الوحدة الأفريقية علي أساس الفلسفة والفن والجمال “25”

نقد عَقْلانيَّة الألون: أشيل ميمبي

0 83

ترجمة: كارم عبدالله اسحق

.

 

المنظر الكاميروني- لمابعد الاستعمار أشيل ميمبي * أماط اللَثام عن انتقادات إمنويل كانط باعتبارة مصاباً بعمي الألون، ويحدد أصول العبودية في الرأسمالية . العبودية و العنصرية يعتمدان علي بعضهما البعض و لا يترجعان مُطْلَقًا بسبب تَفَشَّي الليبرالية الجديدة.

منذ بضعة أشهر تَوَفَّي أول سناتور أمريكي أسود مُنْتَخَب بحرية. كان إدوارد بروك يبلغ من العمر خمسة و تسعين عامًا و قَدَّرَ الرئيس بارك أوباما باعتبارها ممهد الطريق للسياسيين السود الآخرين بما في ذلك نفسه. ولد إدوارد بروك عام 1920 و من المحتمل أن ترعرع مع صعود و اشنطن فيلبس والذي استقبلة بين 1927 و 1929 حفنة من غوسبل. عَلاَ صوت المخطوفين و المحرومين من حقوقهم و المقتلعين من جذورهم في أمريكا، حيث كان من المأمول أن تساعدهم الصلاة و ربما كان يَسوع أسودًا أيضاً . صيغة الخلاص ل ” المسيح الأسود ” لم تكن موجودة فقط منذ ألبوم دانغلو D’Angelo الحالي و الذي يحمل نفس الأسم- وُلد واشنطن فليبس عام 1880 في أمريكا بعد الحرب الأهلية الأمريكية و الإلغاء الرسمي للعبودية. علي ما يبدو أن الأسم الأول لواشنطن يلزمها أن يحافظ علي الحلم الأمريكي.

يعتقد المتفائلون حالياً في سَبيل الولايات المتحدة الأمريكية مستقبل ما بعد العنصرية ، و بينما يلاحظ المتشائمون أوّلاً أن العنصرية لا تغير سوي أقنعتها. أحَالَ الواقعيون إلي النقاش الهائج حديثاً حول سلطة الشرطة العنصري و التدخل التدريجي وفقاً للون البشرة . ولكن أيضاً صوت الطبقة الوسطي السوداء، والتدابير لمكافحة التمييز و رقَة المشاعر المتزايد للخطاب و التصرف المهين.

الولايات المتحدة الأمريكية لديها مشكلة عنصرية مختلفة عن تلك التي تعاني منها أوروبا و أفريقيا. يتم تحديدة من خلال تاريخ العبودية في المثلث عبر الأطلسي ، والذي لم يتم الاستعانه بمصادر خارجية، و إنما تم تشغيلها و عاني في بلده. أدرك الأمريكيون من أصل أفريقي أنفسهم في الغالب علي أنهم من نَسْلٌ العبيد المختطفين، بينما لايري الأمريكيون البيض أنفسهم في المقام الأول من نَسْلٌ مالكي العبيد. العبودية صَدْمة يترداد صداها في مجتمعات الأمريكيين من أصول أفريقية حتي يومنا هذا. قام مغني موسيقي السول سام دييس Sam Dees الذي سوف يبلغ هذا العام السبعين، حيث لَحَّنَ مقطوعته ” تراث الرجل الأسود ” و التي نُشرت في وقت متأخر جداً من عام 1998 م .

المورد الزنجي:
المؤرخ والعالم السياسي أشيل ميمبي شغل نفسه بهذا الثقل التاريخي. يري ميمبي الذي يُعتبر أحد أبرز منظري ما بعد الاستعمار أن العبودية مثلما في السابق لم يتم التغلب عليها- علي العكس من ذلك سوف تنتشر العنصرية المؤسسية و الإقصاء مرة أخرى في ظل نظام الليبرالية الجديدة المعولمة.
يحتاج المرء إلي التذكير فقط، كيف يتم في واقع الأمر ظروف عمل شبيهة بالعبودية أو كيف يُحرم طالبي اللجوء و اللاجئين من الحقوق الأولية، وبالتالي يموت غريقًا أمام قَلْعَة أوروبا.

