أولاد العرب وأولاد “العب”

0 84
كتب: جعفر عباس
تشهد معظم دول العالم هذه الأيام مظاهرات حاشدة استنكارا للتمييز العنصري، وكانت الشرارة قتل شرطي ابيض للأمريكي الأسود جورج فلويد، ومن المؤكد اننا في السودان نتعاطف مع السود في أمريكا كما تعاطفنا مع السود في جنوب افريقيا عندما كانوا يخضعون لحكم عنصري استعلائي بغيض، ولكننا النجار الذي بابه مخلع.
فالمفاهيم العنصرية الاستعلائية كائنة في التكوين الفكري لمعظمنا، والناس عندنا ينقسمون الى أولاد/ بنات عرب وعبيد وحلب، فمن الاستعلاء أن نحكم على الناس بدرجة سواد البشرة، ونسمي ذي السحنة الأفريقية الخالصة “عب” يعني نستكثر عليه حرف الدال في آخر الكلمة، أما الأنثى الأفريقية الخالصة ف”خادم”؛ ولا نقول عبدة، وفي هذه التسمية المتوارثة ما يشي بأننا نرى ان وظيفة بنت البلد ذات السواد الفاحم هي خدمتنا، ومن حقي ان أتساءل مثل كثيرين غيري: كيف يكون هناك شارع في قلب عاصمتنا يحمل اسم الزبير باشا رغم ما هو معروف عن ضلوعه في تجارة الرقيق لحين من الدهر (وهناك من ينفي عنه هذه التهمة باعتبار ان الانجليز أشاعوا عنه الاتجار بالبشر لتبرير اعتقاله ونفيه، ولكن طالما ان هناك ولو مجرد شبهة حول ضلوعه في تجارة الرق فوجود شارع باسمه مستفز للمشاعر).
عندما خرجت المظاهرات العارمة في أمريكا ضد التمييز العنصري ارتفعت في مدن أمريكا الكبرى لافتات تحمل ترجمة ل”لا فضل لعربي على أعجمي….. إلا بالتقوى” للتدليل على ان في الإسلام رسالة واضحة وقوية ضد العنصرية، ولكن المسلمين الذين يتباهون بأن الإسلام جعل من العبد بلال بن رباح “سيدنا” ولا يذكر اسمه الا متبوعا برضي الله عنه، يستعلون على إخوتهم في الوطن بحسبان ان سواد بشرتهم الفاحم يجعل منهم عبيدا، ونسمع كثيرا من يستنكر ان فلان تزوج بخادمة، وأن فلانة تزوجت ب”عب”، ثم نعيب على بعضنا بياض البشرة النسبي ونسميهم حلب ومع هذا تغازل بناتنا السرطان كي يصبحن حلبيات.
ونحن نصبو لإعادة تشكيل وجداننا الوطني لابد أن نترجم “يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور” الى عقيدة وطنية، ولا بأس في أن نكون جعليين وبطحانيين وكواهلة وبني عامر إلخ، ولكن البأس كل البأس في ان نقوم بتصنيف الناس على أساس جغرافي “شمالي/ جنوبي/ غرباوي” وعلى أساس درجة سواد بشرتهم ونحن نعيش في بلد اسمه مشتق من لون بشرة مواطنيه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.