كتب: ✍🏽عروة الصادق
.
تتواصل الجهود الإنقلابية لشرعنة إنقلاب 25 أكتوبر عبر البحث عن وثائق هجين وأخرى معدلة وأخيرة مشتراة، ويطلق عليها الإعلان السياسي أو الميثاق أو ما إلى ذلك، وتصرف لأجل ذلك أموال ورشاوى سياسية متنافية مع الإرث السياسي الأخلاقي ومتماهية مع تركة النظام الإخواني المباد.
في التوازي مع الجهد السياسي الذي يبذله عسكر الإنقلاب وممالئيهم من السدنة من ساسة ومستشارين وخبراء إستراتيجيين وأمنيين، تتوالي الاتصالات الصهيومحورية مع دولة الاحتلال وأجهزتها الاستخباراتية، والتواصل مع دول التي وعدت قادة الانقلاب بتوفير مطلوباته الآنية والمستقبلية ولكن عقب الصد الجريء والجاد، والتصدي السلمي المندفع للإنقلاب تراجعت تلك الدول عن دعم الإنقلاب إلا على استحياء من البعض.
مثلت عقبة تجاوز الانتهاكات الإنسانية وإهدار الحريات العامة إبان أيام الإنقلاب أكبر عائق أمام تجاوز آثار الانقلاب السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، فالتردي الاقتصادي وملامح موازنة العام 2022م غير واضحة المعالم، وستتأثر بصورة كبيرة لما يرجى تلافيه من قصور في توفير تمويل وافي لحصاد الموسم المطري وكذلك توفير مدخلات الموسم الشتوي، فضلاً عن التأثر بما نجم عن إيقاف العديد من أيادي الدعم الإقليمي والدولي، وكذلك عمل الانقلاب على تفتيت البنية السياسية، واجتهد بصورة حثيثة على دق أسافين الشقاق بينها وصلت حد الخصومة السياسية وصار بعض مناضلي الأمس سدنة وموظفين تحت إمرة الجنرال الإنقلابي.
وتراجع الوضع الأمني لحالة أقرب منها لما كان عليه الحال في 2003م خصوصا في دارفور، ومحاولة إفراغ عدد من المناطق عبر اختلاق معارك ضارية راح ضحيتها عدد من أبناء السودان بصورة مزعجة ومقلقة لكل ذوي ضمير إنساني حي، يجتهد هؤلاء لإخلاء مناطق برمتها من السكان بإجبارهم على النزوح واللجوء، وتمهيداً لوضع أيادي مخابراتية وشركات رمادية للإستيلاء على موارد الإقليم والسودان، وكذا الحال في شرق السودان الذي يتم التمهيد لفصله عبر خطوات مدروسة وملموسة وتم التمهيد لذلك بوضع أجندة إنفصالية مغروسة في سقف مطلوبات الجماعات الاحتجاجية فيه.
عمد الانقلابيون منذ يومهم الأول إبان المجلس العسكري لاستخدام كرت التطبيع لتجاوز الحواجز الدولية خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وللأسف ما زالوا يظنون أن هذا السبيل هو المفتاح لنجاتهم من شرور يمكن أن تحيط بهم وملاحقات تلوح بوارقها، وفي ذلك سكبوا مداداً معلوماتياً ومدداً عسكرياً وتمديداً لحبال الوهم بأن السودان حكومة وشعبا سيركن لتلك الخطوات التطبيعية التركيعية التقطيعية.
وما يؤسف له أن الانقلابيين استخدموا خطط قديمة من أضابير أجهزة الأمن والمخابرات، بعضها استخدم لعقود مضت وأخرى استخدمها المشير المخلوع في أواخر أيامه قبل وعند السقوط، بل واستعان بذات مستشاري المخلوع الأمنيين والعسكريين ومن يسمون بالاستراتيجيين وسخر لهم موارد البلاد ليمدوه بخطط أوردته لحتفه بظلفه، ومثل تبادل الزيارات بين وفود إسرائلية للخرطوم وسودانية لتل أبيب أبهى تجليات البحث عن ترسيخ للنظام الإنقلابي حتى قبل الإعلان في 25 أكتوبر وتواصلت إلى ما بعده.
