الجراد الصحراوي يغزو جنوب السودان ويهدد محصوله السنوي

0 99

رصد ــ السودان نت

تلتهم أسراب كبيرة من الجراد الصحراوي المحاصيل في جنوب السودان، مهددة الإمدادات الغذائية وسبل العيش. حيث لجأ المزارعون إلى إشعال الحرائق وإحداث الضجيج في محاولات لدرء الجراد. لكن أكثر ما يخشونه، هو غزو الجراد لفترات طويلة وذلك بسبب تفقس بيض الموجة الأولى.

تؤدي موجة الجراد الصحراوي في شرق أفريقيا الآن، إلى انتشار المزيد من الأسراب في أجزاء من كينيا وإثيوبيا والصومال، مما يعرض حصاد المحاصيل الرئيسي للخطر، الذي عادة ما يتم في شهري مايو ويونيو، وبالتالي يهدد الأمن الغذائي لصغار المزارعين.

يعتبر الجراد الصحراوي أخطر الآفات المهاجرة في العالم. ففي عام 2019، بدأت هذه الظاهرة وتعتبر الأسوأ منذ 25 عاما في إثيوبيا والصومال، والأسوأ منذ 70 عاما في كينيا.

خطر انتشار الجراد

في فبراير الماضي، قالت منظمة الأغذية والزراعة، إن الأسراب انتشرت الآن في إريتريا وإثيوبيا وكينيا والصومال وجنوب السودان وتنزانيا وأوغندا.

وبالنسبة إلى جنوب السودان، فقد أثر الجراد الصحراوي على أربع مقاطعات في منطقة شرق الاستوائية منذ وصوله في منتصف فبراير. على الرغم من أن الأسراب صغيرة مقارنة بتلك الموجودة في دول مثل إثيوبيا وكينيا، إلا أنها قد تستمر في الانتشار ما لم يتم السيطرة عليها.

في أواخر فبراير، دخل أول سرب إلى جنوب السودان بالقرب من الحدود الأوغندية، باحثاً عن أرض مناسبة لوضع بيضه، ويستغرق البيض حوالي أسبوعين حتى يفقس ومن ثم يبدأ الجراد الصغير بالنمو ويستمر ذلك حوالي ثلاثين أو أربعين يوما.

غالبا ما يتكون سرب الجراد الصحراوي من 150 مليون جرادة لكل كيلومتر مربع. ولدى هذا السرب القدرة على التهام كمية من المحاصيل تعادل محصولا يطعم 35،000 شخص.

من المؤسف أن حركة أسراب الجراد سريعة، إذ تغطي 100-150 كم في اليوم، وبالتالي تصبح عملية السيطرة عليه صعبة، فهو يشكل مخاطر شديدة على الزراعة وسبل العيش والأمن الغذائي في جنوب السودان، حيث يعاني 6 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي في ظل هذه الظاهرة، أي أكثر من نصف مجموع السكان.

خطر وشيك سببه أسراب الجراد

في منتصف شهر فبراير، وفي ظل استمرار هذه الظاهرة، قالت مجموعة العمل الإقليمية للأمن الغذائي والتغذية، إن التأثيرات على الأمن الغذائي، لم تتأثر بشكل كبير بعد، وإن الخسائر في مناطق جمع المحاصيل كانت محدودة حيث كان قد تم بالفعل حصاد معظم المحاصيل أو كانت ناضجة خلال عبور الأسراب. أما بالنسبة إلى المناطق الرعوية، فكانت موارد المراعي أعلى بكثير من المعدل المتوسط، مما عوض الأضرار التي تسبب بها الجراد.

قد يسبب بدء هطول الأمطار الطويلة في شهري مارس وأبريل، وبالتزامن مع تجديد المراعي والزراعة في خلق موجة جديدة من تكاثر وانتشار الجراد. ويمكن أن يؤثر ذلك على مواسم الحصاد الرئيسية والثانوية لعام 2020، وأن يسبب انتشارا أكبر للجراد في وادي ريفت ومناطق أخرى.

