الحزب الشيوعي وتجارب المشاركة في البرلمان

0 79

كتب: تاج السر عثمان بابو 

.

1

أشرنا في مقال سابق بعنوان ” الحزب الشيوعي وجبهة المعارضة للحكم العسكري الأول”، أن الحزب الشيوعي السوداني عبر تاريخه مارس اشكالا متنوعة من العمل الجماهيري، ودخل في تحالفات تكتيكية مؤقتة عامة أو في جبهات عمل محددة، واستراتيجية ثابتة، وتوصل من خلال تجربته الي أن التحالف يقوم علي قواعد راسخة اذا تم الالتزام بميثاقه وقام علي الوضوح الكامل والثقة المتبادلة لتلبية احتياجات الفترة السياسية، وحترام استقلال اطرافه السياسي والتنظيمي والفكري ، وأن تصوغ أطراف التحالف بالتشاور وتبادل الرأي الصريح برامجها وخطط عملها ، وتصدر قراراتها ومواقفها باجماع الآراء ، ولايحق لأي طرف منفرد أن يتحدث باسم التحالف أو يتخذ قرارا من خلف ظهره، وحق كل طرف في مواصلة نشاطه من منبره الحزبي والفكري دون وصاية واكراه، كما يقدم الحزب الشيوعي تجربته وقدراته ، ويتعلم ويستفيد من تجارب وقدرات الأطراف المنضوية تحت التحالف، وبعد تحقيق التحالف لأهدافه ، يحق لكل طرف فيه الانسحاب منه ويختار منهجه الخاص به، ومن حق أي طرف أو الاطراف الأخري مواصلة تماسك الجبهة وتطوير برنامجها وصياغة تاكتيكاتها للفترة الجديدة.

تبلور ذلك الخط عبر تجربتة ودراسته للواقع الملموس ، لا بفتح كتب لينين حول التكتيكات والمشاركة في البرلمان، رغم أهميتها في الفكر الثوري العالمي ، فمنذ تأسيس الحزب والصراع من أجل وجوده المستقل في منتصف عام 1947 ، توصل الي حل مشكلة التحالف مع الأحزاب الأخري المناهضة للاستعمار، مع الاحتفاظ باستقلاله التام في تنظيم الجماهير وقيادة نضالها ، والصراع ضد الاتجاهات المهادنة للاستعمار وفي ذلك يقول عبد الخالق محجوب في كتابه لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني ” كان أول ثمار لهذا الاتجاه السليم اشتراك الحزب في الجبهة الوطنية عام 1947 ، وبروز نشاط أعضائه ومواقفهم الثابتة ضد اتجاهات التردد بين أحزاب الطبقة الوسطي ، وكانت الجبهة الوطنية بمدينة الخرطوم بحري وضواحيها خير مثال لما يمكن أن يؤدي اليه النشاط الثوري للحزب الشيوعي ” ، ص 50، طبعة دار الوسيلة 1987.

اضافة لتأكيد استقلاله في التحالفات، وضع الحزب واصل الحزب التقاليد الثورية وسط الحركة الجماهيرية التي تبلورت بعضها منذ ثورة 1924 كما في: : المظاهرات والمنشورات والندوات الجماهيرية والمقفولة والمخاطبات والليالي السياسية .الخ

 

2

تجربة مقاطعة الجمعية التشريعية 1948:

