دبرصيون جبرميكائيل الرجل الذي يقف في قلب الصراع في تيغراي إثيوبيا

0 119
رصد ــ السودان نت

 

مقاتل سابق في حرب العصابات اعتاد التشويش على شبكة اتصالات القوات الإثيوبية، إنه دبرصيون جبرميكائيل الذي يقود المعركة الآن ضد حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد للسيطرة على منطقة تيغراي الشمالية التي توصف بأنها “رحم” الأمة.

ويقود دبرصيون الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي (تي بي إل إف)، الحزب الذي يسيطر على تيغراي، والذي اختلف بشكل كبير مع آبي.

وهوالآن متزوج ولديه طفل صغير، وكان دبرصيون قد قطع دراسته في جامعة أديس أبابا في السبعينيات للانضمام إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في حربها التي استمرت 17 عاما ضد نظام الحاكم الماركسي منغستو هيلا مريام.

ثم أصبح وزيرا في الحكومة بعد هزيمة النظام الماركسي واستبداله بتحالف أحزاب تهيمن عليه الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إلى أن تولى آبي السلطة في عام 2018.

وقال أليمايهو غيزهيجن صديقه المقرب ورفيقه إنه بعد أن أكملا تدريبهما العسكري في التضاريس الوعرة والجبلية في تيغراي، وبالنظر إلى المهارات الفنية لرفيقه، اقترح على قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي أن ينسب دبرصيون إلى “الوحدة الفنية” .

وكان ذلك بالنسبة لأليمايهو هو المكان المنطقي لدبرصيون، فقد كان ذكيا ولكنه متحفظ، وهو “فتى مدينة” ترعرع في مدينة شيرالتي التي أصبحت الآن تحت سيطرة القوات الفيدرالية الأمر الذي يمثل ضربة كبيرة لقائد التيغراي.

“صنع مصباحا من الخردة”
ينتمي زعيم تيغراي إلى عائلة مسيحية أرثوذكسية، وقد أطلق عليه اسم دبرصيون، ويعني جبل صهيون، في حين أن اسمه الثاني هو اسم والده جبرميكائيل، أي خادم القديس ميكائيل.

ويتذكر أليمايهو قائلا: “عندما كان في المدرسة الابتدائية، كان يجمع البطاريات القديمة وأجهزة الراديو والمعدات الكهربائية ويقوم بإصلاحها، وعندما لم يكن لدى أحد في بلدتنا الطاقة الكهربائية صنع لنفسه مصباحا من الخردة”.

وكان دبرصيون قد برع في “الوحدة الفنية” التابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي حيث لعب دورا حيويا في تطوير القدرات الاستخباراتية حتى تتمكن الجبهة الشعبية من التنصت على محادثات الجيش الإثيوبي والتشويش على اتصالاته اللاسلكية.

وقال أليمايهو: “لقد ساعدنا ذلك في تحقيق النصر لأن مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي كانوا يعرفون تحركات العدو مسبقا، ولأن الجيش الإثيوبي كان يتعرض للتشويش، فلم تتمكن قواته من التواصل مع بعضها البعض عندما تتعرض للهجوم”.

وسافر دبرصيون إلى إيطاليا بجواز سفر مزور، لتطوير مهاراته بشكل أكبر، وعاد لتأسيس أول محطة إذاعية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي باسم ديمتسي وياني، والتي تعني صوت الثورة.

كاد أن يلقى حتفه”

وذكر مقاتل آخر من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ويدعى ميشو جبركيدان أنهم اعتادوا الذهاب إلى الجبال ليلا لتركيب الهوائيات عندما تكون فرص اكتشافهم من قبل جواسيس الحكومة ضئيلة.

وقال ميشو:”ذات ليلة انزلق، وكنت أنا ورفيق آخر من أنقذ حياته، كنت أفكر دائما أنه إذا حدث ذلك فهل كانت ستظهر تلك الإذاعة؟”.

وتعد إذاعة صوت الثورة الآن جزءا من مجموعة إعلامية متعددة اللغات والمنصات ومقرها في ميكيلي عاصمة تيغراي، وهي تبث بيانات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي حول مواجهتها العسكرية مع الحكومة الفيدرالية.

وقد بثت المحطة الإعلامية انتقادات حادة لآبي أحمد، ومع بدء الصراع تعرضت للتشويش، لكن صوت الثورة عادت على الهواء في اليوم التالي.

منافس آبي أحمد على منصب رئيس الوزراء

بدا أن دبرصيون وآبي صديقان في بداية فترة تولي الأخير رئاسة الوزراء في عام 2018، حتى أن زعيم تيغراي رتب ترحيبا حارا برئيس الوزراء في ميكيلي.

