الفاشلــــــــــــون _ عندما يحيق المكر السيئ بأهلـــــــــــــــــه!
كتب: آدَمْ أجْــــــــــــــرَىْ
.
إن كان البرهان يشير إلى الفاشلين فى خطابه، نرى أن منظومة قحت لابد أن تكون على رأسهم، وقد أشارالسيد: حمدوك فى خطابه إلى حالة التباين والاختلاف والاستقطاب السياسى والتمترس التنظيمى، وحثها على ضرورة الترفع عن الصغائر وإلى إبتكار آليات فاعلة ومنتجة لإدارة الإختلاف.
أنها تتلقى هذه الصفعات مع تآكل رصيدها الشعبى، ومغادرة كبار ربانها قاربها، فباتت فى وضع لا يحسد عليه.
كل البلد دارفور وغيرها، شعارات تمكنت بها من حصد التأييد وبناء الوحدة الوطنية المؤقتة، التى ستشرع فى نقضها بإتفاق مكوناتها على إجراء تآمرى تتخلص به من الجبهة الثورية، بأغلاق أبواب الإجتماعات فى وجه قادتها، ووسيط دولى رتب إجتماعاً لهما فى أديس أبابا، عقدا إتفاقاً نص على إدخال تعديلات فى الوثيقة الدستورية، فضاعت الأوراق قبل وصولها مطار الخرطوم. وأصحاب قضايا أخرى تواصلوا مع نفس الوسيط، كى يترافع لهم أمامها، وفى قمة غرورها أبان التفاوض مع المجلس العسكرى لم تتردد فى تذكيره أن البلد بلدها ولا شأن للوسطاء به!
حصلت على سلطات تنفيذية تشريعية وقضائية وتمتعت بشعبية لم يحظ بمثلها كيان سياسى من قبل، وبدلاً عن تحويلها إلى قوة لإستقطاب المزيد، أقبلت على تفكيكها، كيف؟
عوضاً عن تسهيل عملية السلام، أقبلت على تعكير أجواءها لأن بعض مكوناتها لا تحتاج – حالياً – الى وجود منافسين لها.
المجلس التشريعى الذى سيمتص لها الكثير من التفاعلات الشعبية إعتبرته خصماً عليها وخميرة عكننة لا تحتاج إليها.
الولاة المدنيون يفترض أنهم مناسبة لجلب الرضا وبعض الانفراج، فمارست بهم وصاية على الأقاليم فإنفتحت عليها كوة أتت إليها بلفحة من مرجل صراع المركز والهامش.
القوة بيدها فأمسكت عن تفكيك الدولة العميقة بها وإكتفت بسبها ولعنها بسواقط الكلم.
وفى ملف السلام تغض الطرف عن قصورها، فتشير إلى تعنت الحركات المسلحة المضطرة إلى الصبر على سقطاتها التى لا تنتهى.
أنها غير قادرة على المحافظة على القوة، فإشتغلت فى السياسة بدلاً عن الإدارة، وعجلت إستدعاء الصراعات بين مكوناتها القلقة على مصائرها.
لقد أضاعت الثورة، أهدرت طاقاتها، أضاعت تضحيات شبابها، وأبقت على الدولة كياناً هشاً يستحيل معها تفادى الوصاية وتحرير القرار. إلى اليوم – بعد أربعين سنة من كامب ديفيد- فإن بعض مكوناتها غير قادرة على التعافى من رهاب السلام مع إسرائيل، ولا الفكاك من القيد الفلسطينى خشية مواجهة ردود أفعال محتملة – غير مرئية حالياً – وحالة الناطق الرسمى بإسم الخارجية المقال خير مثال، وهذا ما أفقد قحت أهليتها للتعامل مع مثل هذه الملفات وها هى تعالج بعيداً عنها.
لقد أعتمرت لباساً يكبرها، والوصاية قائمة طالما أنها لم تبرح طور النشوء، فاشلة وفى حاجة إلى من يعتنى بدولتها – المانحون والمتبرعون- ولا نعتقد أنها قادرة على الخروج منها طوال الفترة الانتقالية. وها هى تتلقى الصفعات ولا تملك إلا إمتصاصها بذلة.
لن تفلح فى الإستقواء بثقل جماهير حركات الكفاح المسلح، لأنها لم تقدم: (سبتاً تلقى به أحداً) وإن عادت إلى الشارع، ستجده شارعاً مختلفاً، فى حارة أخرى. هكذا ستمضى الأمور من السيئ إلى الأسوأ طوال المدة المتبقية – ما لم تغير منهجها من جذرها – لن تصب نجاحاً ولو بالقدر الذى يحفظ لها ماء وجهها، وقد حق وصفها بجوقة الفاشلين.