مع تصاعد الحركة الجماهيرية بعد قيام مؤتمر الخريجين عام 1938 ، حاولت الإدارة البريطانية شق الحركة الوطنية السودانية بقيام مؤسسات دستورية صورية مثل: المجلس الاستشاري لشمال السودان عام 1944 ، ولكنها فشلت ، ومع تطور نهوض الحركة الجماهيرية الواسع بعد الحرب العالمية الثانية ، حاول الاستعمار قطع الطريق أمامها بتكوين جمعية تشريعية في ظل وجود الحكم الاستعماري والقوانين المقيدة للحريات!! ، كان الهدف منها تزييف ارادة الشعب ، واطالة أمد الحكم الاستعماري ، ولم يفتح الحزب الشيوعي كتاب لينين ” مرض اليسارية الطفولي.. حول المشاركة في البرلمانات الرجعية ” ليقرر المشاركة فيها ، بل درس الواقع وكشف زيف الجمعية التشريعية ، ونظم مقاومة واسعة ضد الجمعية التشريعية عام 1948 التي استهدف الاستعمار بقيامها قطع الطريق أمام نمو الحركة الجماهيرية ، وصارع ضد الأصوات الداعية للدخول فيها وتعديلها من الداخل ، ونظم الحزب مظاهرات مع أطراف الحركة الوطنية الأخري ضدها ، ولم تكن المقاطعة سلبية بلا ارتبطت بنهوض جماهيري واسع شمل كل المديريات الرئيسية ،كما في عطبرة التي قدمت شهداء الجمعية التشريعية، وساهم الحزب في تأسيس جبهة الكفاح ضد الجمعية التشريعية باقتراح منه، وحتى الإدارة البريطانية بعد فترة اقتنعت أن الجمعية التشريعية صورية ولا تمثل الشعب السوداني، وحاولت ترقيعها بتكوين لجنة لتعديل الدستورولكنها فشلت .

هذا اضافة لتصعيد الحركة الجماهيرية ،و تاسيس رابطة الطلبة الشيوعيين والنساء الشيوعيات ، ومؤتمر الطلبة ، مؤتمر العمال عام 1949،وبعدها تأسيس اتحادات الطلاب والمزارعين والعمال والموظفين والمعلمين ، واتحاد الشباب والاتحاد النسائي ، والجبهة الديمقراطية للطلاب في نوفمبر 1953 بعد انفراط عقد مؤتمر الطلبة، وتكوين الجبهة المتحدة لاستقلال عام 1953، وتواصلت الاضرابات والمقاومة الجماهيرية التي تراكمت وتطورت حتى استقلال السودان عام 1956.

 

3

لكن الحزب الشيوعي لم يقاطع انتخابات النقابات والمجالس البلدية رغم تحفظه علي قوانينها بهدف توسيع النشاط الجماهيري وتحقيق مطالب الجماهير في تحسين مستوي المعيشة والاجور مع تركيز الأسعار والخدمات في الصحة والتعليم وصحة البيئة ، و حفر المجاري لتصريف مياه الأمطار، وتوفير خدمات المياه والكهرباء والسكن والضمان الاجتماعي وضمان الأمن. الخ ،كما شارك في انتخابات تحت ظل نظم ديمقراطية نسبية مثل: أول انتخابات ديمقراطية في نوفمبر 1953 بعد اتفاقية الحكم الذاتي في فبراير 1953، وانتخابات 1958 ، وانتخابات 1965 بعد ثورة اكتوبر 1964 ، وانتخابات 1968 ، وانتخابات 1986 بعد انتفاضة مارس- ابريل 1985، تلك الانتخابات التي جرت في ظل دساتير كفلت الحقوق والحريات الأساسية ، رغم ضيق رئيس الوزراء عبد الله خليل بالديمقراطية الأولي بتسليم الحكم للعسكر في 17 نوفمبر 1958 ، وضيق أحزاب الأمة والاتحادي وجبهة الميثاق الإسلامي بالديمقراطية الثانية ، وخرق الدستور بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان عام 1965، مما خلق أزمة دستورية أدت لفوضي كان من نتائجها انتهاك استقلال القضاء وحكم القانون ، وقيام انقلاب 25 مايو 1965، وضيق الجبهة الإسلامية بالديمقراطية الثالثة بتنفيذ انقلاب 30 يونيو 1989 الذي دمر البلاد والعباد.

موقف الحزب الشيوعي من المجلس المركزي:

