أكلت العجب العجاب
كتب: طلحة جبريل موسى
.
كنت قد تعرض لوعكة خفيفة لكنها تتطلب الراحة، ومن ذلك عدم المشي، نصحت الطبيبة أيضاً بعدم الجلوس أمام الحاسوب المكتبي وتفادي كل ما من شأنه إرهاق الذاكرة، وتجنب الهاتف .
في الغالب لا أكترث كثيراً لنصائح الأطباء، وهذا أمر سلبي، لكن ما العمل إذا كنت تعتقد أنك طالما أكلت كل ما يسبح في نهر النيل خلال سنوات الطفولة لن تعرف الأمراض ، خاصة عندما تتذكر أولئك الرائعين الذين كانوا يقولون من يأكل “خيرات النيل” لا يمرض، آمل أن يذهب خيالكم بعيداً لتعرفوا أن من بين تلك الخيرات عجب عجاب.
للخروج من كآبة الوعكة الطارئة ،اقترح علي شخص عزيز التجول مشياً في الحي الذي نزحت إليه شرائح مقتدرة من”ناس الرباط”. وجدت”حي الرياض” أنيقاً جميلاً، ناسه أيضاً يفيضون بهاءً وألقاً. تجولنا في “محج الرياض”، ظني أن هذا الممر المبهج وما تحيط به من أشجار ونباتات، يفترض أن يحمل اسم مفكر أو كاتب أو شاعر أو صحافي ، لأنه مكان يحفز على الابداع .لم أجد في اسمه الحالي أي جاذبية .
في ذلك “المحج “خليط من روائح القهوة والعطور والورود والخبز الساخن والحلويات.متاجر لكل شيء، لكن لم أجد مكتبة، هل الشرائح المقتدرة لا تقرأ .
انتقل إلى موضوع آخر، أتاحت لي أيام الراحة الإجبارية الاستماع إلى المذياع.
معظم الوقت أتنقل بالمؤشر بحثاً عن نشرات الأخبار وبرامج في عدة محطات إذاعية مع أفضلية لإذاعة الرباط .لاحظت أن برامج “الرياضة” فيها تمددت كثيراً، مع جهد واضح من طرف الزملاء في تقديم مواد متميزة، لكن اللافت للانتباه ، أن من بين البرامج التي استمعت إليها برنامج”على طاولة النقاش“ دام ساعتين كاملة، وهو برنامج حواري تفاعلي، ثمة برامج حوارية أخرى، تتراوح مدتها ما بين نصف ساعة، برنامج “زمن الحكي” المتميز كمثال ، وساعة لبعض البرامج الحوارية الأخرى والترفيهية.
بعد دخول الإعلام عصر الإنترنيت وقبل ذلك التلفزيون ظن البعض أن المذياع سينقرض، خاصة أن السياسيين وصناع القرار في شتى المجالات باتوا يفضلون برامج الصورة والصوت،، في حين انتشرت مقاطع الفيديو بين جميع الشرائح، وراحت منصات مثل “يوتيوب” تقصف الناس قصفاً عبر الهواتف المحمولة.
أختم وأقول إن جميع الإذاعات سيكون لها حضوراً وازناً،إذا ركزت على الأخبار كل الأخبار والحوارات التي تقول شيئاً، والعمل الميداني في نقل الأحداث ، والمهم الأهم برامج موجهة للسائقين أكبر شريحة تستمع حالياً للإذاعات، كما تفعل الإذاعة الأميركية “إن بي آر” (NPR) التي يتابعها 15 مليون سائق سيارة يومياً.