الخميس خميسكم والتفاهم مشكلة

0 52
كتب: جعفر عباس
.
كانت اللغة العامية من أكبر المشكلات التي واجهتني كمغترب في منطقة الخليج في سنواتي الأولى، فحتى كلمة “دوام” كانت جديدة علينا لأننا في السودان كنا نقول “ساعات العمل (ثم استوردنا من الخليج الدوام والبنشر و”هلا” والفلافل والرياض والدوحة والطائف ومن مصر المعمورة والمنشية، وصرنا “ندق” التلفون) في أول أيامي في مؤسسة الاتحاد للصحافة في أبو ظبي كنت اجالس زميلا من راس الخيمة اسمه عبد الله، في ساعة متأخرة من الليل في انتظار دوران المطابع عندما وضع رأسه على الطاولة وهو يئن فسألته عما به فقال: فيني النودة، فسألته مجددا: هل تريد مني ان اذهب معك الى عيادة؟ فصاح: وش فيك؟ النودة في بلدكم نعمة وللا مرض؟ وفهمت بعدها ان النودة هي النعاس، وذات خميس ذهبت مع عبد الله هذا الى دبي لزيارة صديق لي، على ان أعود معه في سيارته صباح السبت، وفي الموعد المحدد اتصلت بهاتف منزله فرفع السماعة صبي صغير فطلبت منه ان يعطيني عبد الله فقال: عبد الله ما حد، فسألته هل رقمكم كذا وكذا فقال: بلى صحيح، فقلت له وليش تقول عبدالله ما حد؟ فقال: لأنه ما حد، فوضعت السماعة واتصلت بعد نحو ساعة فجاء نفس الصبي وقال: عبدالله راقد، فقلت له: زين خليه يكلمني، فصاح محتجا: وش لون يكلمك هو راقد؟ قلت له: وش المشكلة انه يكلمني هو راقد؟ فصاح مجددا: قبُل قلت لك ما حد وانت بعد تبي تكلمه والحين أقول لك راقد وانت تبي تكلمه، وعرفت لاحقا ان ما حد تعني غير موجود وان راقد تعني نائم.
ويا ويلك لو قلت لتاجر خليجي انك عايز مكوة، فهي عندهم تعني الأرداف، وحكى لي بدوي قطري ان قريتهم كانت سعيدة باستضافة مدرس مصري اسمه عبد الجواد، في مطلع سبعينات القرن الماضي، وذات يوم جاء رجل مصري الى القرية فرحبوا به الى ان قال انه يريد لقاء عبد “القواد” فانهالوا عليه ضربا وهم يصيحون: ما فينا قواد يا ابن الجلب (يقلبون الكاف الى جيم خفيفة والجيم ياء فيقولون دياية لدجاجة) وما كانوا يعرفون بأمر الجيم المصرية.
وحتى داخل السودان هناك مفردات خاصة بكل منطقة ويكون لها معنى آخر في مناطق أخرى، ففي بعض مناطق الغرب يقولون لك: ازرط الحبة ويقصدون “ابلع حبة الدواء”، والكبد عند النوبيين والشايقية هو الباب، أما دول المغرب العربي فلديهم مفردات لا يفهمها اهل المشرق، ولا تقل لمغاربي “يعطيك العافية” لأن العافية عندهم هي النار.
وهكذا قدمت لكم طرف الخيط لتأتوا بغريب المفردات العامية من هنا وهناك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.