وقال آبي في عام 2018: “تيغراي هي مكان يطهى فيه تاريخ بلدنا، فهي المنطقة التي تعرض فيها الغزاة الأجانب (ومن بينهم الإيطاليون والمصريون) للهزيمة والإحراج. وفي إثيوبيا الحديثة، إنها رحم إثيوبيا”. ومن جانبه، أشاد دبرصيون بمبادرة رئيس الوزراء للسلام مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لإنهاء حالة “اللاحرب واللاسلم” التي كانت قائمة بين البلدين منذ نهاية نزاعهما الحدودي بين عامي 1998و2000.

وقال دبرصيون عندما تمت الموافقة على الاتفاق: “سافر آبي إلى إريتريا والتقى بأسياس، كان هذا مستحيلا لسنوات عديدة، إنها اتفاقية كبيرة لأنها ستوفر فرصة هائلة للبلاد”.

لكن يبدو أن استعراض الصداقة هذا قد أخفى التوترات التي كانت تختمر بين الرجلين.

فقد كان لدى دبرصيون طموحات أن يكون رئيسا للوزراء وخسر أمام آبي أحمد في منافسة جرت عام 2018 داخل الائتلاف الحاكم.

وقال دبرصيون لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في عام 2019: “قلت له: أنت غير ناضج،أنت لست المرشح المناسب”.

لكن هزيمة دبرصيون لم تكن مفاجأة، حيث أصبحت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي مرادفة للقمع والفساد خلال 27 عاما كانت خلالها هي القوة السياسية المهيمنة في البلاد.

وتختلف الآراء حول أداء دبرصيون عندما كان يعمل في الحكومة.

احتكار الاتصالات
ويقول منتقدوه إنه عندما كان نائب رئيس مكتب المخابرات في التسعينيات كان له دور فعال في التجسس على شخصيات المعارضة والمساعدة في سحق المنشقين.

لكن أنصاره يركزون على حقيقة أنه قام بتحويل البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية في إثيوبيا عندما تولى الوزارة حيث شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وأطلق مشاريع ضخمة لتوسيع تغطية الهاتف المحمول في جميع أنحاء إثيوبيا، بالرغم من احتفاظ الدولة باحتكارها لهذه الصناعة وتعرض شركة الاتصالات لانتقادات بسبب قطع الإنترنت بهدف الحد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وقال خبير السياسة العامة ديد ديستا الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له: “لقد قاد معظم مشروعات البنية التحتية للطاقة والاتصالات”.

وأضاف قائلا: “كانت حديقة تكنولوجيا المعلومات الموجودة الآن في أديس أبابا فكرته، ويمكن العثور على بصماته في العديد من المشاريع المملوكة للدولة”.

ويشمل ذلك بناء سد النهضة الإثيوبي الذي يقع الآن في قلب التوترات الدبلوماسية مع تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن مصر قد “تفجره”.

واختلفت سبل الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ورئيس الوزراء عندما قام آبي أحمد بحل الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، التحالف الحاكم لأحزاب قائمة على أساس عرقي، لإطلاق حزب الازدهار في عام 2019، بحجة أن ذلك سيساعد في توحيد البلاد.

ورفضت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الانضمام لحزب الازدهار بحجة أن الطبيعة الفيدرالية لإثيوبيا كانت سبيلا أفضل لإدارة الانقسامات العرقية العميقة في البلاد.

وعاد دبرصيون إلى تيغراي حيث ينظر إليه على أنه إصلاحي، وسمح لأربعة أحزاب سياسية جديدة بخوض الانتخابات الإقليمية التي أجريت في سبتمبر/أيلول الماضي في تحد للحكومة الفيدرالية.

وكثيرا ما كان يقول: “بابي مفتوح للجميع”.

وفي بيان آخر شائع لدبرصيون يقول: “نريد التنمية وليس الحرب”.

“هذه الحرب لعنة”
لكنه الآن يجد نفسه في قلب نزاع قيل إنه قتل مئات الأشخاص وأجبر أكثر من 30 ألف شخص على الفرار إلى السودان المجاور وألحق أضرارا بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الطرق والمباني، في منطقة بها أعلى مستويات الفقر في إثيوبيا، وفقا للأمم المتحدة.

وقال ديد: “إن دبرصيون يعتبر هذه الحرب لعنة”.

لكنه أضاف أنه يتوقع أن تقاوم جبهة تحرير تيغراي بشدة محاولات آبي لتأسيس إدارة جديدة في الإقليم.

وتابع ديد قائلا: ” إن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي خاضت الحرب ضد إريتريا، والنضال ضد النظام الماركسي، لذلك فإن لديهم خبرة كافية. وبحكم طبيعتها، تحتاج الحرب إلى إرادة الشعب للقتال وهو ما يوجد في تيغراي مما يزيد من احتمال نشوب صراع طويل”.

ومع ذلك، فإن أبي واثق أيضا من قدرته على هزيمة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وتقديم دبرصيون، الذي يواجه تهم الخيانة والتمرد على الدستور، إلى العدالة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.