إرثنا الاجتماعي و”القومة للسودان”

0 114

كتب: د. النور حمد

حسنًا، أن أطلق رئيس وزراء الحكومة الانتقالية، الدكتور، عبد الله حمدوك، نداءه الذي اختار له اسم، “القومة للسودان”. وهو نداءٌ تناوله العديد من الكتاب، منوِّهين لجوانب النداء الأخرى، التي تتجاوز مجرد جمع مبلغ من المال؛ كثُر، أو قل. فحالة الاصطفاف الجماهيري، وراء الحكومة الانتقالية، واستمرارية السند الشعبي لها، بما يضمن نجاح الفترة الانتقالية، هو الأهم. فقد خبت جذوة الثورة هونا ما، وكان لابد من وقدةٍ جديدة لروح الثورة، تعيد دفقها، وتملؤها، من جديد، بتلك الوحدة الشعورية، الصلبةٍ، التي حبست الأنفاس.

إن أخطر ما يمكن أن تواجهه الثورات، هو فقدان الدفق، وترهُّل الحماس، والانزلاق، تدريجيًا، في تلافيف الروتين. يحتاج الجمهور الثائر، كل فترة وأخرى، إلى هدفٍ، سامٍ، يلتف حوله. بل إن بعض القادة الأشرار، يختلقون أهدافًا وهميةً، ماكرة، يجمعون الناس حولها بشيطنة جهةٍ ما. ومن ذلك، على سبيل المثال، كذبة وجود أسلحة كيميائية في العراق، التي جعلت الجمهور الأمريكي يلتف، بمختلف أطيافه، خلف الرئيس بوش الابن، في غزوه للعراق.

ما من شك أن الوضع الاقتصادي للبلاد كارثي. لكنَّ، السبب في كارثيته، رغم اللغط الذي يثيره الذباب الإلكتروني، والورقي، لقوى الثورة المضادة، هو فساد هذه القوى، عندما كانت في السلطة. بل هي تعمل، الآن، ليل نهار في اختلاق العراقيل، ليبقي هذا الوضع الكارثي في مكانه. في مثل هذا الوضع الذي تواجه فيه حكومة الدكتور حمدوك، هذا النوع من الكيد الرخيص، من مختلف الأطراف، وفي الظروف الدولية الراهنة، التي لا تمتد فيها يد بالعون لأحدٍ، لا يبقى أمام السيد، رئيس الوزراء، سوى أن يستنجد بشعبه، وأن يقول “يا أبو مروة”، كما اعتاد السودانيون أن ينادوا، عادةً، في الضوائق، والمصائب. فقوى الثورة المضادة التي لم تعترف، ولا تريد أن تعترف بالثورة، لا تملك الثورة خيارًا إزاءها، سوى كسر إرادتها، بمثل هذا الفعلٍ الشعبي، التطوعي. وقد مثل الاعتصام في استقطاب البذل التكافلي، قمَّةً لا تُجارى لصراع الإرادات، انتصرت فيه إرادة الشعب. وسيفتح نداء “القومة للسودان” هذا، بابًا جديدًا لإظهار الإرادة الشعبية، في مواجهة إرادة من يريدون كسرها.

القوى التي تشيطن طموحات الثوار، وآمالهم، قوى استوردت جل أفكارها، ووجدانها، من محيطنا الإقليمي، ولا علاقة لما هي عليه من قيم بمواريث السودانيين. هؤلاء قومٌ أزاغ المال عقولهم، وأفرغ قلوبهم من كل شيء، سواه. فبيئتنا هذه بيئة تصوف؛ ليس منذ دخول الإسلام، وحسب، وإنما منذ أن نشأت ديانات التوحيد في أرض كوش، منذ آلاف السنين. هذه بيئة النفير، وبيئة الفزعة، وبيئة المسيد، وبيئة اقتسام النبقة. لا تحتاج هذه البيئة لمُتَفيْقِهٍ، ضحلِ العقلِ، جديبٍ الوجدانِ، يعلمها قيم الإسلام. فلنجعل نداء “القومة للسودان”، وقودًا جديدًا لوحدتنا، ولقوتنا التي نكسر بها من يريدون كسر إرادتنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.