ثـــــــورة ديسمبــــــر بيـــــن العلمـــــانية وحســـن الجــــــوار!

0 63
كتب: آدْمُ أجْــــــــــــــرَىْ
.
سجل التاريخ مزين بوقائع لسياسيين يتخذون من إقليم جبال النوبة موطئ قدم، كل مناضل يفعل ذلك، يجد له أرضية إنطلاق، وبدورها تقدم نموذجاً لسودان مصغرة أكثر تعافياً، الأسباب متعددة والبنية الإجتماعية على رأسها. ليست قبيلة ولا عرقاً بل شعباً وإقليماً ينطبق عليه شروط التعدد. توحيدها أتى بعد عمل مضن، نظمها الإجتماعية أكسبتها صفات الدولة. فصل الدين عن السياسة والحكم، الدين لله والوطن للجميع منهج ترسخ فيها بعيداً عن المزايدات، فيما تدمن دولة المركز مغامراتها الصبيانية. القادة القدامى عندما إتجهوا إلى توحيد الجهود وبناء قضية ضد الطفيلية وأصحاب الإمتيازات التاريخية، رسموا شروطاً لتحقيق ذلك، أولها النأى عن زج الأديان أياً كان نوعها فى شئون الدولة والسياسة، مع ابداء ما تستحقها من الاحترام لها. اليوم ومع التسليم بوجود أقاليم تنطبق عليها الصفات نفسها، والإقرار بأن صلب المسيح أو رفعه إلى السماء لم يتحقق طروجى أو كاونجارو، ولا وحياً نزل فى تينقسى ولا المعيلق. لا وجود لدين ظاهر أو باطن يؤمن أتباعه بمنشأ له على ظهر هذا الكوكب، فالأقلام رفعت عن نصوصها جميعاً وجفت صحفها، فإن جبال النوبة تؤمن، وغيرها يؤمن بعدم توريط دولته فى مأزق عقيدة مرجعيتها ليست فى متناول اليد للإحتكام إليها عند الإختلاف، ولا السقوط فى حبائل فقهاء سلطان يلوون عنقها ويعبثون بها كما يشاءون، وحيث لا مجال للحصول على تحديثات، والأهواء تعصف بها، فأنى لدولة سلمت ذمام أمورها لفقهاء الجاهلية، النجاة فى عالم موشك على الدخول فى تقنية الواقع المعزز؟ الحظ العاثر هو الذى ورّط الإقليم فى دولة فساد محكومة بمنظومة أغبياء، أسيرة أفخاخ سبق أن تجاوزتها منذ أزمان بعيدة. لقد باتت أكثر تقدمية وسوف لن تنقض غزلها من بعد قوة أنكاثاً. هنا يكمن المفترق الحاسم مع ثورة ديسمبر التى شاركت فى صنعها، ستقبل بالمضى مع ثوارها إلى الأمام فقط، أما الإنتكاس والعودة إلى حضن الإنتهازية، فإنها وشبيهاتها الزاهدات ستكون قد فارقتهم، والملتقى القادم سيكون عند حسن الجيرة، وعدم التدخل فى شئون الغير، والإتحاد الأفريقى يجمعهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.