أسوء ما قد يحصل، هو أن يسبب الجراد انخفاضا في المحاصيل إلى دون المتوسط لعام 2020، وخسائر كبيرة في المراعي والمناطق القاحلة وشبه القاحلة. ولكن هذا الأمر غير محتمل. ومن المرجح أن يدفع انخفاض مخزون الغذاء والمراعي وانخفاض الدخل وارتفاع أسعار المواد الغذائية المزارعين والرعاة نحو المزيد من الفقر والجوع.

وقول توماس أودونج، أحد المزارعين: “بدأتُ بمطاردة الجراد ولم يذهب بعيدا. لقد ملأ كل هذا المجمع حتى خلف المنزل. إنه هناك. حتى على شجر المانجو. إنه هناك. نحن نعيش على بابايا، والمانجو، والأفوكادو. ولكن الآن إذا دمر الجراد هذه الثمار، كيف سأعيش؟”

وتظهر تحليلات أحداث الجراد التاريخية أن الخسائر المرتبطة بالجراد لا تسبب في الغالب إنتاج المحاصيل الوطنية دون المتوسط. من المفترض ألا تتأثر مستويات الإنتاج الوطني لعام 2020 بشكل كبير في معظم البلدان. فقد تميل خسائر الإنتاج الزراعي في المناطق المتضررة إلى أن تكون محلية، ولكنها بليغة بالنسبة للمتضررين ويمكن أن تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي، خاصة في ظل ظروف معيشية صعبة أخرى.

عام صعب على سكان جنوب السودان

وقال ماثيو هولينغورث، المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي بجنوب السودان: “للمرة الأولى، نرى إمكانية لتحقيق السلام والرخاء. ولكن ماذا يحدث؟ نرى غزو الجراد. حقا، إن عام 2020 سيكون صعبا بشكل لا تصدق. ما نراه اليوم في جنوب السودان أن 55٪ من السكان يعانون من مستويات أمن غذائي مثل تلك التي نشهدها في الأزمات أو ما هو أسوأ منها. ولا يوجد بلد آخر في العالم يواجه فيه العديد من السكان هذا المستوى من انعدام الأمن الغذائي”.

ويعاني أكثر من 13 مليون شخص في الوقت الحالي في جميع أنحاء شرق أفريقيا، من انعدام الأمن الغذائي المزمن، ولكن الجراد ليس المسبب الوحيد لذلك. ومن بين هؤلاء ال13 مليونا، 9.7 مليون شخص في إثيوبيا وكينيا والصومال. و3.2 مليون شخص آخر في أوغندا وجنوب السودان.

وتأتي ظاهرة أسراب الجراد في أعقاب عام صعب من الناحية الإنسانية على المنطقة. فهذه المجتمعات المتضررة لم تتضرر من ظاهرة الجراد فقط، بل من التغيرات المناخية أيضا مثل الفيضانات والتصحر، ومن الصراعات العنيفة بما في ذلك الصراع المستمر منذ عقود في الصومال، ومن العنف القبلي والتشريد في إثيوبيا. فسكان هذه المنطقة غارقون بهذا الكم الكبير من المشاكل والضغوطات.

جهود مكافحة الجراد في المنطقة

كانت قلة الرقابة في شبه الجزيرة العربية التي عبرت إلى القرن الأفريقي في يونيو عام 2019 أحد أسباب نشوء وانتشار ظاهرة أسراب الجراد بسرعة عبر المنطقة ولكن أيضا الظروف المناخية والزراعية التي كان سببها هطول الأمطار الغزيرة خلال فترة أكتوبر إلى ديسمبر، ساعدت على ذلك.

وهناك مسوح جارية لكشف حقيقة علاقة تزايد عدد الجراد وانتشاره الكبير مع تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المناطق المتضررة.

وتركز جهود الحكومات ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) على الوقاية والسيطرة على ظاهرة الجراد الحالية ومساعدة الناس الذين تدمرت محاصيلهم. هذا وقدر برنامج الأغذية العالمي، أن تكلفة الاستجابة لتأثير الجراد على الأمن الغذائي وحده، تزيد 15 مرة على الأقل عن تكلفة منع انتشاره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.