الزواج زمان والآن

0 45
كتب: جعفر عباس
.
حصنت نفسي خلال المرحلة الجامعية ضد الحب والهجر (الشاكوش) لأنني كنت اعتقد ان الحب ينبغي ان ينتهي بالزواج، بينما لم يكن الزواج واردا في أجندتي لأن تفكيري كان ينحصر في دخول الحياة العملية، ورد الدين لأسرتي خاصة وان شقيقي عابدين قطع دراسته ليعننا انا ومحجوب على مواصلة الدراسة الجامعية، ثم وجدت نفسي معلما للإنجليزية في مدارس للبنات، ولفتت انتباهي بنت هادئة وإنجليزيتها ممتازة فانهارت انظمتي الدفاعية وسألتها: هل تقبلينني بعلا او بغلا؟ فصاحت: حبابك وقت جيتنا الليلة كايسنا يا حارسنا وفارسنا، وكان قدمها قدم خير ففور اتفاق الطرفين على الزواج فزت بمنحة دراسية في بريطانيا فصار راتبي في السودان يتراكم في البنك، وتمكنت من شراء شيلة لندنية (لم ألتزم فيها بنظام عدد القطع المتسق فمن هذا 7 قطع ومن تلك 5 ومن صنف ثالث عشرة، وحشرت وسط الملابس طقم أكواب عصير ملون يجنن، وابريقين – برادين شاي ستينلس استيل وكان موضة جديدة وقتها)، ولأنني كنت وما زلت ارفض الفشخرة التي تصاحب تقديم شيلة العروس فقد غافلت أهلي وحملت شنطتين ضخمتين بتاكسي وذهبت الى العروس وقلت لها: مبروك عريس الغفلة.
تركت لسعيدة الحظ أمر ميزانية الزواج فكنت أعطيها شهريا مبلغا معينا على ان تقول لي “عووك” عندما تحس اننا بلغنا النصاب اللازم للزواج، واكتملت ميزانية الزواج خلال سنة واحدة وتزوجنا ثم رزقنا بعيال أربعة ويسر الله أمورنا، وعبر السنين صارت الطالبة الهادئة تلك هي المديرة وانا التلميذ المشاغب، وهكذا حال المرأة تتمسْكن حتى تتمكّن.
ما حال شباب اليوم الراغبين في الزواج؟ هل انتهى عصر “نبني عشنا قشة قشة يا عشة”؟ وهل يقبل مدير كبير ان يتقدم لبنته زميلها في الجامعة قائلا إنه يبحث عن عمل ويريد الارتباط بها ليتعاونا في ترتيب متطلبات الزواج لما ربنا “يسهِّل” (والد زوجتي كان مديرا لمؤسسة ضخمة ولكنه أدرك انني “عريس لقطة”)، في ظل ظروفنا الراهنة فإن الشروع في الزواج لغالبية الشباب شروع في الانتحار المعنوي!! وكلك نظر ومفهومية، وعموما البنت قبل الزواج فرس – عيني باردة؛ وبعد الزواج تحتاج لاستئصال ضرس العقل والزائدة الدودية والمرارة واللوزتين، وهناك الرجيم: للنساء ثقافة عالية في مجال السعرات الحرارية: ترى الواحدة منهن دبة في يناير ثم دودة على عودة في ابريل، وكل ذلك بالفلوس المتلتلة، ثم ظهرت موضة الجيم (gym) بين بنات المدن فينفقن الملايين على الرشاقة، ويا رجل إذا كانت زوجتك تذهب الى الجيم فامنعها لأنها تذهب الى هناك بوصفها عندها دساتير تجعلها تمارس رقصة اسمها الزومبا، فهل تقبل ان تزمبب زوجتك؟ وإذا قبلت “زمبك على جنبك”.
إذا مد الله في أيامي سأخوض الانتخابات الرئاسية ولو فزت سأجعل الزواج كتامي في مكاتب رسمية بمهر رمزي، ويتبادل الطرفان هدايا بسيطة ثم ينكشحان الى بيت معلوم يعيشا فيه ببلاش ل6 اشهر، ومن يخالف التعليمات “نسيبتو ومرتو طلقانة لأني حالف باليمين أعز شباب أهلي”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.