انقلاب داخل انقلاب

0 76

كتب جعفر عباس:
عندما وقع انقلاب مايو 1969، قال الشايقي: القيامي (ة) قرَبت، شان سيدي علي مات والدناقلة حكموا البلد، وتذكرت ذلك وأنا رهين المحبس ومشلول الحركة، بسبب الكرونا، وصرت أحسب ان علامات الساعة بدأت في الظهور، فها هو هذا الفيروس الفتاك ينشر الرعب في العالم ويتساوى أمامه ترامب وحسن تُلُّب، وقالوا ان هناك نيزكا ضخما بصدد الارتطام بالأرض مما قد يسبب دمارا وهلاكا على نطاق واسع، وها هو صلاح عبد الخالق يفتي في أمور الحكم والدولة بعد ان حسبنا انه غادر المشهد الذي دخله بليل متسللا، لأنه يعاني من عسر هضم و”حموضة” مزمنة كما توحي تعابير وجهه، ثم كان ما كان من أمر ذلك الأخرق الذي تلفظ في معرض السباب بكلمات تتصل بعورات الأمهات من على منبر مسجد، وتكلم طفل في المهد ينصحنا بشرب الشاي بدون سكر كي نتفادى المرض.
منذ أربعة أسابيع وأخوكم خاضع ذليل (زاد وجدي / ونوم عيني أصبح قليل) بعد ان استولت مسز أباس (حرمنا) على مقاليد الأمور، وكوشت على المزيد من الصلاحيات في غياب وثيقة دستورية تنظم العلاقات بيننا، حتى صرت كالمكون المدني في مجلس السيادة- مجرد ديكور، وتمادت المفترية وأعلنت: هناك حالة طوارئ، لابد من سلطة مركزية، وما في كلام فارغ عن المهمشين، ولو ما عاجبك امشي جوبا وشوف ليك مسار يمكن ربنا يفتحها عليك وتطلع منهم بحاجة.
ولأن ربنا على المفتري ويمهل ولا يهمل، فإن صلاحياتها تلك لم تدم أكثر من أسبوع واحد، لأن لؤي- أصغر أولادي- استولى على السلطة المنزلية كاملة، وطبق علينا الأحكام العرفية والمسيارية، بدرجة أنه لا يسمح لأفراد البيت بالجلوس في نفس الغرفة إلا متباعدين قائلا: social distancing ودي آخرة التعليم الإفرنجي، واتضح انه أكثر تطرفا من أمه، فإذا أمسكت بقلم جاءني حاملا قارورة بها سائل شفاف وقال لي: افتح إيدك عشان انقط ليك فيها كحول!! كحول؟ جايب عرقي في البيت يا… أبوي بلاش غلبة، عرقي وللا مريسة افتح يدك ونظفها كويس، ولما استنكرت أن معظم بنود سياسته القمعية تستهدفني قال لي إن كبار السن هم الأكثر عرضة للمعاناة من تعقيدات الكرونا، ولهذا فإنه يخصني بالتعليمات المشددة، عندئذ كرهت النبوغ المبكر الذي جعل الشيب يشتعل في رأسي قبل الأوان 🤣، وندمت لأنني ظللت أرفض صبغ شعر رأسي، حيث لا ينفع الندم- قاتل الله ذلك الصيني التافه الذي كان أول من نقل فيروس كرونا عن الوطاويط، وقال أبوه عنه (راجع جميع وكالات الأنباء الرصينة) أنه كان يمارس الجنس مع الوطاويط – ولا تسألني: كيف- فنال لقبا عالميا هو المريض زيرو بالكرونا
وإنصافا للديكتاتور الصغير لؤي، فقد اضطلع بمهمة جلب كافة احتياجات البيت من المتاجر متعللا بأنه شاب وبالتالي حتى في حالة إصابته بالكرونا فإن فرص نجاته أكبر من فُرصي بإذن الله، وفور عودته محملا بالسلع الضرورية يجلس في المطبخ ويقوم بتعقيم جميع العلب والقوارير والصناديق التي تحوي تلك السلع ثم يلقي بأكياس البلاستيك التي كانت تحوي تلك الأشياء داخل برميل قمامة مغلق في الخارج.
وبعد ان سمعت بذلك الكجور الكيني الذي أوصى أتباعه بشرب الديتول للقضاء على الفيروس، فمات منهم 69 شخصا هتفت: وصلت ما وصلت صابينها، وقررت عدم الاحتجاج على العيش في ظل نظام قمعي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.