السودانيون يدفعون فاتورة الإرهاب مرتين
كتبت: أسماء الحسيني
.
يقضي المواطن السوداني يومه في طوابير طويلة مؤلمة حتى يحصل على رغيف العيش أو لتر البنزين أو بضع جنيهات من ماكينة الصرف الفوري، وقد ينتهي به الطابور إلى مخبز بلا خبز أو محطة وقود نضب فيها الجازولين أو ما كينة صرف تحولت إلى كتلة صماء فارغة.
من المؤسف أن هذا المشهد غير المقبول الذي يضرب ملايين السودانيين كل صباح ومساء، يأتي في وقت تتشدق فيه واشنطن بدعم الديمقراطية والتحول الذي جرى في السودان بثورته العظيمة.
من المهم التذكير بأن من أوصل الشعب السودان إلى هذا المشهد السريالي البائس، هو ذلك النظام الأيديولوجي، الذي سطا على الحكم عبر انقلاب الجبهة الإسلامية 1989، وهو الأمر الذي عصف بالسودان، وأحدث تغييرات درامية سلبية لم يكن للشعب السوداني فيها أي دخل أو خيار، وفي الحقيقة أن الشعب السوداني كان يرفض تلك السياسات، وقاومها منذ أول لحظة بأشكال متعددة.
لقد فتح نظام الجبهة الإسلامية السودان لكل من هب ودب، فدخلت السودان عناصر صنفت بأنها إسلامية إرهابي ضالعة في صراعات دولية معقدة، والمؤكد أن تلك السياسات جرت تحت أعين أجهزة الاستخبارات الدولية والأمريكية التي كانت تدعم التنظيمات الإرهابية في صراعها مع الاتحاد السوفيتي آنذاك.
لقد دفع الشعب السوداني فاتورة الإرهاب مرتين، مرة حين غلب على أمره أثناء حكم الجبهة الإسلامية 30 عاما، عانى خلالها وحرم فيها حقوقه وموارده، ومرة ثانية حينما يعاقب اليوم بدفع تعويضات عن جرائم هو بريء منها، وبدلا من مكافأته على ثورته على نظام كانت تتهمه بدعم الإرهاب، فإن واشنطن تقتطع مئات الملايين من لقمة عيش السودانيين.