ستظل الإرادة الغالبة هي نداءات ومطلوبات الشارع السوداني الذي وضع النقاط فوق الحروف، وبذل التضحيات الكبيرة لذلك، وقطعا سيُرغم هذا الشارع أولئك الانقلابيين للتراجع عن إجراءاتهم وسينهي فصول آخر انقلاب في تاريخ السودان بإذن الله.
أختم بالقول: أن هذا يوجب استعداد قوى الثورة للترتيب لما بعد إنهاء فصول الانقلاب وضرورة إنجاز الآتي:
أ) ملف دسترة الدولة وإنجاز المؤتمر الدستوري وصياغة مسودة الدستور والمؤسسات الدستورية.
ب) استعادة مسار الاصلاحات الاقتصادية وما يصحبه من دعم اجتماعي للمتأثرين بجراحة وزارة المالية والمضي قدما في توفير التمويل الكافي للقطاعات المنتجة والصناعية في القطاعين الحكومي والخاص.
ج) إكمال ملف السلام وضرورة بذل الجهود الحثيثة للتواصل مع قيادة الحركتين الشعبية وجيش تحرير السودان.
د) ملف العدالة (إجرائيا) و(جنائيا) والتمهيد لذلك بتهيئة المؤسسات المعنية بهذا الملف (النيابة – القضاء)، ويلحق بذلك ملف العدالة الانتقالية الذي لا بد من الاسراع بوضع قانونه وتكوين مفوضيته.
ه) ملف الانتخابات والذي يتخذه الانقلابيون فزاعة للقوى السياسية، ويقيني أن كافة القوى السياسية السودانية بمختلف مشاربها تتطلع جلها لترسيخ النظام الديمقراطي عبر انتخابات حرة نزيهة تعقب نهاية الفترة الانتقالية، ولكن للوصول لتلك الانتخابات علينا وضع الاستحقاقات الانتخابية نصب أعيننا وهي واجب إن لم ننجزه لن نصل للانتخابات وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وتلك الاستحقاقات هي:
1. صياغة قانون مفوضية الانتخابات والتي تضطلع بوضع مشروع قانون الانتخابات وأن يكون هذا القانون مقروءاً مع القوانيين السودانية وتأثيرها على نزاهة وحرية الانتخابات الانتخابات. (قوانين القوات النظامية كالدعم السريع والشرطة وجهاز المخابرات العامة- القانون الجنائي- قانون المعلوماتية- قانون الصحافة المطبوعات- قانون النشر الالكتروني- قانون تسجيل الأحزاب قانون الطواريء.
2. إصلاح المؤسسات العدلية والنظامية للاضطلاع بدورها في العملية انتخابية.
3. استكمال مطلبوات الاستقرار السياسي المنشود المبين بعضها أعلاه والتي تمثل اجندة منفيستو التغيير القادم.
4. استكمال تفكيك التمكين وتلافي تأثير سدنة وفلول الحزب الواحد على العملية الانتخابية.
5. ترسيخ حرية الإعلام وتوفير المناخ المناسب لذلك.
6. ضمان تمويل الانتخابات بالصورة التي تمكن من استيعاب كافة خارطة الوطن ترسيما وحصرا للناخبين في كافة بقاعه.
7. تهيئة مؤسسات الإحصاء السكاني كالسجل القومي والبطاقة القومية وإمكنية التصويت الرقمي والدعاية الالكترونية لاستيعاب مرشحي وناخبي المهجر السوداني في دول العالم.
8. الدعم الفني والتدريب من الجهات المهتمة دوليا وإقليميا ومحليا وضرورة أن ينال شباب لجان المقاومة والتغيير والخدمات النصيب الأوفر ليكونوا ضمن طواقم العملية الانتخابية.
9. قراءة تجربتي 2010- 2015م مقارنة بانتخابات 1965- 1986م.
10. كما ينبغي تحديد النظام الانتخابي المطلوب والذي يضمن تمثيل كافة التكوينات الاجتماعية والسياسية وتجاوز حصر الفوز للكيانات الكبيرة وتمثيل الأقليات.