حوار البرهان ولقمان!
كتب: عثمان ميرغني
.
شاهدت مساء أمس جزءا من الحوار الذي أجراه الأستاذ لقمان أحمد مع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي.. و طوال الوقت كان يدور في خلدي سؤال واحد.. يجعل متابعة الحوار واجباً مرهقاً وثقيلاً..
القيادة السودانية بشقيها ومستوياتها، في المجلس السيادي رئيسه وأعضائه، أو في مجلس الوزراء رئيسه ووزرائه، عندما يخاطبون الشعب من خلال الحوارات الاعلامية أو كفاحا في المنابر الجماهيرية المفتوحة.. هل يقصدون هدفا محددا؟ هل لديهم رسالة بعينها أم أن الأمر كلام وابتسام والسلام؟
بعبارة أخرى!
إلى أي مدى تعبر الكلمات والتصريحات عن الحقيقة كماهي لا كما يراد لها أن تظهر ؟
وللتوضيح أكثر..
هل الحوارات أو المخاطبات الجماهيرية تدعم وترفع مناسيب الثقة بين الحكومة والشعب؟ أم هي مسؤولة عن مزيد من احساس الشعب بغياب الشفافية ؟
البرهان قال أنه أطلع كل من زعيم حزب الأمة القومي السيد الصادق المهدي وحزب البعث السيد على الريح السنهوري على خطوات الحكومة في ملف اتفاق السلام مع اسرائيل ، وأنهما لم يعترضا واشترط المهدي عرض الأمر على المجلس التشريعي الذي هو في رحم الغيب.
ربما ينقسم الشعب بين مصدق للبرهان ومصدق لرواية السنهوري بأن شيئا من ذلك لم يحدث، لكن المحصلة ان الخطاب المفتوح ضخ مزيدا من “عدم الثقة” والشعور الشعبي بأن البلاد ليست في أيد امينة، طالما أنه لابد من أن يكون هناك قيادي واحد على الأقل لا يقدم معلومات صحيحة!
لو كنت مكان الرئيس البرهان في حواره التلفزيوني لما أضعت دقيقة واحدة في “حدوتة” التطبيع، فهي أمر انتهى ورفعت أوراقه، وتسلم السودان صكا رسميا من الرئيس دونالد ترمب برفع اسمه من قائمة الارهاب، وأصبح الأمر في ذمة التاريخ.. وتبقى بعد ذلك القضية الأهم التي كان من الواجب أن يخاطبها البرهان – بدلا من اثارة الغبار حول مصداقية القيادات الحزبية الأخرى- ما بعد اتفاق السلام مع اسرائيل؟ ثم ماذا بعد هذا؟
الغالبية الكاسحة من الشعب السوداني أبدت رأيا صريحاً من خلال وسائط التواصل الاجتماعي وحسمت قرارها بالموافقة – بل دعم – قرار تطبيع العلاقات مع اسرائيل، ولم تعد الحكومة في رأسها السيادي ولا الوزاري في حاجة لبذل مجهود لاقناع الشعب بالأمر.. لكن الفيل الذي في الغرفة وينتظر الجميع هو الوضع الاقتصادي..
بكل أسف؛ الشعب ربط بصورة سافرة بين التطبيع ورفع الأوزار الاقتصادية عن السودان، بل اعتبر الشعب السوداني القرار الأمريكي برفع اسم السودان من قائمة الارهاب ضمن فاتورة التطبيع.. والآن ينتظر الثمن.. هل تظل الأوضاع سيئة على ماهي عليه؟ أم تزداد سوءا؟
هو فهم خاطئ لكنها الحقيقة التي كان يفترض أن يتولاها الخطاب الحكومي بالمعالجة، لأن الردة النفسية الشعبية عندما يكتشف أن الوضع ازداد قتامة سيكون كارثيا بكل المقاييس.
من الحكمة ان تدرس الحكومة خطابها العام جيدا قبل أن تواجه الشعب في مثل هذه اللقاءات المفتوحة..