يا ثوار الخرطوم انتبهوا
كتب: كمال كرار
.
على أيام الاستعمار الإنجليزي كان هنالك قانون يسمى (المناطق المقفولة)، حظر على مواطني أقاليم محددة في السودان الانتقال للعاصمة أو المدن الرئيسية.. وفي جوهره كان قانون للفصل العنصري..
وجاءت نظم حكم سميت مجازًا (وطنية) بعد الاستقلال لكنها سارت على خطى الإرث الاستعماري.. وتجلى ذلك في السياسات والقوانين التي صدرت من سلطات العاصمة في حقب مختلفة.. وأخذت مسميات مختلفة.. إزالة السكن العشوائي، الكشات، النظام العام، التخطيط والمظهر الحضاري، وغيرها من مسميات..
وبسبب التنمية غير المتوازنة والحروب والجفاف.. نزح الملايين للمدن ومن بينها الخرطوم.. فإن سكنوا في أطرافها (العشش مثلًا) بدون خدمات.. طردوا إلى منفى جديد.. وأستولى آخرون على المكان الذي سكنوا فيه لعشرات السنين.. وإن رحلوا لزقلونا أو سوبا الأراضي أو كرتون كسلا.. حاصرتهم الكشة والإزالة مرة أخرى.. والتهمة السكن العشوائي والمخدرات والخمور وما شابه..
وإن باع هؤلاء التسالي أو اشتغلوا بالأورنيش أو باعوا الطماطم على جنبات الأرض طاردوهم بحجة التنظيم والمظهر العام..
وإن انتظموا في السوق المحلي أو المركزي ضيقوا عليهم الخناق.. وصاروا غير مرغوب فيهم..
صدر قرار بالأمس بحظر البيع والتجارة بعد الساعة الثامنة مساء بالسوقين المركزي والمحلي بالخرطوم.. ومنع المبيت فيهما..
والذين يصدرون مثل هذه القرارات يجلسون في مكاتبهم الفارهة.. المحروسة بالهدف ويغادرونها إلى قصورهم الفارهة بعرباتهم الفارهة.. ولا يدركون أن هنالك مواطنين سودانيين شرفاء يكسبون عيشهم من تلك الأسواق.. ليسوا متبطلين ولا حرامية ولا سماسرة..
وقل لي لماذا تحارب مثل هذه الأسواق المركزية؟ لأنها شوكة حوت في حلق طفيلية تستورد التفاح والنبق الإيراني والسلع المضروبة والسوق المركزي ينافسها ويقتطع زبائنها.. وهكذا فإن هذه القرارات لها أبعاد أخرى..
ولما كان الشيء بالشيء يذكر فالقرارات المتعسفة التي تصادر حقوق الناس وتمتهن كرامتهم تصدر بموجب القوانين البائدة التي أصدرتها الإنقاذ المخلوعة، ولكن السلطات التنفيذية بالخرطوم.. المملوءة بسدنة النظام البائد تعيد إنتاج القمع والإرهاب.. ودوننا المظاهرات السلمية التي تقمع.. والكشات والازالات وإهدار الحقوق.. والفنانات اللائي يضربن حتي الموت وهن علي خشبة مسرح..
إن هذه الممارسات البغيضة واجبة المقاومة ليس بالاستنكار والبيانات ولكن بالمواكب والترس والإطارات المشتعلة وغيرها من أدوات الثورة.. الخرطوم الآن يراد لها أن تكون قائدة الهجوم المضاد على الثورة والحريات.. إن السدنة يختبرون قوتكم يا ثوار الخرطوم.. فهل أنتم على قدر التحدي؟
وأي كوز مالو؟