الجنينة مسرحاً لعبث الإبليس !

0 75

بقلم : عيسي عثمان مصطفي

كما هو متوقع ومألوف لم يعطي الإعلام الرسمي السوداني اهتمامًا كافيًا في تغطيته لمسرح العبث الجنجويدي في مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور. ليس هذا فحسب، بل صُوِر الصراع بأنه فتنة ومجرد حرب قبلية بين المساليت وعرب المهرية، وكأنه سحابة صيف عابرة يمكن تلافيها بيسر، متجاوزين بذلك إرث وجرائم هذه المليشيات لمدة قد تجاوزت السادسة عشرة سنة.

وهذا التصوير والتحريف هو، محاولة يائسة لتحاشي الحقائق المطلقة على مسرح العبث الذى امتلأت بالدماء والجثث على أنقاض بيوتٍ محترقة كانت تأوي البؤساء من زمهرير الشمس وبرد الشتاء القارص لبطون جاعت ولم تشبع .

التوصيف الدقيق لطبيعة هذا الصراع هو أن هذه الجرائم تعتبر حلقة جديدة من حلقات الإبادة الجماعية التي تنفذها مليشيات الجانجويد ضد الأبرياء في مدينة الجنينة وضواحيها.

Definitely what’s going on there has no any definition rather than “The Genocide” in the era of new regime in Sudan.

يبدو أن المواطنين هناك قد اطمأنوا بعض الشيء بعد ذهاب نظام البشير والنجاح المجازي لثورة ديسمبر، بان ثمة بارقة أمل للسلام الحقيقي يلوح في الأفق. وكذلك اطمأنت هذه المليشيات هي الأخرى وهي محقة في ذلك، بعد أن تم شرعنة وجودها بان أصبحت قوة عسكرية موازية للجيش السوداني وتم تمثيل قيادتها في أعلى هرم السلطة السيادية في السودان.

فبتالي هذا هو الوقت المناسب لهذه المليشيات لتقنين وجودها على أرض دارفور وخاصة في المناطق الاستراتيجية في ولاية غرب دارفور وتخوم ومناطق جبل مرة وأوديته ومروجه الخضراء ومنطقة زرق وفي أماكن أخرى مختلفة فى دارفور.

هذا العبث الذي يجري الآن في دارفور ليس عملًا عشوائيًا، بل هو فعل مخطط ومتسلسل لتمييع حقوق أهل الأرض الحقيقيين وخلق أمر واقع جديد يتماشى مع طبيعة السلام المرتقب. وبنفس القدر هي محاولة بائسة من المستوطنين الجدد للمحافظة على مكتسباتهم من أراضى وحواكيير ومناجم الذهب فى تلال جبل عامر.

وقد حدثني أحد مواطنى مدينة الجنينة وهو رجل محل ثقة وذو صلة بالإدارات الأهلية هناك، وذو معرفة عميقة بقضية الأرض والحواكير، بأن القرى التى تم حرقها وإزالتها خلال سنوات الحرب في دارفور، قد حولت أماكنها ادارياً في السجلات المدنية إلى (دوامر اى جمع دامرة وهي عبارة تجمع لمجموعة من خيام ومساكن الرحل في منطقة واحدة) وبنفس أسمائها القديمة. فإذا كنت أحد من سكان واحدة من هذه القرى وذهبت لمؤسسة من المؤسسات بغرض خدمة معينة، فإنهم يقولون لك بأن اسم قريتك لا يوجد في سجلاتنا لذلك تضطر اعتماد اسم الدامرة التي حلت محل قريتك ولكنها تحمل اسمها.

إن جذور الصراع في دارفور لها بعدين اثنين: وهما البعد القومي الذي يتبلور في شكل التهميش السياسي والاقتصادي والتنموي والهوية وهلم جرا. أما الثاني هو البعد المحلي والذي يتمثل في السيطرة على الموارد وأولها الأرض (الحواكير). وغالبا ما يكون المعتدون هم القادمون أو المستوطنون الجدد والذين دائما يجدون السند والدعم من السلطتين المحلية والمركزية. لذلك العنف المفرط في القتل والاغتصاب وتدمير ممتلكات المواطنين وحرق القرى والمعسكرات في ظل غياب كامل لمظهر الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية وسلطتها القضائية والإعلامية من مسرح الأحداث ستزيد الغبن المتراكم ان لم يتم إحلال سلام حقيقى بمستحقاته كاملة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.