احتجاج على تفكيك التمكين: البكاء على أطلال الإنقاذ !!

0 45

بقلم: د. مرتضى الغالي

السفير النحرير أحد حرّاس الرصيد الناصع للدبلوماسية السودانية “إبراهيم طه أيوب” كفانا مؤونة الرد على تنطّع رجلين من (كلاكيع التمكين الإنقاذي) كشفا عن مناوئة صريحة لتفكيك التمكين..! وهما صادقان في توجههما ومكنون ضميرهما ودخيلة مشاعرهما وحقيقة مسيرتهما مع الإنقاذ وموقفهما من ثورة ديسمبر المجيدة التي تحاول إهالة التراب على (رميم الإنقاذ) ودفن رائحة فضائحها المجلجلة.. وهذان الرجلان (بحمد الله وتوفيقه) ليسا من المراجع التي يُستند عليها في أي حديث حول تقييم الدبلوماسية الوطنية وإقامة القسطاط المستقيم أو الحاجز الفاصل بين أن تكون (سفيراً للوطن) أو (مندوباً عن المؤتمر الوطني بدرجة سفير).. ورأي الناس في سفارات زمان الإنقاذ الكالح لا يحتاج إلى بيان….ولو لم يترك الرجلان منصبيهما بالتقاعد لكانا الآن في “المقاعد المحجوزة” على (رأس قائمة) تفكيك التمكين..! فهما يتصوّران مصيرهما بهاجس (ما كان سيكون) لو لم ينقذهم التقاعد من ورود اسميهما في القائمة..! ومن غير المُستبعد أن يكون صياحهما على التفكيك جزءاً من التآمر على الثورة والحملات التخذيلية الحالية التي تنشط فيها أفواه وقنوات وجهات وأموال وأبواق..!

ولكن لا يمكن بأية حال الدفاع عن دبلوماسية الإنقاذ وسفاراتها واختياراتها ومن جعلتهم واجهتها الدبلوماسية طوال الثلاثين عاماً الماضية..!! .. فهما ينعقان بخراب الوطن بسبب إيقاف بضعه عشرات من سفراء الإنقاذ .. ثم يدعيان من بعد ذلك إنهما يتحدثان إشفاقاً على السودان… وهذا من بعض ألوان النفاق الذي يحاول إخفاء الكراهية في (ورق البرنسيس) الرخيص.. وبعض العبارات الذكية تقول: (اكرهني كما تشاء فهذا من حقك.. ولكن لا تدّعي محبتي)..!!

قلنا إن السفير طه كفانا مؤونة التعقيب على هرطقة السفيرين (أو السفير والفريق) ولكن تبقى فقط فرصة الاستفادة من كلام هذين الرجلين دليلاً على سلامة إجراءات إزالة التمكين من وجه الخارجية السودانية بمقدار ما أظهراه (من انزعاج)…! وهذه من بدائع حكمة الخالق في أنك في كثير من الأحيان (تعرف الأشياء بأضدادها).. وإذا أردت أن تعرف سلامة موقفك من الثورة انظر إلى كل ما يقوله الإنقاذيون الآن وأعلم أن عكسه هو الصحيح…! فإذا كرهوا شيئاً ما عليك إلا أن تحبه من كل قلبك (وأنت في السليم).. وإذا أحبوا شيئاً (فالعوض على الله فيه)..واعلم أنها دموع الضباع والتماسيح إذا صحّ أنها تذرف الدموع على ضحاياها وهي تقوم بقضم ظهورهم ونهش أكبادهم .. وقد رأينا من أمثلة ذلك كثيراً هذه الأيام فتجد شخصاً من (أصحاب الرس والمؤتفكات) ممن كان في سلطة الإنقاذ عشرين عاماً ويزيد، وشارك في كل هوائلها ومصائبها يتباكى الآن على صفوف البنزين (يا عيني..!) وعلى حجم الرغيفة وعلى ارتفاع الدولار.. وعلى سيادة السودان من الوصاية الأجنبية..!!

طبعاً لا يعجبهم تفكيك دولة الحزب وإرجاعها (في مسماها) دولة للوطن..والغريبة أن السفير الذي كان في لندن والذي يتباكي الآن على إزالة التمكين يسمي إزالة التمكين بـ(المجزرة)..! وليته استخدم وصفاً غير هذا حتى لا يثير أشجان السودانيين وأحزانهم بتذكيرهم بمذبحة الإنقاذ الكبرى في دارفور ومذابحهم في النيل الأزرق وجنوب كردفان و(مذابحهم وجزاراتهم المتنوّعة) في المناصير وكجبار وفي رمضان وبورتسودان وفي سبتمبر وفي ديسمبر… فأين كان؟ وماذا كان موقفه؟ وهو ينقل للبريطانيين بكل (قوة عين) صوت الإنقاذيين وبما لا يخطر على بال كاليجولا أو نيرون أو ميكافيللي بأن الأحوال في دارفور هادئة و(السكان مبسوطين) وحكومة المؤتمر الوطني (ساهرة على رفاهيتهم)…دفاعاً عن جرائم اعترف بها مرتكبها المخلوع وأقرّ بقتل عشرات الآلاف في دارفور بغير جريرة..! ولكن السفير كان مثل أخوانه يقول إن السودان غير معني بالمحكمة الجنائية الدولية ولا يهمه أمرها وان ما يجري في دارفور نزاعات رعاة ومزارعين حول المسارات…وارجعوا للأراشيف حتى تدركوا عمق (الأراجيف)..!!

أما الاحتجاج من السفير الآخر (ثاني اثنين إذ هما ينتحبان على تراث الإنقاذ) فيكفي ما ذكره بشأنه السفير الوزير طه ايوب فهذه من (القلايل التقيلة) والجرائم التي لا يبليها النسيان (ولا تسقط بالتقادم) إنها من الأمور التي تحتاج إلى مراجعة ومحاسبة بقدر حجمها لأنها تتعلق بدماء أبناء الوطن وبوحدته التي تمزقت وتختلف في النوع والمقدار عن جرائم أخرى ارتكبتها دبلوماسية الإنقاذ وسفراؤها السياسيون المسيّسون الذين اختارتهم (بدقة وعناية).. ونقصد هنا دقة التآمر وعناية المكافأة على الموالاة والخضوع وإغماض العين وإسكات الضمير..فما كان من طبيعة الإنقاذ ولا من أخلاقها (التي ما شاء الله عليها) أن تعيّن سفيراً في مناطق حسّاسة من مناطق العالم بسبب وطنيته أو خبرته الدبلوماسية… ومن يماري في ذلك فلينظر إلى قائمة سفرائها في لندن وفي الولايات المتحدة وفي الأمم المتحدة وهلمجرا.. وسبحان الحي الباقي!!

سكت الناس عنهم ولم يحاسبوهم حتى الآن على ما اقترفوه في حق السودان وتزييف تمثيله و(تسويد وجهه) بين الأمم؛ وعلى ما ارتكبته سفارات الإنقاذ ودبلوماسيوها من فضائح و(بلاوي) وسرقات ومن إذلال للسودانيين حيث كانت لبلدهم سفارة.. سكت الناس عنهم فأبوا إلا أن يخرجوا علينا وهم يتباكون على تفكيك التمكين.. فماذا تقول يا صديقي في أمثال هؤلاء الذين احتفظوا بـ(مفاتيح الإنقاذ) ولم يدركوا حتى الآن أن الثورة (غيّرت الأقفال)..؟! الله لا كسب الإنقاذ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.