الثـــــــــــــورة – ومـــــــــــــآزق القيـــــــــــــم
كتب: آدَمْ أَجْــــــــــــــرَىْ
الثورة ركيزتها الأخلاق، لو إعترتها تجاوزات فإنها ليست من أصلها؛ منذ أنطلاق شراراتها عام ٨٣ حتى تتويجها بإعتصام القيادة، إحتفظ الثوار بالأسرى، وعدوهم القاهم جيفاً فى العراء. المناضلون أعادوا البسمة إلى عائلاتهم بإطلاق سراحهم، والإسلامويون إعتبروهم إعباءاً إدارية. الثوار دخلوا ام روابة، وصلوا أم درمان دون تورط فى سرقة أو إغتصاب إمرأة، والإسلامويون أباحوا ذلك قولاً وعملاً. فهل أخفق الثوار فى مسار القيم والآن يصححون؟
الثورة التى تنتهك القيم الإنسانية، ستُبقى على طاقتها السلبية كى تعود وتعمل على نقض بنائه. ديسمبر أخرجت الكثير من أبناء الكيزان – الغير كيزان- إلى الشوارع وساحة الإعتصام، لإنهم جيل مختلف مؤثر على بعضه أكثر من تأثره بالكبار. منهم من تجرأ على مواجهة آباءهم فى بيوتهم بتساؤلات مستنكرة محرجة، عن كيفية حصلولهم على عمارات بينما فى طفولتهم كانوا يسكنون فى بيت شعبى فوقعت الخصومات وأطلقت اللعنات – هذا مثال لحدث حقيقى والناس غير متطابقين- مثل هذه الجسارة بطولة يجب أن ترفع أصحابها على الأعناق.
القصاص فسره البشير فى أواخر حكمة بالحياة – ثم عاد فوصفه بالقتل. وأى من تفاسيره يُقبل به اليوم، لا بد أن يكون مرتبطاً بإسترداد المسروقات والأموال المختلسة بفوائدها -إن كان ممكناً- وإن إستدعى الأمر تجريد أسر اللصوص من كل شيئ وتركها فى العراء. كل هذا، وأى إجراء أقسى يجد التبرير، أما ما لا يستوى، فإنه جنوح روح الثورة إلى التعاطى بسادية فى مواجهة طفلة تتوسل رحمة لوالدها بصرف النظر عمن يكون.
مجموعة ما أطلقت شائعة إصابة أحمد هارون بمرض كرونا والغرض – على ما يبدوا – بث الرعب فى المعتقلين، لكن النتيجة لم تظهر فى سجنهم بل فى بيوتهم، فأطلت إبنة عبدالرحيم محمد حسين تتوسل المسئولين بروح إنسانية لإخراج والدها من ذاك المكان – إبعاده عن أحمد هارون – بعيداً عن ممارسة اللؤم مثل التنديد والمطالبة بإطلاق سراحه. فما المانع فى تطمينها أن جميعهم بخير والوباء لم يصلهم، وأن إجراءات الحجر الصحى – بطبيعة المكان – هى الأفضل.
ولدت تلك الفتاة – بدت لى أنها دون ال ١٨- فوجدت نفسها فى حضن عبدالرحيم محمد حسين، دون أى خيارات، القصر قصره والكرسى من قروشه، والوالد لا يعوض. طلبها لا يتجاوز حمايته من كورونا، ومعه أخرجت من أنفس بعض النشطاء ما لا يمكن تخيله من سوالب مصادمة لروح الثورة؛ سلمية كانت أم مسلحة.
من الضرورة – والناس تنظر إلى المستقبل – الوضع فى الإعتبار أن الأشرار قد يلدون الأخيار والعكس صحيح. ومن الأهمية الكف عن تحميل الأبناء أوزار الآباء ونقل بذور فشلهم إليهم، وحيث لا يعرف أى هدف يمكن أن يحرزوه لمصلحة بلدهم غض النظر عن أفعال السلف، فإن إنسانيتكم هى بذرتكم التى ستنقذ سمعتكم وأنتم فى غيب القبور.