أوسع رفض للحلف الدفاعي الإقليمي الجديد

0 66
كتب: تاج السر عثمان بابو
.
1
جاء في صحيفة “إسرائيل تودي”: أن الرئيس الأمريكي بايدن في زيارته القادمة للشرق الأوسط سوف يعلن عن تحالف دفاعي إقليمي يضم: الولايات المتحدة، إسرائيل، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المغرب، والسودان، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية والعراق.
واضح إذا تم ذلك الحلف فهو الزج بالسودان بشكل أوسع في الأحلاف العسكرية السابقة، كما في حلف حرب اليمن، والافريكوم… الخ، لكن الهدف من هذا الحلف:
– إنه يتم في ظروف عالمية وإقليمية من أهمها الحرب الروسية – الأوكرانية التي أثرت على شعوب المنطقة التي تأثرت بارتفاع أسعار الطاقة والقمح وشح الغذاء، واحتمال انفجار المزيد من الثورات في المنطقة، بالتالي قمع هذه الثورات أو احتوائها بتسويات جزئية تعيد إنتاج الأزمة من جديد بشكل أوسع.
– حماية الكيان الصهيوني من ضربات الانتفاضة الفلسطينية المتنامية في الأراضي المحتلة.
– الزج بالسودان في الحرب الروسية – الأوكرانية، باعتبارها حرب لأمريكا وحلفائها ضد روسيا بالوكالة، والمزيد من نهب ثروات الدول النفطية عن طريق شراء الأسلحة، لتخفيف أزمة أمريكا المالية والاقتصادية وديونها، بسبب الحرب.
– وضع السودان في قلب الصراع الإقليمي والدولي في حمى الصراع بين أقطاب الدول الرأسمالية وروسيا والصين بهدف المزيد من نهب موارد أفريقيا الزراعية والمعدنية، وتجنيد المرتزقة لتحقيق ذلك الهدف، إضافة لاحتدام حدة الصراع حول الوجود العسكري في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، مما يضع السودان في مرمي نيران الصراع والاستقطاب الدولي، وفقدانه للسيادة الوطنية التي هي أصلًا منتهكة منذ نظام الانقاذ وانقلاب اللجنة الأمنية، كما في المحاولات من الإمارات لقيام ميناء جديد، مع مشروع زراعي ضخم وطريق قومي يربط منطقة الإنتاج بالميناء الجديد، في ظل غياب حكومة في البلاد ومجلس تشريعي وفوضي ضاربة بأطنابها في البلاد، مما يؤدي للمزيد من نهب ثروات البلاد، مثل موانئ بورتسودان وسواكن، ووجود إسرائيل المتحالفة مع الإمارات العسكري في البحر الأحمر، وانتهاك السيادة الوطنية، مما يتطلب إسقاط ذلك المخطط، كما أسقطت ثورة ديسمبر مخطط خصخصة ميناء بورتسودان.
بالتالي من المهم قيام أوسع معارضة لوجود السودان في الحلف، ومؤكد أن شعب السودان عنيد شديد المراس وسوف يفشل تلك المخططات.
2
كما هو معلوم نضال شعب السودان من أجل السيادة الوطنية وحرية واستقلال السودان قديم، كما في الثورة المهدية التي أسقطت الاحتلال التركي- المصري، وثورة الاستقلال 1956 التي أسقطت الاحتلال الإنجليزي – المصري، وجاء استقلال السودان بعيدًا عن أي أحلاف عسكرية، رغم ظروف الحرب الباردة التي كانت تعج بالأحلاف العسكرية يومئذ مثل: حلف وارسو، وحلف الأطلنطي، وامتداداتهما الإقليمية مثل: حلف بغداد “السنتو” الذي تكون عام 1955 من باكستان، تركيا، العراق، المملكة المتحدة، وأمريكا التي كانت صاحبة الفكرة، وكان الهدف منه حماية الأنظمة الحاكمة ضد تطلعات ورغبات شعوبها، والذي أندثر وذهبت ريحه بفضل نضال شعوب المنطقة.
– بعد الاستقلال أسقط شعب السودان في ثورة أكتوبر 1964 ديكتاتورية عبود التي فرطت في السيادة الوطنية بإغراق جزء عزيز من الوطن (حلفا) بثمن بخس، في غياب شعب السودان ومؤسساته الدستورية والبرلمانية، وأسقط المعونة الأمريكية المشروطة التي فرضها الانقلاب، ورفضها شعبنا في فترة الديمقراطية الأولي، ورفض التدخل لقمع حركات التحرر الوطني في أفريقيا وبقية العالم.