ايضا شارك الحزب الشيوعي في انتخابات المجلس المركزي والمجالس البلدية خلال الحكم العسكري الأول، بهدف كشف وفضح تلك المهزلة على أوسع نطاق باعتبارها تشويها للديمقراطية ومحاولة من النظام العسكري لمد أجل بقائه، كما جاء في بيانه بتاريخ أول يوليو 1961 الذي أشار الي أنه ” امتداد للمخطط الاستعماري كما في المجلس الاستشاري في 1943 ” ليشرك السودانيين في إدارة شئون بلادهم” ولكن شعبنا المطالب بالاستقلال التام قاطع المجلس المزعوم وحطمه فولد ميتا . وبعد خمس سنوات جاء الاستعمار بالجمعية التشريعية ” وبنظام الانتخابات ” عله يضلل شعبنا هذه المرة ، ولكن يعلم كل المواطنين ـ ماعدا الطغمة الحاكمة ـ المصير الذي آلت إليه الجمعية التشريعية . وفي عام 1952 عدل الاستعمار قانون الجمعية التشريعية ليوسع “حقوق الانتخاب ” وجاء بما يسمى ” بدستور ستانلي بيكر “، ولكن القانون المعدل حطم في مهده تحت ضربات شعبنا ولم ير النور . لقد فشلت إذن كل محاولات الاستعمار في صرف كفاح شعبنا عن طريق الاستقلال والديمقراطية . فشلت كل محاولاته في أن يقنع شعبنا البطل بأن يرضي بالفتات . وأنتصر شعبنا على الاستعمار وحقق الاستقلال ، وحقق البرلمان المنتخب إنتخابا حرا مباشرا من الشعب بأجمعه” .

كما أشار الحزب أن ” الديكتاتورية العدو اللدود للديمقراطية ، لا يمكن أن تؤتمن لا على الديمقراطية ولا على تطبيقها ولا على ( صنعها ) ففاقد الشئ لا بعطيه ، والديكتاتورية لا يمكن أن تلد الديمقراطية ولايمكن أن تتطور في أتجاهها . وكل من يصدق أن نظام 17 نوفمبر يمكن أن يمنح الديمقراطية أو يتجاوب معها أما أن يكون ساذجا واما يكون متهافتا”.

اضافة الي أن المجلس المركزي ” في الواقع مؤتمر للحكومات المحلية ، تكملة لمسرحية مجالس المديريات التي كانت ذنبا بدون رأس” ، وجاء باقتراح من أمريكا بعد طلب الحكومة مزيدا من المعونة الامريكية ، فقبل كنيدي بشرط واحد ، وهو إقامة أي نوع من التمثيل الصوري ، لكي يقال أن المعونة تذهب إلى نظام ديمقراطي ، ولن يتأكد بالطبع ماقاله عبود عن صلة السودان بما يسمى ( بالعالم الحر ) وديمقراطياته المزيفة” .

لكل ما تقدم فان الحزب الشيوعي الذي وقف قبل 17 نوفمبر محذرا من وجود مؤامرة أمريكية للاطاحة بالدستور ووقف في طليعة القوى المناضلة ضد الحكم العسكري يرى الآتي :

أولا ـ تشديد النضال وسط القوى الاساسية التي تمثل الجبهة الوطنية الديمقراطية والتي قام على أكتافها عبء النضال ضد النظام الدكتاتوري ، تشديد النضال وسط العمال والمزارعين والقوى الوطنية التي تتناقض مصالحها مع مصالح الاستعمار والحكم العسكري ـ الطلبة والتجار والمثقفين الوطننين .

ثانيا ـ لكي يضمن تنفيذ شعار عودة الحياة الديمقراطية بعد تحطيم الحكومة الرأهنة لابد من :

– تشكيل حكومة إنتقالية وطنية مؤقتة تشرف على عودة الحياة الديمقراطية وألا يترك هذا الامر في يد الحكومة العسكرية الرأهنة .

– العمل بالدستور المؤقت حتى يتم وضع الدستور أمام برلمان منتخب أنتخابا حرا .

– رفع حالة الطوارئ

– الغاء القوانين المقيدة للحريات حسب ماجاء في قرار البرلمان السابق 1/1/1956 ، والقوانين الاستعمارية المقيدة للصحافة ، وقانون الحبس التحفظي ، وأطلاق سراح سجناء العمال والجيش والشيوعيين وكل من أعتقل أو سجن من الاحزاب الاخرى .

– عودة النقابات على أســـــــاس قانون 48 ريثما يتم تعديله لمصلحة العامل وعودة إتحادات الطلبة وإتحادات المزارعين .

( راجع بيان المكتب السياسي – الحزب الشيوعي السوداني : 5 / 12 / 1961، في كتاب ثورة شعب اصدار الحزب الشيوعي ، 1965).

