تنتظر خروج الطلقة الأولى لتقول بعد ذلك أن البادئ أظلم.
من أروع شعارات الثورة وما أسفرت عنه من تحولات حتى الآن مبدأ السلمية الذي نتمناه أن يكون حاضراً في مساعي نزع فتيل الأزمة بالتي هي أحسن بعيداً عن الدماء والاحتقانان والمواجهات المسلحة، اللهم احفظ بلادنا… من كل شر إنك نعم المولى ونعم النصير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.