حميدتي والبرهان ينقلان المعركة للإيقاد ،؛ دبلوماسية الفرصة الأخيرة

0 60

تقدير موقف ؛ وحدة الدراسات الأفريقية ؛ مركز تقدم للسياسات
زار قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو للعاصمة اليوغندية كمبالا الأربعاء 27 ديسمبر, في اول ظهور علني له خارج السودان منذ بدء الحرب في 15 ابريل الماضي , وقال فور وصوله ” لا زلنا متمسكين بمخرجات قمة رؤساء الإيقاد التي انعقدت في جيبوتي، وسنمضي في تنفيذ ما التزمنا به من أجل إنهاء الحرب ورفع المعاناة واستعادة الأمن والاستقرار” . والتقى برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد،الخميس28 ديسمبر , في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا , حيث ذكر بيان صادر من مكتب ابي احمد أن اللقاء جاء للتباحث حول تأمين السلام والاستقرار في السودان .
واشارت المصادر المرافقة للوفد ان قائد قوات الدعم السريع سيزور السعودية ، وسيختتم جولته بزيارة كينيا ولقاء الرئيس روتو .
تترافق هذه الحركة الدبلوماسية لقائد الدعم السريع مع عدد من التطورات اللافتة :
-من المتوقع ان يلتقي حميدتي خلال زيارته بقادة منظمة الايقاد و برئيس تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية “تقدم” الدكتور عبدالله حمدوك ؛ رئيس الوزراء السابق بعد ان اعلن قائد الدعم السريع في وقت سابق قبول دعوته للتشاور حول سبل انهاء الحرب.
-أعلنت وزارة الخارجية السودانية عن موافقة الفريق أول عبدالفتاح البرهان رسميا للقاء قائد الدعم السريع وفق مبادرة منظمة الايقاد , وانها تلقت مذكرة من وزارة الخارجية الجيبوتية، رئيس دورة إيقاد ، تُفيد بعدم تمكن قائد قوات الدعم السريع “المتمردة” من الوصول إلى جيبوتي لعقد اللقاء، الذي كان مقرراً غداً الخميس 28 ديسمبر ” لأسباب فنية” وسيتم التنسيق مجدداً لعقد اللقاء خلال شهر يناير المقبل .
-تزايد الاستعدادات العسكرية داخل حركات مسار سلام جوبا “مناوي وجبريل” من خلال استدعائهم لقوات من المعسكرات التدريبية داخل إرتريا ومواصلة الحشد الاثني من تشاد وعملية التسليح , في ظل ارهاصات قوية باقتراب ساعة المواجهة المسلحة مع قوات الدعم السريع .
– يقوم الجيش بتسليح واسع لمواطني ولايتي نهر النيل والولاية الشمالية وكسلا والبحر الأحمر في استجابة انتقائية لخطاب الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي بتسليح المواطنين , وتحت مسمى المقاومة الشعبية المسلحة ، وينشط عناصر النظام القديم في تعبئة المواطنين ضد الدعم السريع .
– طلبت وزارة الخارجية المصرية من جميع مواطنيها المتواجدين في السودان بكافة الولايات، بما في ذلك التي لم تطالها الاشتباكات المسلحة، بسرعة مغادرة السودان، وعدم سفر أي من المواطنين المصريين إلى السودان في المرحلة الحالية تحت أي ظرف حفاظاً على سلامتهم .
– دعت وزارة الخارجية التركية مواطنيها بتجنب السفر إلى السودان باستثناء الحالات الضرورية للغاية بسبب تدهور الوضع الأمني فيه.
تحليل:
لقاء الجنرالين “البرهان و حميدتي” يأتي كاستجابة لمبادرة قمة منظمة الإيقاد الاستثنائية حول السودان في مطلع ديسمبر, والتي رفضت من قبل الحكومة السودانية بعد تحفظها علي بيان القمة الختامي , تجديد البرهان التزامه باللقاء غير المؤكد، يمكن قراءته من زاوية اخرى وهي التفوق العسكري للدعم السريع في الميدان , خصوصا بعد سيطرتهم علي ولاية الجزيرة واستعدادهم للتمدد في الوسط والولايات الشمالية والشرقية , حتي الان , لم يتم تحديد موعد اللقاء بشكل قاطع , وذلك لطبيعة خطط طرفي الصراع , فالدعم السريع يخشي ان يكون اللقاء تكتيكي من الجيش لكسب الزمن وتحضير الميدان عبر اطراف جديدة في الحرب ” الحركات ودول الجوار” ولاستكمال تعبئته العسكرية وسط حواضنه الاجتماعية , ولحل أزمة تعدد مراكز القوة وتباين مصالحها داخل المؤسسة العسكرية وحاضنتها السياسية “الإسلاميين” , خصوصا بعد التفوق العسكري للدعم وتهديده لمركز السلطة العسكرية والاقتصادية في الوسط والشمال , أما الدعم السريع , فهو مثقل بعبء الإدارة المدنية في مناطق سيطرته ومن تجاوزات وانتهاكات افراده التي وضعته أمام انتقاد حلفاءه في قوي الحرية والتغيير ومساءلات المجتمع الدولي والمنظمات , الامر الذي فرض عليه قبول دعوة اللقاء لكسب الأطراف الخارجية والداخلية علي الرغم من قناعاته المسبقة بعدم توفر إرادة الحوار والسلام لدي قيادة الجيش وحلفائه من عناصر النظام القديم الإسلامية . وتفيد بعض المصادر باشتراط البرهان انسحاب الدعم السريع من ولاية الجزيرة مقابل لقائه حميدتي ، كشرط تعجيزي ينقذه من تحدي التزامات اللقاء ومغبة رد فعل شركائه الإسلاميين. تنشط دوائر إقليمية محلية عديدة من أجل إنجاح لقاء الجنرالين وجعله مدخل لوقف اطلاق النار وذلك من خلال ترتيبات فنية تحتاج لمزيد من الوقت لتأمين نجاحه ,
خلاصة:
على الرغم من إعلان طرفي الصراع استعدادهم للقاء , إلا أن جميع المؤشرات تدل علي استمرار الخيار الحسم العسكري , وأن السودان مقبل علي دورة حرب جديدة قد تكون الأعنف نتيجة لمشاركة أطراف جديدة في الحرب إلى جانب الجيش , الحركات المسلحة والكيانات الاجتماعية , ومع مخططات الدعم السريع لفتح جبهات قتالية جديدة في شرق السودان وشماله والتي تعتبر حواضن الإسلاميين ومناطق مصالح تاريخية لدول الجوار ,مما قد يستقطب اطراف إقليمية , وتضع قوات الدعم السريع في حرب مركبة , ذات طبيعة اجتماعية معقدة وعقدية متطرفة , وإقليمية في منطقة مضطربة سياسيا ؛ في الشرق “إرتريا وإثيوبيا ومصر “وهشاشة أمنية في الغرب “تشاد و أفريقيا الوسطي”, بعد أن كانت محصورة بينه وبين إسلاميي المؤسسة العسكرية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.