 

4

موقف الحزب الشيوعي من الانتخابات

تقرر موقف الحزب من الدخول في معركة الانتخابات في دورة اللجنة المركزية المنعقدة في يناير 1963 ونورد فيما يلي نص القرار كما ورد في التقرير الرئيسي الذي أصدرته دورة اللجنة المركزية .

 

واشار القرار الي :

“أننا نعلم الطبيعة الرجعية للمجلس المركزي ، كما نعلم أهداف القوى اليمينية الحاكمة من ورائها . ومن أجل هذا علينا أن نفضحة من الداخل وأن نسخره ما أمكن كمنبر للدفاع عن الديمقراطية ولمخاطبة الجماهير التي حرم حزبنا من الوصول أليها نتيجة مصادرة الحقوق الديمقراطية ، واستنهاضها في النضال من أجل حقوقها ، ومن أجل الاطاحة بالنظام الراهن وقيام حكومة وطنية ديمقراطية” .

كما أشار الحزب الشيوعي في بيانه لجماهير الشعب بتأريخ 9/3/1963 الي الموقف الخاطئ الذي أتخذته الاحزاب من تلك المعركة جاء في البيان:.

وفي هذه الايام بالذات حيث يدور الجدل عاليا حول دخول أو مقاطعة الانتخابات للمجالس المحلية ، فأن الحزب الشيوعي السوداني يرى من واجبه أن يؤكد بصورة قاطعة أن الاضراب السياسي العام مازال السلاح القوى الذي يمكن أن تشهره الجماهير لاسقاط النظام الرأهن ، وأنه لا مقاطعة الانتخابات ولا دخولها يمكن أن يكون بديلا لهذا الاضراب . ان الاضراب السياسي سيظل دائما هو المحك لاختيار صحة الطريق الذي تسلكه الجماهير في هذه القضية أو تلك بما في ذلك قضية المقاطعة أو عدمها . وفي حالة الانتخابات للمجالس المحلية ، بينما يرى الحزب الشيوعي السوداني أهمية خوض هذه المعركة وتحويلها إلى مظاهرة كبرى . والارتفاع بمستوى المعركة الجماهيرية سياسيا وتنظيميا من أجل التحضير للاضراب السياسي ، يرى البعض الآخر ضرورة مقاطعتها كأسلوب من أساليب المقارضة للنظام العسكري .ومن الواضح أن كلا الشعارين يهدفان في ظاهرهما إلى غرض واحد هو معارضة النظام الرأهن والرغبة في أنهائه ( وقد لخص الحزب تجربة المشاركة في المجلس العسكري وفضح زيف الديمقراطية التي ضاق بها العسكر والذين اعتقلوا حتى المرشحين الشيوعيين، للمزيد من التفاصيل راجع : ثورة شعب : مصدر سابق).

 

5

كما قاطع الحزب الشيوعي انتخابات مجالس الشعب في ظل نظام ديكتاتورية مايو الشمولي القائم علي الحزب الواحد ( الاتحاد الاشتراكي) والقوانين المقيدة للحريات، ورفض دعاوي البعض للمشاركة فيها باسم لينين الذي دعا للمشاركة في البرلمانات الرجعية ، وهذا شئ مختلف فنظام مايو كان يشترط أن يكون المرشح عضوا في الاتحاد الاشتراكي، فضلا عن أن نتائج الانتخابات مزورة لصالح الرئيس القائد الفرد التي تصل نسبتها الي 98% !!. وطرح الحزب شعار الاضراب السياسي العام في دورة اللجنة المركزية في يناير 1974 لاسقاط النظام ، وواصل تصعيد النضال مع قوي المعارضة حتى تم الاطاحة بالنظام في انتفاضة أبريل 1985 عن طريق الاضراب السياسي العام والعصيان المدني.

كما قاطع الحزب الانتخابات في ظل نظام الانقاذ الشمولي المستبد ، رغم مشاركته في المجلس الوطني بعد اتفاقية نيفاشا بهدف تنفيذ الاتفاقية وأهدافها في التحول الديمقراطي وتحسين الأوضاع المعيشية والسلام والوحدة ، وشارك في انتخابات 2011 ، ولكنه انسحب منها بعد أن تأكد التزوير الكبير للانتخابات ، وبعدها رفع شعار اسقاط النظام بعد تزوير الانتخابات وفصل الجنوب ، وخرق العهود والمواثيق التي أدت لاشتعال نيران الحرب.

