القراي ومايكل أنجلو والجهل النشط!

0 90
كتب: منعم سليمان
.
الهجمة التي يقودها تجار الدين وجماعات الهوس الديني من سدنة النظام الإرهابي، الذين كسدت تجارتهم الدينية بفضل ثورة ديسمبر الظافرة، ضد البروفيسور عمر القراي، مدير المركز القومي للمناهج، هي حملة سياسية بامتياز، يتم فيها استغلال الدين بدغدغة مشاعر البسطاء والكذب عليهم وتخويفهم بأن هناك خطراً يتهدد دينهم ودين أولادهم وبناتهم الصغار من طلاب وطالبات المدارس، وهذا الخطر يوجد بالمناهج الدراسية الجديدة!
وبالطبع ولإضفاء المزيد من الحبكة لتقوية الرواية الهزيلة، وخداع جمهور البسطاء، كان لابد من حشر شيء غير مألوف لديهم، على أن تكون له دلالة غير إسلامية، حتى تتم عملية الخداع، وكان هذا الشيء هو اسم الفنان “مايكل أنجلو” وهو مهندس وشاعر ونحات وفنان يعتبر أحد أعظم فناني عصر النهضة الذي نهض بالقارة الأوروبية بأكملها، والذي اختارت لجنة المناهج لوحة من لوحاته بهدف تنمية الخيال وترقية الذوق والحس الإنساني والفني لدى الطلاب والطالبات، ضحايا ثقافة العنف والتجييش بكتب “الإنسان والكون” وما شابهها من كتب صفراء، لا تضيف للعقل إلا خبالاً ووبالاً، وقد ساءني كثيراً في السابق وتألمت غاية الألم وأنا أقرأ في كتاب من كتب النحو التي كانت تدرس في المرحلة الابتدائية إبان العهد البائد، أن عبيد هي جمع التكسير لعبد، هكذا كان يدمر الباكي الكذوب فوق منبره ورهطه أبناء وبنات هذا الوطن، ويلقنهم الكراهية والعنصرية وسوء الأدب وهم في زغب طفولتهم، أبرياء على سجيتهم وفطرتهم التي خلقهم بها الله، لا يفرقون بين الناس باللون أو العرق أو الدين!
وبالأمس تلقيت اتصالاً هاتفياً من أحد القراء الأكارم وهو يسأل عن “مايكل أنجلو” وهل هو من الكفار، فسألته عن مصدر هذا الحديث فأجابني أنه قد سمعه من خطيب مسجد الحي، وأجبته بان “مايكل أنجلو” فنان، لا هو مسلم ولا هو كافر، وأن الكافر هو من يكفر بالفن والإبداع، لأن الله هو المبدع الأول وقد تفنن في خلق هذا الكون، والبديع أحد أسمائه الحسنى.
كتبت الكلام – أعلاه- أمس على صفحتي بـ”الفيسبوك”، قبل أن تصل تهديدات الذبح إلى الدكتور القراي، وهي نتيجة متوقعة لحملات التحريض والتكفير باسم الدين المفترى عليه، وارتباط الرماح والسيوف بالمصاحف للوصول إلى السلطة ارتباطاً أزلياً استخدمه دهاقنة السياسة بداية من معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ضد سيدنا علي، وكذلك الترابي وعلي عثمان محمد طه للتخلص من الأستاذ محمود محمد طه، وحتى محمد الغزالي ومحمد عمارة للتخلص من المفكر المصري البارز فرج فودة والتي انتهت باغتياله على يد شباب متطرفين تحت تأثير حملة التحريض عليه والتي كان شعارها (الله غايتنا والقرآن دستورنا)، أنى يؤفكون !
أثناء محاكمة قتلة فرج فودة سأل القاضي القتلة عن سبب قتله، فردوا قائلين لأنه ينشر كتباً تدعو إلى الكفر والإلحاد، فسألهم: وهل قرأتم كتبه؟ فأجابوا بالنفي بل اتضح أن أحدهم لا يقرأ ولا يكتب!
في بيئة الجهل وحدها وفي ظل سوء نوعية التعليم ينبت التطرف ويستشري التكفير، فيصبح القراي الذي يريد أن يرتقي بالعقول هادماً للدين يجب هدر دمه ويصير “مايكل أنجلو” كافراً يستوجب الدعاء والقتل!
أيها الباكي الكذوب إن مايكل أنجلو قد توفي قبل خمسة قرون فأبكي حالك المزري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.