النار ولعت !

0 87
كتب: زهير السراج
* رغم التحذيرات المتكررة عن خطورة الوضع الصحي والتقديرات العالمية بانتشار وباء الكورونا على نطاق واسع في أفريقيا والسودان في الايام والأسابيع القادمة، لا يزال البعض يستهتر بالوضع ويخالف اجراءات الوقاية والارشادات الصحية وحالة الطوارئ الصحية وحظر التجوال المفروضين في البلاد معرضين أنفسهم وغيرهم والبلاد بأكملها للخطر الداهم الذى يطاردنا !
* حسب الدراسات العلمية والتجارب السابقة في مجال الاوبئة فإن عدد الإصابات غير المكتشفة تكون في العادة (10 ) أضعاف الإصابات المكتشفة، خاصة في الدول التي تفتقد لقواعد الصحة العامة وتعانى من الفقر وسوء التغذية والامراض المعدية، وبما أن عدد الحالات المؤكدة في السودان قد تجاوز (400 ) حالة، فإن العدد الحقيقي للإصابات لا يقل عن (4000 ) حالة تستطيع نقل المرض لأكثر من (8000 ) شخصا (مريض الكورونا ينقل العدوى لشخصين على الأقل)، وبالتالي فإن عدد الإصابات الحقيقي في السودان يمكن أن يصل في منتصف او نهاية شهر مايو الى حوالى (10000 ) بخصم حالات الشفاء والوفاة، وهو ما تنبأت به الدراسة التي أعدها مركز النماذج الرياضية بكلية لندن للصحة العامة وامراض المناطق الحارة قبل شهرين، وسخر منها عدد كبير من الناس، ولم يتركوا كلمة او نكتة للتندر منها والإساءة لمن قام بها ومن نشرها !
* ومن المؤسف ان يسهم عدد من أئمة المساجد الذين يفترض أن يكونوا أهل العلم والدراية الذين ينصحون ويعلمون الآخرين في تمرد البعض على أوامر الدولة وقراراتها وإرشاداتها لحماية البلاد من خطر الوباء، ويستغلوا تسامحها وعدم استخدامها للسلطة لتنفيذ قراراتها، بالإصرار على إقامة صلاة الجماعة في المساجد رغم الادلة الشرعية الواضحة والفتاوى الدينية الكثيرة التي صدرت وأجازت وقف الصلاة الجماعية الى حين تحسن الظروف الصحية، ولقد كانت المملكة العربية السعودية معقل الحرمين الشريفين أول من أوقف الصلاة في المساجد وهو دليل كاف ليحذوا حذوها الآخرون إلا أن البعض رفضوا لأغراض سياسية أو فهم ديني قاصر الامتثال للقرار، وظلوا يحرضون الناس على مداومة الصلاة في المساجد والتمرد على قرارات الدولة، الأمر الذى أدى لحدوث خلافات ومعارك نجم عن أحدها وقوع قتيل وإصابة آخرين في إحدى المساجد بمدينة الثورة بأم درمان، وتفشِى حالة من العداء لدرجة ان البعض حمل السيوف والخناجر وهدد بقتل من يمنعه الصلاة في المسجد، بالإضافة الى ما يمكن أن تؤدى إليه الصلاة الجماعية في المساجد من سرعة تفشى وانتشار الوباء وهو ما حدث بالفعل!
* كانت حجة المتمردين هي وجود صفوف للرغيف وغيره، فلماذا يمُنع المواطنون من الصلاة في المساجد وهى حجة خاطئة، فلقد فات عليهم أن تزاحم الناس على رغيف الخبز أكثر مدعاة لغلق المساجد لتخفيف الضرر، وليس العكس .. وذلك لجواز إقامة الصلاة في المنازل !
* بالإضافة الى ذلك، أسهم التساهل الغريب للدولة في التعامل مع المخالفين لأوامر الطوارئ وحظر التجوال، في حالة التسيب الكبيرة التي تنتشر وسط قطاعات واسعة من المواطنين واستهتارهم بإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي، ومن الغريب أن تتساهل الدولة مع المواطنين المخالفين لأوامر حظر التجوال بينما تعتدى الشرطة على الاطباء وغيرهم من المهنيين الذين يؤدون أعمالا لا تحتمل التوقف في نقاط التفتيش وهم في الطريق من والى أعمالهم!
كما استغل البعض توقف دولاب العمل وصاروا يتجمعون داخل الأحياء للثرثرة والتنقل بين المنازل وممارسة كافة الانشطة الاجتماعية في أريحية كاملة، بدون أدنى تفكير فيما يمكن أن يؤدى إليه هذا السلوك المتخلف من نشر الوباء وفقدان الأرواح وتحميل النظام الصحي عبئا لا يستطيع أن يتحمله لهشاشته، فضلا عن إمكانياتنا الضعيفة ومواردنا الفقيرة والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي نعيشها.
* نفس هؤلاء الأشخاص إذا واجه قريب لهم ظرفا صحيا صعبا ولم يحصل على الرعاية الطبية اللازمة، تجدهم يصرخون بأعلى الصوت ويوجهون اللوم والإساءات للدولة ووزارة الصحة، ويمكن ان يجر الوضع الى الاعتداء على الاطباء والكوادر الطبية الأخرى كما يحدث في كثير من الأحيان.!
* الآن (النار ولعت) ولم يعد لدينا سوى خيارين فقط … إما الحظر الكامل لفترة لا تقل عن اسبوع مع التطبيق الصارم له، يتم بعده تقييم الموقف واتخاذ القرار الجديد .. أو الانهيار الكامل !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.