– كما أسقط شعب السودان في انتفاضة أبريل 1985 ديكتاتورية النميري التي فرطت في السيادة الوطنية بفرض ميثاق طرابلس بين مصر والسودان وليبيا، والذي كان تدخله واضحًا في شؤون البلاد الداخلية كما في ضرب الطائرات المصرية والليبية للمواطنين العزل في الجزيرة أبا 1970، وانزال القذافي لطائرة بابكر النور وفاروق حمدالله واعتقالهما ليسلمهما للسفاح نميري في يوليو 1971، ليقوم بجريمة إعدامهما مع أبطال 19 يوليو 1971، كما رفض شعب السودان اتفاقية الدفاع المشترك، ومشاركة نظام النميري في مناورات قوات النجم الساطع بقيادة أمريكا، وتحويل السودان لمركز للاستخبارات الأمريكية في أفريقيا، وترحيل اليهود الفلاشا من السودان لإسرائيل.
3
– كما أطاح شعب السودان في ثورة ديسمبر 2018 بالديكتاتور البشير الذي فرط في السيادة الوطنية، فضلًا عن تدخله الإرهابي في شؤون الدول الأخرى، ومسؤوليته في التفريط في حلايب وشلاتين وابورماد… الخ واحتلالها من قبل النظام المصري، والفشقة من النظام الأثيوبي، ودوره في فصل الجنوب بعد اتفاقية نيفاشا بتدخل خارجي واستجابة للضغوط أمريكية، واشعال نيران الحرب في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، مما أدى للتدخل الكثيف في الشؤون الداخلية للبلاد، وتفكيك الجيش السوداني ، وقيام مليشيات “الجنجويد”، وكان من نتائج ذلك إبادة أكثر من 300 ألف مواطن في دارفور وتشريد أكثر من 3 مليون مواطن، وقرار محكمة الجنايات الدولية بتسليم البشير والمطلوبين للجنائية الدولية، والزج بالسودان في الحلف العربي– الإسلامي لحرب اليمن بقيادة محور السعودية والإمارات ومصر، وقرار إرسال مرتزقة سودانيين للمشاركة في حرب اليمن، علمًا بأن السودانيين كانوا يرسلون معلمين لنشر العلم والمعرفة في اليمن!!، وبدل من رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والمطالبة بحل المشكلة سلميًا في إطار الأمم المتحدة، زج البشير بقواتنا في محرقة الحرب في اليمن، في حرب لا ناقة ولا جمل فيها لشعب السودان.
إضافة لفتح أبواب البلاد على مصراعيها للنشاط الإرهابي كما في إنشاء المؤتمر الشعبي الإسلامي في تسعينيات القرن الماضي الذي جمع كل صنوف الإرهابيين متعددي الجنسيات مثل: بن لادن، وكارلوس، وغيرهم من الإرهابيين المصريين والليبيين، والفلسطينيين، والأفارقة ومنظماتهم “بوكو حرام ، الشباب الصومالي… الخ” ، وتفريخ جامعة أفريقيا لهم وإرسالهم للبلدان الافريقية.
– تمّ فتح البلاد للشركات ولرجال الأعمال الفاسدين من الإسلامويين وغيرهم، الذين نهبوا ثروات البلاد من عائدات الذهب والبترول التي تقدر بمليارات الدولارات وتهريبها خارج السودان، وتدمير الغطاء النباتي بالقطع الجائر للأشجار، والصيد البري الجائر، وفتح الباب للاستثمارات السعودية والإماراتية… الخ للاستثمار المجحف، وضد أصحاب المصلحة من المزارعين والرعاة السودانيين، وبعقود ايجار يصل بعضها لملايين الأفدنة لفترات زمنية تصل إلى 99 عامًا!!، وتم تقدير الاستثمارات السعودية والإماراتية بعشرات مليارات الدولارات لإنتاج القمح والبرسيم وبقية الحبوب وتصديرها للاستهلاك المحلي في تلك الدول، في استنزاف للمياه الجوفية، وعدم تخصيص جزء من العائد لتنمية مناطق الإنتاج، وتشغيل العمالة المحلية، وتوفير خدمات التعليم والصحة والمياه والكهرباء والبنيات التحتية.
كل ذلك في تفريط بشع وفاسد من نظام المؤتمر الوطني ورموزه، إضافة لأطماع الإمارات في الموانئ السودانية، حيث أحبط عمال الشحن والتفريغ مؤامرة تأجير الميناء الجنوبي، حتى تم إلغاؤها، كما تم إبعاد الأتراك عن ميناء سواكن.
4
وأخيراً، أوسع مشاركة جماهيرية في ذكرى موكب 30 يونيو، ورفع رايات السيادة الوطنية عاليًا، ورفض ربط البلاد بالحلف الأمريكي الجديد، وحماية موانئ البلاد، ورفض قيام الميناء الجديد على البحر الأحمر المدمر للسيادة الوطنية، والخروج من كل المحاور العسكرية السابقة، ومواصلة المعركة حتى إسقاط الانقلاب العسكري وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي والسيادة الوطنية، وقيام علاقات خارجية متوازنة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.