حقنا كامل ما بنجامل

0 97
كتب: جعفر عباس
ظل السياسيون من أصحاب الحلاقيم الكبيرة، ولشهور طوال يهزون المنابر بغزل ناعم في نساء بلادي وبطولاتهن خلال فعاليات ثورة ديسمبر، حتى صارت كلمة كنداكة مرادفة ل”أنثى”، وفي مرحلة ما قبل توزع الغنائم قالوا إن 40% من المناصب التنفيذية العليا ستكون من نصيب المرأة، وعندما جاءت ساعة الحقيقة، انكشفت العقلية التي ترى أن للمرأة واجبات ذات طبيعة “ستاتية”: تعوس وتكوس وتمسح وتطبخ وشكر الله سعيها، وبعدها عليها ان تتمدد وتنام، وخلال الثورة لم تقصر وكانت مكلفة بإطلاق الباسويرد/ كلمة السر “زغرودة” لتنطلق المواكب وهي في قلبها، ومنهن من ردت البمبان الى زبانية البشير، ويرى ديناصورات السياسة في كل ذلك “فعل ماضي ناقص”، وتولوا هم إكمال الفعل في مرحلة تشكيل حكومة الثورة فتقاتلوا وتكالبوا على المناصب، وكان نصيب النساء في مجلس الوزراء أقل من 25%.
وبعد الإطاحة بسبعة وزراء والشروع في اختيار 18 واليا كشّر ديناصورات السياسة عن أنيابهم القبيحة، وبدأوا في التنافس المحموم للفوز بأكبر عدد من المقاعد لأحزابهم المهترئة والتي لولا خيبتها لما تمكن الكيزان من سرقة الحكم والبقاء فيه 30 عاما حسوما، وكان المأمول أن يتم انصاف النساء على مستوى الحكم الولائي، ولكن ما يتوفر من أسانيد وقرائن تؤكد انهن لن يحظين على أحسن الفروض بأكثر من ولايتين، وكأنما ساستنا غير الكرام يقولون: المرأة أصلا “ولِيّة” فما حاجتها لمنصب ولائي.
وحاليا “الشكلة قايمة” في منبر جوبا بين الحكومة والحركات المسلحة حول المناصب، فهذه الحركات والتي لا تمثل ولا 10% من أهل دارفور تريد لقياداتها 30% على الأقل من المناصب في هياكل الحكم، ويقدم الطرف الحكومي الذي يفاوضها وعودا جوفاء ببذل المليارات من الدولارات خلال بضع سنوات لتحويل دارفور الى سويسرا، وحزب الأمة وحده يريد ان يكون نصف (9) الولاة من نصيبه، بينما الحركات المسلحة فعلا، والتي لها وجود على الأرض (مجموعتا عبد الوحد والحلو) بعيدة من مائدة الغنائم في الوقت الحالي وستطالب حتما بنصيب أكبر من أنصبة ما يسمى بالجبهة الثورية ذات السهم الضعيف في ثورة ديسمبر التي أشعلها وقادها حتى النصر شباب عزل الا من إيمان شديد بالفداء وبالوطن، واستلم لواءها ثوريون مدنيون عزل في نيرتتي وكتم وكبكابيه وكلمة ونيالا.
تهميش النساء وإبعادهن عن هياكل الحكم العليا خيانة لعهد الثورة وسرقة لعرقهن ودمائهن، واستخفاف بقدراتهن، والدفاع عن حقوقهن في تنسم الوظائف العليا دفاع عن قيم الثورة، أخذا في الاعتبار أن لنسائنا سجل نظيف في العمل العام، بينما من بين من يتكالبون على المناصب من منطلقات حزبية من هو ملوث حتى النخاع.
لقد بدأ الحديث عن حكومة كفاءات يتراجع لصالح حكومة “كفوات” والكفوة هي المصيبة، وقد خرجت مسيرات 30 يونيو الماضي لتصحيح مسار الحكم وليس لإعادة النظر في تقاسم المناصب، وربما احتاجت ثورتنا لملحق (دور ثاني) لنقل قيادة البلاد الى ثوار أطهار من الجنسين، ويا حواءنا لا مجاملة في حقوقك الكاملة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.