“البلابسة” و”الجغامة” وثقافة الحرب والخراب

0 123

“البلابسة” و”الجغامة” وثقافة الحرب والخراب
محمد مشارقة
في الحرب الاهلية السودانية الجارية الان، ثمة مصطلحات، يصعب على أهل المشرق ان يفكوا طلاسيمها، مثل “الدعامة” كناية عن قوات الدعم السريع، او “الجياشة ” بمعنى الموالين للجيش. مفردتان اخريتان، تعكسان جوهر عقلية الحرب والمتحاربين والطريق المسدود الذي وصلته مفاوضات السلام، الأول ” بل بس ” أي اسحل واقتل فقط، وهي شيفرة ميليشيات النظام السابق التي تقود الجيش الان ومفادها “ان التعامل مع الدعم السريع لا يكون الا بالقتل”، وهؤلاء يطلق عليهم “البلابسة “. اما الدعم السريع ” الدعامة ” فلديهم شيفرة أخرى هي ” جغم ” أي انهاء الخصم بالقتل أيضا.
تسحبني هذه المقدمة للحديث عن ردود الفعل العنصرية والغاضبة على حديث محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة والقيادي في الحرية والتغيير وهو تجمع لعدد كبير من أطياف السياسة والمجتمع السوداني، والذي قال فيه: ان استراتيجية انهاء الدعم السريع مشروع خطير ولا نهاية له، لان هذه القوات بنيت من أموال الشعب السوداني كقوة مشاة تابعة للجيش وباتت تضم كل الوان الطيف المجتمعي والاثني والجهوي. جماعة “البلابسة” شنوا منذ مقابلته مع الجزيرة بعد يوم على نشرها، حملة شعواء ضد كل قوى الحرية والتغيير، وأخرجوها من الملة، ودعوا الى التعامل معها كما الدعم السريع ” بل بس “. دعوة الفكي لوقف هذه الحرب العبثية، هي مصلحة كل شعب السودان بما فيها ال 70 بالمئة من اهل الخرطوم الذي هجروا بيوتهم وممتلكاتهم الى دول الجوار او الداخل، واللسان العنصري الأبرز والمحرض وداعية الحرب المدعو “ عمعسيب ” كتب تعقيبا على مجزرة ام درمان التي حصلت بفعل ضربات الطيران العمياء ” طالما تساءلت لماذا لم تحيد قوة الدعامة المنتشرة داخل الأحياء وانقلب الأمر لحرب شوارع ؟ رد الفيلسوف الكبير ” أضرب الراعي تتشتت الغنم ” . دعاة الحل العسكري والاستئصال الكامل فكرة مجنونة تؤسس لحرب أهلية دائمة ولا حل لها الا بالتشظي والتقسيم والخراب. فلا الدعم السريع يمثل قبيلة واحدة او جهة بل اصبح ممثلا لقوى الهامش من الشرق الى الغرب عربا وافارقة، ولا من يتهمون من القوى التي تقاتل لإعادة نظام البشير يمثلون فقط اهل المركز والشمال النيلي.
– نعم لوقف الحرب، وقيام حكومة مدنية كاملة الصلاحية، تمثل بعدالة كل الاثنيات والقوميات والألوان والسحنات والثقافات، وابعاد كل العسكر والميليشيات المسلحة عن الاشتغال بالسياسة، مرة والى الابد .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.