الدعامة والطبع الذي يغلب التطبع
كتب: جعفر عباس
.
خلال اليومين الماضيين عاد بعض الدعامة (منسوبو قوات الدعم السريع) الى ممارسات البلطجة الفظة التي كانت ديدنهم في العاصمة المثلثة والسوكي والأبيض وغيرها في الفترة ما بعد ابريل 2019، ففي محطة بترول النيل الواقعة قرب مبنى “كنانة” في الخرطوم تبارى بعض الدعامة في الاعتداء بوحشية على طالب الطب بجامعة الرازي محمد حافظ محمد نور بعد توثيقه بالحبال فقط لأنه طالب بالالتزام ب”الدور” في صف الحصول على وقود، (الصورة) وجزوا شعر رأسه بطريقة فظة، ثم كان ما كان من أمر صفع أحد الدعامة لمقدمة البرامج في الفضائية السودانية حنان عثمان على وجهها في مدخل المبنى، وقبلها تم منع وزير الثقافة والاعلام من دخول المبنى بحجة انه لا يحمل تصريحا بذلك (وبالمناسبة فإن حنان هذه نالت تقديرا مستحقا لأنها كانت الإعلامي الوحيد الذي خاض المياه والوحول على مدى عدة ايام في مناطق مختلفة تعرضت لنكبة الفيضان).
يحدث هذا بينما تسعى قيادة الدعم السريع لشراء السمعة الحسنة بالمال والعطايا للأفراد والجماعات، وبتصوير عناصرها كالقوة الوحيدة التي قلبها على البلد بالقيام بمهام الشرطة والمخابرات والجمارك وقوات الجيش، وهو أمر نحسب أنه “مرسوم” من قِبل العسكريين الجالسين في القصر الجمهوري، والذين يعملون على المكشوف لإجهاض الفترة الانتقالية، ربما لتحقيق حلم البرهان الذي قال في لقاء تلفزيوني ان والده رأى في المنام انه سيحكم السودان.
بادرت قيادة الدعم السريع بالاعتذار لأسرتي حنان عثمان ومحمد حافظ، وهو أمر يشكرون عليه ولكنه لا يكفي، فمعلوم ان الدعم السريع كان في ظل حكم البشير قوة ضاربة غير خاضعة للمحاسبة، وأن معظم عناصرها التي لا تعرف من امر العسكرية غير اطلاق النار، ولم يعرف السودان عبر تاريخه قوة عسكرية سوى الدعم السريع تمارس الضرب والتنكيل بالناس في الشوارع كما فعلت قوات الدعم السريع خلال الفترة التي حسب خلالها قائدها السيد محمد حمدان دقلو (حميدتي) أنه وريث عرش البشير بالتقاسم مع السيد عبد الفتاح البرهان.
ويلعب حميدتي الآن في جوبا دور حمامة السلام وسبقته اليها ثلاث طائرات محملة بالمؤن (وعليها لافتات تفيد بأنها من “مكتبه” بينما هي حقيقة كما جميع الأموال التي يبذلها تخص الشعب)، وليته يكرس وقته وجهده لترويض قواته بدلا من الشكوى بانها تتعرض للشيطنة، فقد تشيطنت بأفعال عناصرها الفالتة، وشئنا أم أبينا فقد أصبحت قوات الدعم السريع رقما صعبا في معادلة السلطة في البلاد بقوة السلاح، ونقول لحميدتي ان الزعامة التي يحلم بها لن تتحقق إلا باختفاء الدعم السريع كقوة مستقلة ذات قيادة عائلية وذات ولاء عائلي وتنصهر العناصر المنضبطة منها في القوات النظامية، ولن يجدي ان تمثل تلك القوات دور “الحنيِّن” خلال الكوارث الطبيعية ثم يمارس بعض افرادها ضلالهم القديم، فالطبع يغلب التطبع.