كما قرر الحزب الشيوعي بعد تزوير انتخابات 2011 مقاطعة انتخابات يناير 2015 كما جاء في بيان اللجنة المركزية بتاريخ 8 /11/ 2013 الذي أشار فيه للاسباب الآتية:

” – هذا النظام زور الانتخابات العامة السابقة وزيف ارادة الشعب ، لهذا فهو غير مؤتمن علي اجراء أي انتخابات .

– لا يمكن اجراء انتخابات في ظروف تنعدم فيها ابسط الحريات والحقوق الديمقراطية التي قننها الدستور المعمول به حاليا ( دستور 2005) ، وتنعدم ابسط حقوق الانسان المعلن عنها في المواثيق الدولية ووقع عليها هذا النظام، وتمنع الأحزاب السياسية من اقامة الندوات لتعلن فيها للجماهير رأيها ومواقفها في مختلف القضايا ، ومن جهة أخري يُمنع الصحفيون من الكتابة وتمنع الصحف من الصدورومن بينها صحيفة الميدان التي منع صدورها جهاز الأمن أكثر من عام ونصف ، وينطبق ذلك علي دعوات النظام لوضع دستور البلاد.

– أغرق هذا النظام المظاهرات السلمية المشروعة للمواطنين في بحار من الدم والقتلي ، وصار ما بين الشعب وهذا النظام الفاسد بحار من الدماء ومئات الشهداء، ولا يمكن الدخول في انتخابات مع نظام اوصل شعب السودان لهذا الدرك من المعاناة .

– لايمكن الدخول في انتخابات وأكثر من ثلث سكان السودان خارج البلاد بسبب الحرب “.

كما رفع الحزب في دورة اللجنة المركزية المنعقدة في أغسطس 2015 شعار الاضراب السياسي العام والعصيان المدني والانتفاضة الشعبية اداة لاسقاط النظام ، وطرح بناء أوسع تحالف قاعدي جماهيري وقاعدي ، وبناء لجان المقاومة في مجالات السكن والعمل والدراسة ، واستكمال الخطوات التنظيمية لتنفيذ الاضراب العام ، ورفض حوار الوثبة بدون تحقيق مطلوباته في توسيع الحقوق والحريات الديمقراطية.الخ، و الدخول في انتخابات 2020 التي روجت للمشاركة فيها قوي ” الهبوط الناعم” كما في أحزاب ” نداء السودان” التي انشقت من تحالف قوي الاجماع الوطني، وسارت في الحوار علي أساس خريطة الطريق، ولكن جاءت ثورة ديسمبر التي اطاحت برأس النظام ،وقطعت اللجنة الأمنية الطريق أمام تحقيق أهدافها لحماية مصالح الرأسمالية الطفيلية والتفريط في السيادة الوطنية ، والسير في سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية كما في تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي ،وتوقيع الاتفاقات الجزئية التي تهدد السلام ووحدة البلاد كما في اتفاق جوبا الذي قنن وجود السلاح في ايدي الحركات في المدن، وكما في مجزرة فض الاعتصام والتوقيع علي الوثيقة الدستورية بين العسكر وقوي ” الهبوط الناعم” التي كرّست هيمنة العسكر علي السلطة، رفض الحزب الشيوعي التوقيع عليها ولم يتم تنفيذ بنودها وأهمها ما يتعلق بموضوعنا المجلس التشريعي، وطرح الحزب شعار اسقاط سلطة شراكة الدم الحالية التي أكدت التجربة فشلها، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة والفترة الانتقالية.

أخيرا، هكذا كانت تجربة الحزب الشيوعي غنية في المشاركة والمقاطعة للبرلمان ، انطلاقا من الظرف التاريخي المحدد، لا بالنقل الأعمي لمؤلفات لينين حول المشاركة في البرلمان ، بل انطلاقا من الواقع والتحليل الملموس للواقع الملموس وغني وخصوبة الواقع المتجدد والمتغير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.