إن اللا إنسانية التي تظهرها ترجع أصولها إلي التجارة الاحترافية في ” العبيد الزنوج ” و المزارع و استخراج المعادن من الأرض في المستعمرات. في الحقيقة يكتب ميمبي ” العبيد الزنوج ” و هو متأكد من استخدام كلمة ” الزنوج ” مئات المرات بدون علامات التنصيص. الأمر يتوقف إزَاءَ ذلك، لأن هنا لاشئ جَمَّلَ ، ولكن لزما وصف الخطاب اللا إنساني وفهمه و سوف يتم إعادة تفسير الأشخاص الذين تحولوا إلي ” زنوج ” في نظر مشغليهم علي أنهم مَوَارِد قابِل للتحلّل و الشحن بحراً ، من أجل حضرتك! – علي النقيض من عبودية ما قبل الرأسمالية- لتحقيق الربح. يري ميمبي أن ” الزنجي ” كلمة إسْقاطٌ تعُطي للوهم . ميمبي مثير للإعجاب يُطلق من المصادر الموثوقة لظهور العنصرية في العالم اسم ” نقد العقل الزنجي ” . لذلك يفَسَّرَ ميمبي اختراع الوحش المفاهيمي ” الزنجي ” كوسيلة لخلق اختلاف جوهري يضفي الشرعية علي حكم غير السود علي الآخرين. يري ميمبي التكتل المفارقة حَقير – سَاق الإنتاج عن طريق الاستبعاد . ويخلق رابطة في الجوانب الإجتماعية بالخضوع وكذبة حياة التنوير الغربي. كيف تعلمنا التفريق بين الأسود و الأبيض ، وكيف أصبح الناس زنوج؟

وَصَلَ أوائل السود إلي البرتقال عام 1444 ، و في عام 1619 نَزَلَ إلي البر أول العبيد في الولايات الجنوبية من ( الولايات المتحدة الأمريكية ) عبر المحيط الأطلسي. أوّلاً يبدو إن رِقُّ لا يزال مسألة غامضة، حيث ما قبل العنصرية توفر فَسْحَة بين الحرية و الافتقار للحرية. فوق كل هذا لم يتم التعبير عن الطلاق الوحشي بين البيض و السود بعد . إذن العنصرية للربح و مشروط اقتصادياً تكتسب مَلْمَحٌ سريعًا و تنظم التجريد من الحقوق منهجياً . يمثل العبيد عالمًا منقسمًا إلي جزئين: الأول هو إيمانويل كانط و ” نقد العقل الخالص ” والذي يتظاهر فيه بأنه مصاب بعمي الألون، والثاني حَكَمَ السلب و قانون الأقوي. الأدنوية الأخلاقية لكانط و حقوق الإنسان شئ ما لخطبة يوم الأحد في أوروبا، الاستغلال يحدث خلال أسبوع العمل في المناطق الخارجة عن القانون في المستعمرات.

إنتشار المقاومة:
يؤرخ ميمبي المرحلة الثانية من الخطاب ” الزنجي ” حوالي نهاية القرن الثامن عشر. الأمر لم يتعلق بمعرفة من هو ” الزنجي ” و كيف يفترض أن يتعرف علي ما يميزه عنا أو يمكن للمرء أن يحكمه، وإنما يتعلق الأمر ب اسْتِبْطان خطاب ” الزنجي ” في الوعي الأسود و النتيجة نشوءا صورة ذاتية سوداء ل ” الزنجي ” تتأرجح بين الإنكار و التأكيد علي الأصول الأفريقية ” الزنجية ” . هُوَ يتسائل: ” مَنْ أنا إذا كان مطلوب مني أن أكون زنجياً للآخرين؟ ” فرانز فانون يعطي إجابة سلبية وغاضبة: ” أنا لست أسود كثيراً ، كيف أكون زنجياً . الزنجي ليس إسمي، ولا إسمي الأول ، ناهيك عن طبيعتي و هويتي. مالكوم إكس، والفهد الأسود و العديد من الأوساط الأفرومركزية و الأفرومستقبلية* في بيئة الهيب هوب، وموسيقي السول و الجاز يجعلون من الاختلاف و السواد المنسوب إليهم إلي سلاح.

أشيل ميمبي يدرس اليوم، بعد عدة إقامات في جامعات أمريكية، و في جوهانسبرج. إذاً لديه نظرة حادة إلي درجات متعدد من حدة العنصرية، و أيضاً من خلال تجربة حياته المعولمة.

وفقًا لميمبي فإن المرحلة الثالثة من العنصرية هي المرحلة التي نمر بها الآن، وهي تصور مختلف تماماً في جنوب أفريقيا ما بعد الابارتهيد ( الفصل العنصري ) عن فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية علي سبيل المثال. علاوة علي ذلك ليست تجلي في العنصرية البيولوجية الجديدة فقط ، والتي اِنْدَسَّ من الباب الخلفي لمناقشات الهندسة الوراثية، بل أيضاً مشروط اقتصادياً غير مصاب بعمي الألون و بتقسيم إلي انتهازين متميزين و عمال بدويون أو أشخاص ” فائضين ” و لا حتي المزيد من امتلاك الحق في أن يتم استغلالهم.

كان اختراع ” الزنجي ” نتيجة مظلم، و ناجحاً بهذا المعني . تمايزت استراتيجية العنصرية وتم عولمتها، ولذلك يجب أن تتخذ مقاومة أشكالاً و لغات مختلفة.

الهوامش:
*الأفرو مستقبلية هي فلسفة ثقافية جمالية، و فلسفة علمية و فلسفة التاريخ التي تستكشف التقاطع النامي لثقافة الشتات الأفريقي مع التكنولوجيا. صاغها مارك ديري في عام 1993 و استكشفت في أواخر التسعينيات من خلال المحادثات التي قادها ألوندرا نيلسون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.